| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
منذ أمد بعيد لم اتنقل في واحاتك ولعل مشاغل الحياة أخذت مني مآخذها وآلت عليَّ أن اعقب على بعض المواضيع الجيدة التي تطرح في جريدتنا الغراء,, ويبدو ان حماس التخصص بعد دبلوم الخدمة الاجتماعية الذي حصلنا عليه مؤخراً جعلتني أمعن الفكر في مقالة الدكتور زيد الروماني حيث تناول الخدمة الاجتماعية من منظور العمل الخيري ولعل هذا المنظور بشكله المتعارف عليه والذي جبلنا عليه كمسلمين منظور تكاثرت عليه الأيدي طرقاً علماً بأنه منظور ممزوج في فطرتنا ومستمد من شريعتنا وصلاتنا ومسؤولياتنا الدينية فمن منا لا يقدم الصدقة او الزكاة او مساعدة الآخرين بعيداً عن تعمقه في هذا العمل على أنه خدمة اجتماعية ذات منهاج مدروس,.
ولكن لماذا لا نطرق باب الخدمة الاجتماعية الذي نحتاجه ولا نعترف به وهو دراسة الحالة من جميع النواحي والتعرف على العوامل والدوافع التي أدت الى قضية او مشكلة معينة وهذا النوع من التخصص نحتاجه في جميع المؤسسات والمدارس وفي كل منشأة تحوي نفوساً بشرية معرضة للمشاكل والمصائب والتقلبات وتحتاج الى منهاج الخدمة الاجتماعية الذي يتناول قضيتها ويدرس دوافعها ويساهم في حلها لم يعد الناس بحاجة الى من يطعمهم بقدر حاجتهم لمن يعلمهم كيف يحصلون على هذا الطعام,, لم يعد الناس يحتاجون مبالغ من المال تدفع اليهم بين حين وآخر بقدر حاجتهم الى من يساهم في حل مشاكلهم التي تمنعهم من الحصول على هذا المال بطريقته المشروعة.
ثم انني في كثير من المؤسسات الاجتماعية التي زرتها لا اجد الاخصائية الاجتماعية التي من المفترض انها صاحبة الدور الأساسي في مثل هذه المؤسسات وفي كثير من المؤسسات الاجتماعية التي ترعى ذوي الظروف الخاصة تكون علاقة الاخصائية بالطالبات علاقة مهنية بحتة لا تحتاج اليها الطالبة فهي تعاني منها في مدرستها وترغب ان تجد الصدر الحاني الذي يحوي جل متاعبها ويجيب على اسئلتها,, بل انها لا تعطي الفرصة في تكوين شخصيتها حتى تخرج للمجتمع واثقة شامخة لاتهزها العبارات المتوقعة او التساؤلات المريبة,, ان علاقة الاخصائية الاجتماعية في المؤسسات التي ترعى ذوي الظروف الخاصة علاقة جامدة وسلبية ولا تؤهل الطالبة للخروج الى المجتمع ومواجهة الصعوبات.
ايضاً تعاني الخدمة الاجتماعية في السجون معاناة رهيبة فهي لا تجد مكانها هناك والنظام المتبع انفاذ العقوبة الشرعية فحسب دون أي التفاتة لظروف ودوافع المحكوم او المحكومة,, لتخرج وتعيد الكرة ألف مرة فهي مازالت كما هي بما تحمله من مشاكل ودوافع اجرامية تحت ظل الظروف القاسية.
وعن دور المسنين وما أدراك ما دور المسنين هي مكان لا يختلف عن السجن كثيرا سوى خلوه من القضايا والعقوبات,, يساهم مساهمة فاعلة في عقوق الوالدين ولا مجال للخدمة الاجتماعية بأن تقوم بدورها على الاطلاق تنام الأم النزيلة دون مبالاة بالوقت فهي لا تعرف الايام من هذا المكان المختلف عن بيئة منزلها ولا تمنح الفرصة بالشعور الصادق حتى في الاعياد,, تعيش الروتين القاتل وتنتظر ببطء مرور السنوات وزحف الأيام,, هل تدخلت الخدمة الاجتماعية في هذه الكسيرة وعرفت مشاكلها وساهمت في عودتها الى بيئتها الطبيعية أجزم بأن هذا لم يحدث ولن يحدث ابداً في ظل عدم اعترافنا بدور الخدمة الاجتماعية الإيجابي الذي نحتاجه بقوة وبحزم,, لسنا بحاجة الى من يطعمنا او يهبنا مالا,, اننا نحتاج لمن يساندنا ويمنحنا الثقة بالنفس والقدرة على مواجهة الحياة تحت منهج مدروس وآليات مناسبة,, وعن مؤسسات المعاقين يا قلب لا تحزن مشروع تسمين فقط لا غير,, حينما تصاب الأسرة بالاحباطات وعدم القدرة على تحمل طفلها المعاق يرمى في مؤسسة خاصة في رعاية المعاقين ولا يلاحظ عليه في مثل هذه المؤسسات إلا ارتفاع الوزن بصورة رهيبة,, هل قامت الخدمة الاجتماعية بدورها في تأهيل الأهل على قبول هذا الطفل واعادته الى بيئته لتساهم جنبا الى جنب مع المؤسسة في تأهيله وتقبله لإعاقته وتهيئته لمواجهة المجتمع,, كيف يتم ذلك في ظل تخلي الأهلي عنه وابعادهم له عن محيطهم كيف يقبل المجتمع من لم يقبله أهله.
آوه,, أقولها بعمق للعاملين في هذا المجال إما أن تكونوا في حجم المسؤولية أو تتنحوا فورا عن العمل.
فوزية ناصر النعيم باحثة اجتماعية مديرة مركز التدريب المستمر وخدمة المجتمع النسائي بالقصيم ورئيسة المركز الإعلامي بلجنة القصيم النسائية
|
|
|
|
|