أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 16th August,2000العدد:10184الطبعةالاولـيالاربعاء 16 ,جمادى الاولى 1421

منوعـات

يارا
يارا قبل الإجازة (3)
عبدالله بن بخيت
نشرت في يارا عدد من القصص التي تقع في حجمها بين القصة القصيرة وبين الرواية القصيرة كان آخرها قصة (مأساة لاعب كورة) وكان أول نقد لها تعلق بالعنوان لأن بطلها لم يكن لاعب كورة حقيقيا.
العنوان ليس مشكلة بالنسبة لي, فعنوان القصة هو جزء من الغلاف والشكل وليس جزءاً من المحتوى الذي تغذ فيها أحداث القصة, فهدف العنوان هو استمالة القارىء, مثل الصورة التي تعلق على صفحة الغلاف الأول، والمقتطفات التي تنشر على الغلاف الأخير, وقد اعجبني مرة رأي كاتب إيطالي يدعى أمبرتو أكو في تبريره لعنوان كتابه الشهير (اسم الوردة), فمن قرأ الكتاب لن يجد أبداً ما يستدعي ذلك العنوان, قال: ان العنوان يجب ان يكون مبهما حتى لا يقود تفكير القارىء اثناء القراءة, وهذا يخالف القول المشهور (الكتاب يعرف من عنوانه) اعتقد ان هذا المثل يمكن ان ينطبق على كل الكتب ما عدا القصص والقصائد, قبل ان أقرأ كتاب (حاشية على اسم الوردة) قرأت كتاب (اسم الوردة) أكثر من مرة حتى أعرف مصدر الاسم فقادتني تلك القراءات الى شيء في غاية الأهمية، وهو أنك عندما تبحث عن شيء في رواية ستجده، لأن الإنسان مجبول على التأويل، فبعد ان تعاركت مع الكتاب قادني خيالي الى تحليل في غاية الطرافة للعنوان, هذه مسألة لا أود ان استرسل فيها, ولكني وجدت ان هذا النوع من القراءة هو الذي يساهم في كثير من الأحيان الى ما يمكن ان اسميه بالتربص, فإذا حكمت على كاتب بأي انحراف مسبق ودخلت على كتبه وانت مشحون بهذه الفكرة فبالتأكيد ستجد ما تدينه به, وهذا ما يجعل الكاتب دائما عرضة للاتهام والمصادرة, وهذا أيضا ما يجعل مهنة الكتابة البناءة من اتعس المهن وأصعبها, فمن لا يتفق معك يرفع على الفور راية العداء لك ويستطيع بسهولة ان يحرض ضدك ويجعلك تدافع عن اسطر متقافزة في نص كتبته حتى لو كان النص حول أهمية الأكسجين للكائن الحي.
وهذا ما منح النقاد القدرة على العمل او حق العمل, تستطيع ان تأخذ أي كلمة أو سطر وتتجه بها الى النقطة التي تريد وهذا مايفعله النقاد الايدولوجيون يبدأ من العبارة يقتطعها من سياقها ثم يبني عليها كل ما يريد من أفكار او آراء أو حتى اتهامات خصوصا الناقد الذي يريد ان يتاجر بعواطف الناس.
شاعت في فترة من الفترات الكتابة الغامضة, وهي في أحسن الأحوال رصف لعبارات وجمل بلاغية وقد وجد كثير من النقاد الايدلوجيين فرصة عظيمة للتنفيس عن إفلاسهم فضجوا على أساس أن هذه الكتابة نوع من الرموز تخفي وراءها أشياء خطيرة تطبيقا للمثل الذي يقول (وراء الأكمة ما وراءها) فتكشفت الأمور أن الدعوى كلها (خراط في خراط) حيث تبين ان معظم الذين قادوا حركة الكتابة الغامضة في العالم العربي او في المملكة لا يستطيعون كتابة جملة مفيدة واحدة.
قال أحد الكتاب الإيرلنديين (لتعرف أنك قاص عليك ان تعرف كيف تصف دجاجة تعبر الطريق) أي أمسك الورقة والقلم وصف ما يتحرك أمامك, فالقصة هي حركة وأحداث ومشاعر فإذا كان الكاتب لا يستطيع ان يصف ما يجري أمامه فلا علاقة له بالقصة, يقول واحد من أعظم الكتاب الفرنسيين في القرن التاسع عشر يدعى غوستاف فلوبير (مؤلف رواية مدام بوفاري) من السهل على كل إنسان كتابة نصوص وحوارات فلسفية او شعرية ولكن إذا اردت ان تعرف بأنك كاتب حقيقي حاول ان تكتب حوارا قصيرا بين عاملين أميين في مقهى, او صف دجاجة تعبر الطريق, او صف مشهدا حدث أمامك او مشهدا من طفولتك.
يبدو ان الموضوع اتجه ناحية لا يقرها كثير ممن تعود على قراءة يارا لأني أعرف ان قراء يارا يحبون المرح والحياة بعيدا عن هذه المنغصات الثقافية, لكن المشكلة ان يدي تحكني في بعض الأحيان فأعود الى الكلام اللي ما فيه بركة , ولكني على ثقة ان قرائي الكرام سيغفرون لي مثل هذه الطلعات بين فترة وأخرى خصوصا في الصيف, ففي الصيف لا أملك برنامجا واضحا للكتابة فكل الأعمال الجادة (أقصد المرحة) اجلتها لحين عودتي من الإجازة خصوصا انني الآن اتنقل مع اطفالي (طبعا يارا معهم) بين سوريا ولبنان وتركيا وأخشى ان اكتب عن شيء من رحلتي هذه فيتهمني الأخوان بأني ضد السياحة الداخلية، والعياذ بالله.
لمراسلة الكاتب
Yara4me@ yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved