|
| الاقتصادية
خطوة جبارة قامت بها وزارة الزراعة والمياه متمثلة بالقيام بانشاء مختبرات بيطرية على مستوى راق تكون دعامة قوية لنهضة قطاع الثروة الحيوانية بالمملكة وعضداً متيناً للمشاريع الحيوانية العملاقة ومعينةً على اجراء بحوث شمولية لمختلف الأمراض البيطرية، مما يشكل أساساً سليماً للقضاء مستقبلاً على الأمراض الوبائية وكذلك الأمراض المشتركة (التي تصيب الإنسان والحيوان كمرض الحمى المالطية Brucellosis ومرض الكَلِب Rabis،,, الخ).
رصدت لهذه المختبرات ميزانية ضخمة تحت مسمى مشروع تطوير وتجهيز المختبرات البيطرية ، فكان أن قام البناء في عدد من مناطق المملكة، بناء في ظاهره جميل، وضعت فيه أحدث وأرقى الأجهزة المخبرية بكميات حسدتها عليها حتى بعض المختبرات التابعة لبعض القطاعات الأكاديمية إلى هنا والأمر يشكر عليه القائمون، ولكن يأتي الأمر الأهم ألا وهو العنصر البشري، فقد تم جلب أخصائيين لبعض (لا لكل) التخصصات من بعض الدول العربية والصديقة، وذلك كان ختام المسك للقائمين على هذا المشروع, إلى هنا ولا يعدو الأمر أيها المسؤولون الكرام ان يكون لبنةً في بناء وبذرة تحتاج إلى رواء.
إن الأمر الطبيعي حدوثه، ان تقوم الوزارة والمديريات الدائرة في فلكها، باختيار أطباء بيطريين ومساعدين مهرة إن لم يكن من الممكن استحداث وظائف جديدة على ان يكونوا مرافقين وملازمين للأخصائيين المتعاقدين لعدد من السنوات لا تقل عن 3 5 سنوات ثم يتم بعد ذلك الاعتماد عليهم كليا كل في مجال تخصصه الذي ارتآه، لكن الذي حدث أمرٌ يدمي القلب السليم، حيث قد مرت سنون ثمان منذ إنشاء المختبرات، ضاعت فيها فرصة العمر على اطباء ومساعدين سعوديين كان من الممكن ان تُضخ في دمائهم خبرات أولئك المتعاقدين بأدنى مجهود وبأبخس الأثمان, ويا ليت الأمر قد اقتصر على ذلك، بل انه حتى الأخصائيون المتعاقدون لم يسلموا من تردي الأوضاع، حيث قد تم الاستغناء عن بعضهم ولم يتم تعويض البعض الآخر ممن قد انتهت مُدَدُهم، فأضحت أقسامهم ترنو إلى نافخ نار (ومنظر النار شيء مألوف في المختبرات) وأجهزتهم قد أصابها الشلل من عدم الاستعمال.
إن المختبرات جلها إن لم يكن كلها قد تقلصت اقسامها إلى قسم واحد فقط وفي احسن الأحوال إلى قسمين (بكتيريا وفيروسات)، ومع ذلك فحتى هذين القسمين قد تمر عليهما مددٌ طويلة وأبوابهما موصدة وأجهزتهما معطلة نظراً لطول الفترة الزمنية التي تمضي من ذهاب متعاقد ومجيء آخر بدلاً عنه.
إن أصحاب المشاريع الحيوانية يريدون من هذه المختبرات تشخيصاً متكاملاً ودقيقاً، إذا ما احتاجت قطعانهم علاجا من أمراض وبائية، وحيث أن المختبرات لم توجد أصلاً إلا من أجل تحقيق هذا الهدف، لذا فإنني في هذه العجالة أتمنى على مسؤولي الثروة الحيوانية بالوزارة والقائمين على المختبرات البيطرية تحديداً النظر بعين الاعتبار إلى ما يلي:
1 يجب تفعيل كافة اقسام المختبرات لتعمل كوحدة متكاملة، وذلك بجلب اخصائيين متعاقدين وألا يتم ترحيل أحدهم قبل مجيء آخر لئلا تتعطل أعمال التشخيص في هذا القسم، ويصبح تشخيص المختبر النهائي عملاً مبتوراً لا طائل وراءه.
2 جلب جميع المواد والمحاليل الكيميائية اللازمة للتشخيص وقبل نفاد الكمية الموجودة سابقا.
3 إن وجود أخصائي دواجن بالمختبرات لهو امر تستدعيه مصلحة التشخيص في هذا الجانب سرعة ودقة.
4 انني أتمنى على معالي الوزير وهو دكتور فاضل النظر في موضوع تخير نماذج وطنية مشرفة من اطباء ومساعدين وارسالهم في دورات متخصصة ان لم تكن خارج المملكة، فلا أقل من الاستفادة من كلية الطب البيطري والثروة الحيوانية بالأحساء (وهي تحتضن كفاءات عالمية في بعض الأقسام مثل قسم الفيروسات)، على ان يعطي المرشح تفرغاً تاماً ولمدة عامين متتاليين، يُلازم فيها أحد الأخصائيين, إن هذا الأمر لو تم,, فإنه سيكون إن شاء الله عوناً على سعودة هذا المجال الحيوي وهذا لاشك مطلب وهدف يسعد الجميع.
5 المشاريع الحيوانية العملاقة (الصافي، المراعي، ,,,,) يجب ان تكون لها مساهمة ملموسة في التنمية الوطنية وذلك كأن تقوم بابتعاث اعداد محدودة من الأطباء على حسابها إلى الخارج في دورات مكثفة، وان تساهم في دعم المختبرات من خلال دعم (اقتطاع) مالي سنوي.
إن ما ذكر آنفاً لا يعد بحال من الأحوال قدحا أو انتقاصا من قدرات وزارة الزراعة تلك الوزارة العريقة فمشاريعها العملاقة المنتشرة في جميع ارجاء المملكة لدليل ساطع على قوة هذا الكيان الشامخ وكفاءة القائمين عليه، واما أمر المختبرات فإننا لن نعدم للوزارة عذراً إذ أن هذا المجال يعد حديثا نسبيا، ولمّا ترسخ الأقدام بعد، ولكن بحكمة القائمين عليه وتقبلهم للنقد الهادف سيكون لهذا القطاع في المنظور القريب دوره المرتقب وستتحقق له مكانته اللائقة به.
د, إبراهيم عبدالرحمن صالح الملحم الأحساء
|
|
|
|
|
