| محليــات
إلى الإخوة والأخوات القراء الأفاضل بما أنني أقضي إجازتي لهذا العام في الولايات المتحدة الأمريكية فقد فضلت جعل خاطرة هذه الأسابيع للحديث عن العرب في أمريكا من حيث هجراتهم إليها ومن حيث أدوارهم فيها.
لعله معلوم للقارئ الكريم أن أمريكا اشتهرت بأنها بلاد الأجناس فما عدا الأمريكان من أصل هندي أمريكي فإنه ليس من أمريكي أسود أو أسمر أو أبيض إلا وأن يقول بأنه نفسه أو والده أو جده قد نزح إلى أمريكا من بلاده الأصلية.
ومن المعروف أن أول حركات الاستيطان في القارتين الأمريكيتين كانت في بدايتها في أمريكا الجنوبية بعد اكتشافها من قبل البحارة الإسبان ثم جاءت إلى أمريكا الشمالية في القرن السادس عشر الميلادي واستمرت موجات الاستيطان بعد ذلك تتوالى من مختلف دول أوروبا والشرق الأوسط.
أما العرب في هجرتهم إلى أمريكا وبالذات إلى قارة أمريكا الجنوبية فقد بدأت تظهر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبالذات من دول الشام واشتدت في مرحلتين: الأولى بعد الحرب العالمية الأولى والثانية بعد الحرب العالمية الثانية إلا أن المؤرخين لم ينصفوا لها ذكراً ربما لأنها كانت بأعداد قليلة غير ملفتة للنظر أو لأنها كانت تأتي من مناطق ليس بها دول مستقلة لاسيما خلال الفترة التي كانت فيها الدول العربية إما تحت الحكم العثماني أو الاحتلال والاستعمار الأوروبي، أما خلال النصف الأخير من القرن العشرين فقد تكاثرت هجراتهم بسبب الثورات التي قامت في بعض البلاد العربية وبسبب الحروب بين العرب وإسرائيل ولاسيما في الفترة التي كانت ظروف الاستيطان ميسرة في أمريكا بيد أن من الجدير ذكره أنه يبدو أن الجنس العربي كان من بين رواد اكتشاف الأمريكيتين واستيطانها منذ القرن الخامس عشر الميلادي، حيث كان الجنس العربي ضمن أعداد الجيوش والحملات الإسبانية على الشواطئ الأمريكية على المحيط الأطلنطي تلك الأجناس ذات الأصول العربية التي اندمجت مع الانتماءات العرقية الأوروبية قسراً بعد أفول الدور العربي وسيادته في إسبانيا ولم يبق لأصحابه سوى أسماؤهم وبعض ذكريات من عاداتهم وتقاليدهم الإسلامية والعربية التي كانت تنظم حياة أسلافهم.
ولكن التاريخ بالطبع لم يذكر إسم الجنس العربي في إطار مستقل عن الجنس الأوروبي لأنه أصلاً لم يظهر على الساحة مثقلاً بعروبته ولكن يتضح من أسمائهم ومن المناطق الإسبانية التي نزحوا أصلاً منها في إسبانيا أنهم من أصول عربية, هنا يأتي ذكرنا للاسم الوارد في عنوان هذه الخاطرة وهو الرجل الإسباني المنشأ السيد/ كونسالس الفارس/ )Gonzalez ALvarez( الذي نزح من إسبانيا من قرطبة في منتصف القرن السادس عشر واستوطن مايسمى الآن بمدينة سانت أغسطين )ST.Augustine( الواقعة بشرق ولاية فلوريدا على شاطىء المحيط الأطلسي بالولايات المتحدة الأمركيية هذه المدينة التي بات يعتبرها الأمريكان أقدم منطقة استيطان في أمريكا، هذا الرجل من عائلة الفارس الإسبانية ربما كان أكثر ثراء من غيره المهاجرين وربما أكثر نشاطاً وموهبة من أقرانه فشيّد بيتاً في سانت أوغسطين عام (1565م) فأصبح بذلك منزله أول بيت يبنى في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1565م وبات الأمريكان يفتخرون بهذا البناء الأول وجعلوه موقعاً تاريخياً يرتاده السياح.
ويعتبرونه معلما تاريخياً مشهوراً في أمريكا بدأ فتحه عام 1970م للزوار والسياح.
ولقد وقفت على هذا المنزل القريب من البحر هذا الأسبوع فوجدت أنه من خشب البلوط وأساساته من الحجر البركاني البحري ومكوّن من دور واحد فقط في الأصل ويحتوي علىبهو ملحق به غرفة نوم أما الموقد فخارج المنزل في الساحة ولم نلحظ أنه مخصص له دورة مياه أما البئر فتوجد في الساحة.
رغبت في هذه الحلقة الإشارة إلى القراء الأفاضل إلى أنه بالبحث والتقصي والزيارات السياحية يمكن للمهتمين في العلوم التاريخية والإنسانية أن تستكشف لهم حقائق جديدة عن جهود العرب وأدوارهم في بناء الأمم الجديدة مثل قارة الأمريكيتين واستراليا ومن ثم إضافة الجديد إلى التاريخ الذي أهملهم أو على الاقل تصحيح بعضه, وللحديث بقية.
والله ولي التوفيق.
* سانت أوغسطين فلوريدا الولايات المتحدة الأمريكية
|
|
|
|
|