| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
اقول بصراحة ان ضياع الهوية العربية عبر بعض الفضائيات العربية اصبح اثقل من الهم على القلب بل هو الهم نفسه على قلوب الغيورين ولم يكفها ما للعرب فيه من المآسي حتى تقوم بتمزيق القلوب المثخنة بالالم والهم ولا نجاوز كلمة الحق اذا قلنا: ان المسار الاعلامي العربي لم ينكب بمثل ما نكب به من خلال الفضائيات العربية، لقد كان تطلع العرب ان تكون الفضائيات كلها وليس بعضها سدا منيعا في وجه الاعلام الاجنبي.
وكان التطلع ان تخترق الفضاء لتوصل الثقافة العربية الى العالم الآخر ولتشرح له عدالة القضايا العربية، ولتطلعه على ما يعيشه العالم العربي من ظلم وقهر واعتداء منذ اتفاقية (سايكس بيكو) وما تلاها من ضياع للحقوق العربية، وكان التطلع ان تنقل للعالم الخارجي صورة حقيقية للعالم العربي فإذا بها تكرس الصورة المعتمة التي رسمها الاعلام المعادي للعرب وكان التطلع ان تنهض الفضائيات بالشباب العربي من ضياعه وتأخذ بيده الى الطريق الصحيح الذي يسعده فردا وجماعة، وتجسد له المخاطر المحدقة به وتدعوه للعلم والعمل فاذا بها تسوقه الى التيه والضياع والسهر ومفاسد الاخلاق.
ان التطلع شيء والواقع شيء آخر، لقد وصل واقع تلك الفضائيات الى هدم الاساسات بعد ان كان الاعلام الوافد يهدم الشرفات وكانت العيون متيقظة الى آثاره لكونه اعلاما وافدا لا يستنكر منه الهدم ولكنها نامت عما دهاها من دار العرب.
ان واقع اعلامنا الحالي يكشف لنا اننا مازلنا اسرى لتقنيات الاتصال الغربي وان حالة الانبهار شلت قدرتنا على الفعل والابداع وليس غريبا بعد ذلك ان ننقل المدارس الاعلامية الغربية في جميع مجالات التحرير والاخراج والتصميم الاعلاني كما هي في كل وسائلنا، وحتى على المستوى الاكاديمي والبحثي فقد نقلنا تجاربهم وفكرهم عالمية والاعمال التي ترجمناها: جاءت ترجمتها حرفية وتفسر تجارب وظواهر عالمية لا علاقة لها بواقعنا ولا بفلسفتنا الاجتماعية والثقافية بل ان الاعلام العربي يعاني ازمة شديدة في نواح عدة اهمها عدم وجود خطة اعلامية واحدة على مستوى العالم العربي.
وهذا ناتج عن غياب الاطار الفكري الموحد الذي يجمع الشمل ويوحد الكلمة وبما ان الصورة السياسية للمجتمعات العربية غير واضحة فان من الصعوبة التعبير عنها عبر وسائل الاعلام الخارجي وهذا ما ادى الى شلل المسعى الاعلامي لمسيرة الاعلام العربي، وبرغم قسوة هذا الرأي الا انه يعطي تفسيرا معقولا لواقع الاعلام العربي، ويتهم بعض المثقفين وسائل الاعلام العربية بأنها ساعدت كثيرا في عملية (التغريب) ودفع المواطن العربي دفعا الى التخلي عن بعض ثقافته وقيمه وسلوكه.
أعود مرة اخرى الى الفضائيات والانفلات الاخلاقي واقول: ان الدور التربوي يكاد يكون مفقودا في بعض الفضائيات بل يصل بعضها الى المواجهة مع التربية بسبب ما فيها من انفلات تجاوز كل حد ممكن وكل متابع منصف للفضايات العربية يجد ان هناك مواجهة بين التربية وما يعرض في بعض من الفضائيات كما اقول ان الخطر الذي كنا نظنه آتيا من بعيد قد تفجر من تحت اقدامنا,, لقد صدمتنا بعض القنوات الفضائية العربية اول الامر بمناقشة عدد من الموضوعات الشاذة واصبحت تحاورنا في ممارسات بعيدة عنا كان الانسان يخجل من ذكرها بل يشمئز من مجرد الاشارة اليها فإذا بها تعرض ذلك على الشاشات بدعوى الصراحة والشفافية,لقد طبعت وسائل الاعلام اذهان عامة الناس بالتفكير دائما حول الجنس حتى ان مقدم برامج في احدى القنوات طرح سؤالا على المارة في الشارع يقول: لماذا تذهب الى الفراش؟ وتغامز الذين طرح عليهم السؤال من رجال ونساء (ومنهم شابة مزفوفة) في اشارة واضحة الى ان الهدف من السؤال هو اجبارهم على افشاء سر من اسرار ما يجري في الفراش، لكن اجابة السؤال كانت عادية وبسيطة وهي اننا نذهب الى الفراش لانه لا يستطيع الحضور الينا,,!فأين بعد كل هذا الالتزام بالدور التربوي الباني الذي يجب ان يكون هدفا من اهداف كل فضائية عربية لو لم تضل الطريق وتضيع هويتها العربية التي من ابرز سماتها الالتزام بالدور التربوي.
فهد سليمان سالم العتيق جدة
|
|
|
|
|