| متابعة
*قام بها: د, عدنان عبد الحميد القرشي ود, عبدالله خلف العسّاف
مقدمة
وهي القاعة السادسة في المتحف الوطني من حيث الترتيب، وتبلغ مساحتها /900 متر مربع، وتمثل فترة الدولة السعودية الاولى في عهد الإمام محمد بن سعود، وتطور مدينة الدرعية، والحياة الاجتماعية فيها إلى نهاية الدرعية، كما تتناول الدولة السعودية الثانية التي نشأت على يد الإمام تركي بن عبدالله، وما تم فيها من إنجازات، وكذلك دور الرحالة الأوربيين الذين زاروا الرياض والحياة الاجتماعية فيها في تلك الفترة.
تفصيل لأبرز محتويات هذه القاعة
1 يوجد في بداية هذه القاعة ثلاث لوحات جدارية تتحدث الأولى عن بداية اسرة آل سعود، وتشير الثانية إلى انتشار الدولة السعودية في نجد، أما اللوحة الثالثة فهي خريطة تمثل انتشار الدولة العثمانية في الوطن العربي.
إن جميع المعروضات في هذا الموقع تؤكد أن الدولة السعودية الأولى تأسست في العام/ 850ه 1446م بفضل مانع المريدي أحد أجداد آل سعود، وقد أدت مواهب الداعية الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وقدراته إلى ظهور الحركة الإصلاحية التي نتج عنها بيعة شرعية تمثلت في الاتفاق الذي تم بين الإمام محمد بن سعود حاكم الدرعية، والشيخ محمد بن عبدالوهاب حيث أدى ذلك إلى تحولات بعيدة المدى في مجتمع الجزيرة العربية.
وفي القاعة لوحات تعبر عن الاتجاه الإسلامي للدولة السعودية بدءاً بدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب, ويمكن للزائر وهو يمر بهذا المكان من القاعة أن يسمع صوتاً يتلو رسالة الأمير محمد بن سعود إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب من أجل نشر الإسلام بعقيدة صحيحة.
لقد أراد الشيخ محمد بن عبدالوهاب العودة بالعقيدة الإسلامية إلى اصولها الصافية، فألف كتابه التوحيد , وفي نجد بدأ دعوته لمحاربة البدع والخرافات والشركيات، وحث المسلمين على العودة إلى النقاء في الإسلام الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام، وسار عليه سلف الأمة.
وكانت حركته الإصلاحية تقوم على أساس التوحيد، وعلى نبذ البدع، وكل ما يشوب العقيدة، وعلى التقيد بنصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية، واتباع منهج السلف الصالح.
2 ويوجد في هذا الموقع المتقدم من القاعة بعض النماذج للخرافات التي كانت منتشرة في نجد مثل: أحجبة الجلد والقماش، وأشكال من الخرز، وطاسة، وكتابات تتحدث عن كرامات الأولياء، وتعويذة.
3 يلي ذلك لوحة حائطية لمدينة الدرعية، ثم مجسم لمدينة الدرعية زرع تحت البلاط، فنمط معماري آخر للمدينة نفسها.
وتشير الوثائق، والمعروضات المختلفة في هذا الوقع من القاعة إلى أن الدرعية نشأت في عام /850ه 1446م حين نزل فيها مانع المريدي وعائلته، وذريته من بعده, وهؤلاء هم أجداد آل سعود الذين اتخذوا من الدرعية فيما بعد عاصمة للدولة السعودية الأولى.
وخلال القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين ، توسعت الدرعية وتحولت إلى منطقة عامرة بالسكان، والزراعة، والنشاط التجاري، والاقتصادي.
وتطورت الدرعية في مابعد أكثر بين عامي /1157 و1221ه حين انطلق جنود التوحيد من الدرعية حاملين رسالة الإصلاح إلى جميع أنحاء الجزيرة العربية، مما جعلها تصبح أقوى مدينة عرفتها نجد في تاريخها, ومع النجاح العسكري الذي تحقق لآل سعود تدفقت الثروة وتقاطر التجار على أسواقها، كما أصبحت مركزاً للعلم يؤمه الطلاب من كافة أرجاء الجزيرة العربية, وقد اشتهر أئمتها بالحزم والعدل، وتمكنوا من استئصال شأفة الخارجين عن الطاعة والنظام ممن عهدتهم الصحراء، واستطاع التجار والحجاج والرعاة مزاولة أعمالهم بأمان وطمأنينة.
