| محليــات
في الخاطرة السابقة تحدثت للقراء الأفاضل عن أن العرب الاسبان كانوا قطعاً ضمن أوائل الهجرات الأوروبية للأمريكيتين, وذكرتُ أن المهاجر ( كنسالس الفارس) الذي يعتقد أنه من أصل عربي قد بنى بيتاً في سانت أوغسطين )St. Augustine( الواقعة على الشاطئ الشرقي لولاية فلوريدا في أمريكا فاعتبره الأمريكان أول بيت بني في الولايات المتحدة فخصصوه لزيارة السواح وباتوا يفتخرون به.
هذا اليوم سنبحث في مسألة مشاركة العرب في اكتشاف أمريكا وربما ننفض الغبار عن دورهم الذي أهمله التاريخ.
لعل الشائع فيما تنقله كُتُب التاريخ الغربية أن مكتشف أمريكا هوكولمبوس )Columbs( وهذه المعلومة نظراً لغياب التأثير العربي في تسجيل المعلومة التاريخية الصحيحة أو لاستبداد المؤرخين الغرب في صنعه باتت هي المعلومة السائدة إلى وقت قريب.
بيد أن ما تكشَّف مؤخراً من معلومات جديدة في مسألة اكتشاف أمريكا أن كولمبوس بحملته لم يكن المكتشف الأول لها فقد سبقه ثمانية بحارة عرب استعان بتجربتهم في تحقيق ذلك.
فقد ذكر أوكنر )O'Cunner( في كتابه (تاريخ الجالية العربية الأمريكية 1984) وكذلك الأورفالي )Orfalea( في كتابه (فتح في تاريخ العرب الأمريكان في 1988م) أن كولمبوس مكتشف أمريكا قد استمد فكرة رحلته من واقع رحلة قام بها ثمانية بحارة عرب ابحروا من لشبونة في البرتغال وحطوا في أمريكا الجنوبية، وذكرا أن الخولي في كتابه (المسلمون العرب في الولايات المتحدة الأمريكية 1966م) أفاد بأن هذه الرحلة نشر أخبارها العربي (الإدريسي) حيث تم اكتشاف هذه الحقيقة من قبل أحد زوار الاحتفال الذي أقيم بمناسبة مرور 500 عام على وفاة كولمبوس حيث شاهد هذا الزائر كتاب الإدريسي وخارطته المشهورة باللغة العربية ضمن الموجودات في المعرض.
ولعل مايثبت ذلك ما يشير إليه أيضاً كل من أوكنر والأورفلي في كتابيهما بأن كولمبوس قد اصطحب معه في رحلته لاكتشاف أمريكا مترجماً أسبانياً عربي الاصل بعد أن حوّل ديانته للمسيحيّة وسمى نفسه لويس دو توري )LOUIS DE TORRE( .
نقول لعل هذه المعلومات تؤكد وتصحح المعلومة التاريخية أن كولمبوس ليس هو المكتشف الأول لأمريكا وأنه قد استفاد من كتاب وخرائط الإدريسي والدليل على ذلك أنه استعان بمترجم يعرف العربيّة، كما أنه يحتمل أنه كان معه بحارة عرب فعلاً في نفس الجملة ونترك لأساتذة التاريخ العرب البحث والتقصي لإثبات هذه الحقائق.
واستمر التواجد العربي المبكر في ولايات امريكا بعد ذلك ويذكر أورفلي أن عائلة في شمال كارولينا في أمريكا تدعى وهاب )Wahab( تعرف أن أجدادها الجزائريين وصلوا إلى أمريكا في سفينة وصلت محطمة عام 1779م, كما أشار إلى أن هناك وقائع تؤكد وجود العرب في ولايتي كارولينا الشمالية والجنوبيّة, يدل على ذلك أن برلمان ولاية جنوب كارولينا، قرر معاملة السكان من أصل مغربي )Moors( التابعين لامبراطور المغرب يجب أن يحاكموا طبقاً لقانون الولاية المطبق على المدنيين وليس القانون المطبق على العبيد السود مما يدل على تواجد أعداد من العرب في الولاية.
ولعل الملاحظ أن بواكير الهجرات العربية إلى أمريكا كانت من الطائفة المسيحية في أغلبها حيث كان المسلمون يترددون في قرار السفر إلى أمريكا فيما أسموه (بلد الكفر) فقد ذكرت الباحثة عايدة حسّان في مقالتها في سويت كارتز )Suite Cards( حول التواجد العربي في أمريكا (الجزء الثاني نشر في 8 ابريل عام 2000م).
بأن امرأة عربية عجوز ذكرت أن والدها خطط مع بعض أصدقائه العرب المسيحيين للسفر إلى أمريكا عام 1885 ميلادية واشترى تذكرة السفر على الباخرة ولكنه قبل إبحارها سأل القبطان عما إذا يوجد في أمريكا مساجد فلما أجابه بالنفي غادر والدها السفينة.
إن تلكم خواطر حول بعض المعلومات عن هجرة العرب الباكرة إلى أمريكا ولعل ثمة من يتقصى من المؤرخين العرب المزيد من ذلك كي يظهروا دورهم البارز في صنع الأمة الأمريكية ومن أجل أن يساهم ذلك في دعم وجودهم ولغتهم وفخرهم بأصولهم.
والله ولي التوفيق
* أورلاندو الولايات المتحدة
|
|
|
|
|