| تقارير
* القاهرة مكتب الجزيرة علي السيد
في الثاني والعشرين من شهر مايو الماضي وافقت بلدية القدس، بناء على طلب قدمته حركة يحطوت كوهانيم اليهودية المتطرفة يقضي بإقامة حي يهودي في بلدة ابوديس العربية المتاخمة للقدس الشرقية، وهي القرية التي سبق ان اقترحت إسرائيل اتخاذها عاصمة للدولة الفلسطينية بدلا من القدس الشريف، ولكن الدول العربية والإسلامية رفضت هذا الطرح الإسرائيلي.
وكانت إسرائيل قد قررت نقل هذه البلدة الى السلطة الفلسطينية يوم 15 مايو من العام الجاري، ولكنها ارجأت هذا الاجراء الى ما بعد اقامة الحي اليهودي الجديد، وهو الامر الذي لفت انتباه الدول العربية الى مسألة اخرى مهمة، تتعلق بالمسجد الاقصى ذاته الذي يتعرض لجريمة يهودية مماثلة تهدف الى اقامة مستعمرة إسرائيلية داخل اسوار الحرم القدسي، تحت مسمى هيكل سليمان وبدعوى اقامة سلام بين الاديان السماوية الثلاث في القدس الشرقية.
وكانت المملكة العربية السعودية اول من كشف النقاب عن هذا المخطط في مذكرة رسمية رفعتها الى مجلس جامعة الدول العربية في دورته الاخيرة التي عقدت في شهر مارس الماضي، موضحة ان هناك جهوداً إسرائيلية لاستقطاع اجزاء من اراضي المسجد الاقصى المبارك لإقامة ما يسمى بهيكل سليمان عليها.
وطلبت المملكة آنذاك ادراج الموضوع على جدول اعمال مجلس وزراء الخارجية العرب، وقد اقدمت جامعة الدول العربية مؤخرا على رصد التحرك الإسرائيلي في هذا الشأن، بعد الحملة الاستيطانية الشرسة التي تقوم بها منظمات إسرائيلية في القدس بعد فشل قمة كامب ديفيد، وكانت مندوبية فلسطين بالجامعة العربية قد جددت مخاوفها من اقامة مستوطنة يهودية داخل اسوار المسجد الاقصى، وذلك بعد ان اقدمت جماعات يهودية متطرفة على تخزين اسلحة ومتفجرات بالقرب من المسجد الاقصى وقبة الصخرة,, فما تفاصيل هذا المخطط الذي يحرق به باراك آخر اوراقه في مفاوضات الوضع النهائي؟.
حصار الأقصى
على عكس التوقعات التي احاطت وصاحبت مجيء حكومة ايهود باراك الذي بدأ متحمسا اكثر من سلفه المتشدد لدفع عجلة السلام بالشرق الاوسط، جاء مخطط حصار الاقصى ليمثل انتكاسة جديدة وخطيرة لتطلعات الدول العربية التي راهنت على التغيير الإسرائيلي.
ولأن الامر يتعلق بالاقصى تحديدا الذي يمثل خطا احمر للعرب والمسلمين، فقد قررت الدول العربية عرض ملف المستوطنة اليهودية التي تسعى إسرائيل لإقامتها داخل اسوار المسجد الاقصى المبارك على مجلس وزراء الخارجية العرب لمواجهة الزحف الإسرائيلي الجديد الذي يجتاح اولى القبلتين وكذلك تجاه الاماكن المسيحية المقدسة بالمدينة.
ولعلها المرة الاولى التي تجتمع فيها الدول العربية على رفض الكلام المعسول لرئيس وزراء إسرائيل الذي نجح في تجميد الموقف العربي والعالمي المضاد للسياسة الإسرائيلية، غير ان مذكرة العرض على وزراء الخارجية العرب التي تقدمت بها المملكة العربية السعودية تؤكد ان هذا التجميد كان مرحليا لكشف نوايا الحكومة الإسرائيلية الجديدة تجاه السلام بصفة عامة، والقدس على وجه الخصوص.
وبإقامة المستعمرة اليهودية الجديدة داخل اسوار المسجد الاقصى، تكون حكومة ايهود باراك التي أقرت هذه المستعمرة، قد نجحت فيما فشلت فيه كافة الحكومات الإسرائيلية المتشددة منذ احتلال القدس في العام 1967 وحتى الآن، ألا وهو تهويد المسجد الاقصى، ذلك التهويد الذي يباشر العمل به حاليا على ارض الواقع بواسطة جماعات متطرفة وفي حماية قوات الاحتلال دون الالتفات الى الموقف العربي والإسلامي الذي تتعامل معه إسرائيل بأنه ليس اكثر من موقف احتجاجي.
