| شرفات
هرول رجل واسع العينين على طول الشارع لمدينة سان فرنسيسكو الصغيرة، وهو يلوّح بزجاجة تحوي غبار الذهب ويصرخ قائلاً: ذهب! ذهب! ذهب من النهر الأمريكي .
كان ذلك في الخامس عشر من أيار 1848، وسرعان ماعبق الجو بالجنون ذلك الجنون الذي أخذ يزداد ويزداد مع ازدياد حمّى الذهب هرع الناس إلى المناجم، بعضهم على عربات، وبعضهم على ظهور الخيل، وبعضهم على عكازين وكان ذلك أعظم هجوم نحو الذهب، والذي رفع من الازدهار الهائل لكاليفورنيا بطريقة تشبه انطلاق الصاروخ كما رفع أمريكا إلى مستوى قوة عالمية.
انتشر جنون حمى الذهب كالنار في الهشيم، وحضر الناس من كل انحاء العالم على أمل الفوز بثروة سريعة, بعضهم نجح لكن الغالبية الساحقة أحرزت إما القليل وإما لاشيء وبصورة عامة نجح الشعب الأمريكي بصورة هائلة.
لكن الحادثة التاريخية وقعت في 24 كانون الثاني 1848، في أثناء بناء منجرة خشب على ارض يملكها رجل أعمال غني يدعى جون سوطر الذي هاجر إلى أمريكا من سويسرا, وكان جيمس مارشال مسؤولاً عن العمل جنوبي النهر، على مقربة من قلعة سوطر، التي كانت بمنزلة بيته، اكتشف مارشال الذهب في الماء أدى اكتشافه هذا إلى لحظة مصيرية، إذ كانت الحرب مشتعلة بين الولايات المتحدة والمكسيك وحدث الاكتشاف قبل أسبوع واحد بالضبط من احراز الولايات المتحدة لكاليفورنيا من المكسيك بصفة رسمية بموجب معاهدة السلام بينهما، ودون أن يكون لدى أمريكا أي علم بحظها وطلب جون سوطر من موظفيه أن يقسموا للحفاظ على السر، لكن بدون جدوى وسرت الشائعات في كل انحاء سان فرنسيسكو بسبب ثرثرة أحد رجال سوطر، وازداد الهجوم أكثر فأكثر لدى اكتشاف قطع من الذهب يزيد وزن الواحدة منها على عشرة كيلوات لقد عانى سوطر الكثير ممن اقتحموا أرضه وتوفي قبل أن تعوض عليه الحكومة أما مارشال المكتشف الأصلي فلم يمنح سوى تقاعد ضئيل، وأقيم له تمثال بعد وفاته كتعبير عن الشكر من كاليفورنيا فكانت سنة 1852 أضخم السنوات وأغناها عند اكتشاف ماقيمته 81 مليون دولار من الذهب وبنهاية القرن فاق مجموع ما اكتشف من الذهب ألف مليون دولار.
* عن مجلة عالم المعرفة والمعلومات
|
|
|
|
|