كما أصبحت الدرعية مركزاً هاماً لتحصيل العلم والتعليم الديني وتدريس مبادئ الدين الإسلامي الخالص, وتذكر إحدى الوثائق أنه وُجد في الدرعية سبعة وعشرون مسجداً يعج بحلقات الدراسة، وثلاثون مدرسة, ومن أبرز الأئمة الذين اشتهروا بالحزم، والتقوى، والاستقامة الإمام الأول محمد بن سعود الذي تميز بعدله وذكائه، وابنه الإمام عبدالعزيز الذي خلفه في العام/ 1179ه 1765م.
3 وقد وضعت في هذا الموقع من القاعة بعض المعروضات التي تعود إلى الدولة السعودية الأولى، من أبرزها:
سيف ذو نصل نحاسي مذهب أحد طرفيه حاد، وكذلك مصحف شريف مخطوط باليد.
مكاييل، وموازين مختلفة الأشكال، وعملات متنوعة تعود إلى الفترة من 1287 و1283ه.
كتابة بخط أسود على عظم، وثلاث مخطوطات لابن غنام، وكتابا التوحيد، وكشف الشبهات للشيخ محمد عبدالوهاب، ومحبرة خشبية مزخرفة.
بندقية فتيل خشبية، وسيف، وترس من الجلد، ودرع واق من الحديد.
5 يقابل ذلك معروضات أخرى تمثل حملات الدولة السعودية، واتساعها وانتشراها بعد أن قويت شأفتها، ووطدت الإسلام في نجد, لقد أصبحت هذه الدولة الفتية تتطلع إلى الخارج لنشر الدعوة الإصلاحية, فجردت حملات عسكرية أدت إلى ضم الطائف في العام /1217ه 1802م، ودخول الإمام سعود إلى مكة دون قتال مرتدياً، ورجاله ملابس الإحرام بعد عام واحد من دخول الطائف، ثم ضُمّت المدينة المنورة، وشمال الحجاز بحيث بلغت الدولة السعودية الأولى أوسع مدى لها, وكل ذلك كان مدعوماً بجيش قوي تجاوز/ 100000رجل مقاتل في أوج قوّة الدولة.
ومن تلك المعروضات:
أسلحة مختلفة الأشكال، وجارب للرصاص، وسيوف، وبنادق استُخدمت أثناء حملات الدولة الأولى.
لوحة جدارية مكتوبة عن القوات العثمانية بقيادة إبراهيم باشا.
لوحة تتضمن صورة لآخر أئمة الدولة السعودية الأولى.
لوحة للإمام عبدالله بن سعود.
معروضات أخرى، مثل أحجار نارية من الكبريت، ووثائق متنوعة عن تدمير الرياض.
6 حصار الدرعية، وتدميرها:
يلي ذلك غرفة بشاشة كبيرة تعرض فيلماً تعبيرياً يصور موقعة الدرعية، ونهاية الدولة السعودية الأولى.
ففي العام/ 1233ه 1818م قام إبراهيم باشا على رأس جيش كبير هدفه تدمير الدولة السعودية الأولى، وتدمير الدرعية، والاستيلاء عليها، وعلى ما حولها بعد أن أصبحت تشكل خطراً عليه, وبعد حصار دام ستة أشهر سقطت الدرعية، واستسلم الإمام عبدالله, وأعقب ذلك مذبحة رهيبة لسكان البلدة.
7 لكن القوة السعودية انبعثت من جديد عن قيام الدولة السعودية الثانية على يد الإمام تركي بن عبدالله آل سعود الذي بادر إلى طرد قوات الاحتلال, وفي العام/1240ه 1824م اختار الرياض عاصمة للدولة نتيجة لما حل من دمار بالدرعية، واتجه نحو إحياء روح الحركة الإصلاحية, وقام بتوحيد نجد، والاحساء من جديد.
ويوجد في هذا القسم من القاعة بعض المعروضات التي تعود إلى الدولة السعودية الثانية، ومن أبرزها:
مجسم لمدينة الرياض عاصمة الدولة السعودية الثانية، وقصر المصمك.
صور جدارية قديمة لمدينة الرياض، وأبراجها، ومزارعها، وأسواقها.