وفيما تعترف الدول العربية ان باراك قد خدع الجميع عبر تصريحاته المعسولة، فإنها تؤكد ان رد الفعل العربي والإسلامي تجاه العدوان على الاقصى لن يكون موقفا احتجاجيا، لأن الامر يتعلق هذه المرة بإقامة هيكل سليمان المزعوم على انقاض الاقصى، حيث تبين ان المستعمرة اليهودية الجديدة تتضمن مشروعا ضخما لهيكل سليمان، وانه جرى التخطيط لكي يكون هذا الهيكل هو مركز الربط بين الاحزمة الاستيطانية الكبرى التي تحاصر المدينة المقدسة.
وتسقط الدول العربية وهي تتعامل مع واقعة حصار الاقصى مسألة ان تكون هناك مناورة سياسية من قِبل إسرائيل على غرار المناورات التي تخللت مفاوضات المرحلة الانتقالية، وسر اسقاط الدول العربية لفكرة المناورة في واقعة الاقصى، هو ان باراك نجح في اقل من عام منذ انتخابه رئيسا لوزراء إسرائيل في اقامة 4 آلاف و128 وحدة سكنية على اراض عربية تمت مصادرتها، ليتفوق بذلك على كل الوحدات الاستيطانية التي اقامها سلفه المتشدد بنيامين نتنياهو طوال فترة ولايته، التي استمرت ثلاث سنوات، للحكومة الإسرائيلية.
تقسيم الأقصى
وعلى الرغم من تصريحات باراك الوهمية بشأن وقف الاستيطان في الاراضي المحتلة، تفيد التقارير ان خطة باراك الحالية تقوم على ما يسمى تثمين الاحزمة الاستيطانية القائمة بهدف تطويق مدينة القدس، وبيت لحم وربط هذه الاحزمة بالمستعمرة اليهودية المقرر اقامتها داخل اسوار المسجد الاقصى وذلك عبر طرق التفافية تفتت الاحياء العربية في القدس الشرقية وتعزلها عن بعضها البعض.
وفي اطار عملية التثمين القائمة تقوم شركة مردخاي ابيب ببناء 68 وحدة سكنية، ضمن مشروع ابن بيتك بنفسك حول حدود مدينة القدس, ضمن مشروع القدس الكبرى.
ويتصل هذا المشروع بمشروع آخر خاص بإقامة 130 وحدة سكنية في بيتار عيايت على اراضي نحالين وحوسان، وكذلك مشروع اقامة 42 فيلا مع حدائق كبيرة للمستعمرين اليهود ليضاف الى المشروع الهيكل رقم 4351 لمنطقة التلة الفرنسية في وادي الجوز لبناء 662 وحدة سكنية على مسافة 72,2 دونما بارتفاع 7 طوابق.
كما قامت السلطات الإسرائيلية بإيداع خارطة هيكلية رقم 3381ب على مساحة 191 دونما لبناء 870 وحدة سكنية وتقع الوحدات الجديدة ما بين شارع رقم 13 المقام والشارع رقم 1 المقرر اقامته على اراضي بيت حيفا.
وتكتمل الاحزمة الاستيطانية اليهودية لحصار الاقصى بالمخطط الجديد لاقامة 240 وحدة سكنية في مستعمرة بسكات زئيف بالقرب من الطريق الرئيسي رقم 13 تحت اسم مشعار هابيسكاه وذلك في الوقت الذي اقرت فيه بلدية القدس ايداع مشروع مخطط توسيع المدرسة الدينية شوفوبنيم داخل البلدية القديمة على مساحة 1915 متر مربع.
والهدف الإسرائيلي الاكبر هو ربط هذه الاحزمة الاستيطانية بالمستعمرات الكبرى في رأس العمود رسلوان وابوديس وكرم المفتى ونزل سانت جون، وصولا الى الاستيطان اليهودي في الحي الإسلامي، والمقرر ان تنتهي إسرائيل من هذا الربط قبل الشروع في مفاوضات الحل النهائي بشأن القدس، وبهدف اقرار امر واقع على المفاوض العربي لتقسيم المسجد الاقصى.
|
|
|
|
|