أربع فاترينات تضمنت أسلحة مختلفة من المسدسات، والسيوف، والخناجر، والدروع ودبات بارود، ومسحن بارود خشبي, وكذلك سرج خيل، وقيود فرس، ولجام، ومبرد قهوة، وريالات فضية، وثلاث مخطوطات، وكتاب معالم السنة للخطابي ، وساعة جيب، ومنظار، وعملات من فئات مختلفة، كلها تابعة للدولة السعودية الثانية.
بوابة خشبية وضُعت في نهاية هذا الموقع من القاعة تمثل أحد أبواب الرياض في تلك الفترة.
لوحة تغطي الجدار تمثل الصحراء في الجزيرة العربية.
مجسم للخيمة العربية.
وتُشير الوثائق إلى أن الإمام تركي بن عبدالله آل سعود حتى 1249ه 1834م، اتخذ من الرياض مركزاً لتعاليم الشريعة، ونشر الدعوة، وجعلها مقصداً للضيافة والنشاط السياسي والعسكري, وقد ظلت أسوارُ العاصمة الجديدة، وبواباتها، وأنماط شوارعها، وقصرها، وباحة السوق فيها، ومسجدها الكبير التي ظلت جميعها قائمة حتى السبعينيات - الخمسينيات الميلادية تُدين في تصميمها وتخطيطها لعهد الإمام تركي، وابنه الإمام فيصل.
وقد اتّسمت الحياة اليومية في الرياض بالتقيد التام بالمبادئ الأصلية للإسلام، وإقامة شعائره، وتأدية الصلوات الخمس في أوقاتها المقررة في المساجد بانتظام.
وهيمن على وسط المدينة قصر الإمام تركي، والإمام فيصل، والسوق الملاصقة له، والمسجد الكبير بجانبه, وهي الثلاثة الضرورية للحياة العامة, وكان الاقتصاد يقوم على أساس مركز المدينة كعاصمة سياسية.
8 وتدل بعض الوثائق والمعروضات الموجودة في القسم الثاني من هذه القاعة إلى أنه بعد مقتل الإمام تركي مباشرة حاول ابنه الإمام فيصل إعادة قبضة الدولة على المناطق التي يحكمها، إلا أن نجاحه تعثر بسبب غزو محمد علي لنجد في العام/1253ه 1937م, ووقع أسيراً بعد معارك عديدة في قوات محمد علي، فنفوه إلى القاهرة.
لكنه تمكن في العام/ 1259ه 1843م من الفرار، واستعادة حكم الرياض مرة أخرى.
9 وتشير تلك الوثائق أيضاً إلى أن وفاة الإمام فيصل في العام/1282ه، 1865م آذنت بقدوم فترة من الاضطرابات نجمت عن الصراع الذي نشب بين ابنيه عبدالله، وسعود، مما أدى إلى ضعف الدولة السعودية الثانية واستغلال الحاكم التركي في العراق ذلك الموقف، واحتلاله للأحساء، وضمها بعد ذلك إلى الدولة العثمانية، وقطع الرياض عن منفذها البحري.
وفي العام /1307ه، 1889م أصبح الأمير عبدالرحمن بن فيصل الإمام الشرعي للدولة السعودية بعد وفاة أخيه الإمام عبدالله, ولما رأى الأمور تسير بعكس ما كان يتطلع إليه، قرر في العام /1309ه، 1891م أخذ أفراد أسرته بمن فيهم ابنه الشاب ملك المستقبل عبدالعزيز إلى منفى مؤقت, ونزل أخيراً في الكويت.
10 لقد عاش عبدالعزيز بعد مغادرته الرياض في الصحراء مدة سبعة أشهر، حيث تمكن من تعلم المهارات التي يتمتع بها أفراد القبيلة البدوية الأصيلة، والاطلاع على طريقة حياتهم, وقد أفادته هذه الحياة الخشنة على الصبر والتحمل والجوع والعطش، وعلى استعمال السيف بمهارة، وكذلك الخنجر والبدقية, وكل ذلك ساعده على استرداد الرياض في العام /1319ه 1902، وإعادة الحياة إليها من جديد.
ومع هذه الأحداث الجديدة تبدأ القاعة السابعة، وهي قاعة التوحيد .
الحلقة القادمة
ستتناول الحلقة القادمة قاعة التوحيد ، وهي القاعة السابعة في المتحف الوطني، أحد العناصر الأساسية في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي في الرياض.
|
|
|
|
|