|
| مقـالات
تحتل قضية فلسطين مكانة خاصة بين القضايا العربية والإسلامية, ويعود هذا إلى مكانة فلسطين الخاصة في قلوب العرب والمسلمين, ففلسطين تقع في قلب العالم العربي والإسلامي، فهي محور الربط بين الجناح الشرقي للأمة العربية والإسلامية في آسيا والجناح الغربي للأمة العربية والإسلامية في أفريقيا, كما ان لفلسطين مكانة دينية كبرى عند المسلمين، ففلسطين هي الأرض المباركة التي بعث على أرضها كثير من الأنبياء والرسل عليهم السلام الذين ذكروا في القرآن الكريم, كما أن فلسطين تضم عدداً من الأماكن المقدسة للمسلمين ومن أهمها المسجد الاقصى المبارك الذي أم فيه رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم الأنبياء والرسل قبل معراجه إلى السماء للقاء ربه جل وعلا.
وقد ورد في الحديث الشريف النهي عن شد الرحال لزيارة المساجد إلا المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة والمسجد الاقصى في القدس في فلسطين.
وإن كانت القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع العربي الاسرائيلي فقضية القدس هي جوهر القضية الفلسطينية, وكان الاحتلال الاسرائيلي للقدس في شهر صفر 1387ه يونيو 1967م قد حرك مشاعر المسلمين لفقدهم أحد اقدس البقاع بالنسبة لهم, أما محاولة إحراق المسجد الاقصى على يد أحد اليهود في العام 1969م أي بعد احتلاله بعامين، فقد أدت إلى قيام مظاهرات عارمة عمت أرجاء العالم الإسلامي، وقد تجاوب قادة الدول الإسلامية مع المشاعر الجياشة للشعوب المسلمة فعقدوا أول لقاء قمة إسلامي في التاريخ وكان ذلك في الرباط شهر سبتمبر 1969 وكان من أهم نتائج هذا المؤتمر الدعوة لعقد مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية الذي تم في جدة 1970 وأعلن على اثره قيام منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم كافة الدول الإسلامية المستقلة في العالم، وهي المنظمة الدولية الحكومية الوحيدة القائمة على أساس ديني في العالم اليوم.
لقد كانت قضية القدس أحد أهم الأسباب لإيجاد هذه المنظمة الفتية، معبرة عن الإحساس بالمهانة التي لحقت بالمسلمين بفقدانهم ثالث المدن المقدسة بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وقد قبلت الدول العربية بقرار هيئة الأمم المتحدة 242 الذي يطالب اسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها سنة 1967 ومن ضمنها القدس مقابل اعتراف الدول العربية بحق دولة اسرائيل في الوجود، أو ما عرف باسم مبدأ الأرض مقابل السلام.
وقد أبرمت معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل سنة 1978 على اساس قرار الأمم المتحدة 242، وحصلت مصر بموجب معاهدة السلام مع اسرائيل على كامل اراضيها في سيناء, وفي العام 1991 عقد مؤتمر مدريد للسلام على أساس تطبيق قرار 242 بين باقي الدول العربية واسرائيل, وفي عام 1993 وقعت اتفاقية مؤقتة بين الفلسطينيين واسرائيل حصل الفلسطينيون بموجبها على الحكم الذاتي كمرحلة تمهيدية للحل النهائي, وفي سبتمبر القادم تنتهي مدة المرحلة المؤقتة وكان يجب على اسرائيل والفلسطينيين الوصول إلى اتفاقية نهائية قبل حلول 13 سبتمبر 2000م, وعقدت مفاوضات في كامب ديفيد خلال شهر يوليو الماضي وقيل ان الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي قد توصلا إلى حل 80% من القضايا المطروحة، ولكن بقيت قضية القدس كخط أحمر لايستطيع الجانب الفلسطيني تجاوزه, لقد قدم الفلسطينيون الكثير من التنازلات في كامب ديفيد الثانية فهم فيما يبدو قد قبلوا ببقاء بعض المستوطنات وبتواجد اسرائيل في غور الأردن وفي مسألة اللاجئين قد يقبلون بعودة جزء إلى فلسطين 1948 وعودة جزء اكبر إلى فلسطين 1967 مع تعويض مالي!!! ومؤخرا ونتيجة لعدم نجاح المفاوضات بسبب قضية القدس، بدأت الولايات المتحدة تطرح احتمال تدويل القدس الشرقية كحل لهذه المسألة المعقدة, وبموجب قرار التقسيم 181 كانت القدس منطقة دولية مفتوحة لجميع الأطراف, لكن العرب اجروا المفاوضات بناء على القرار 242 الذي ينص على انسحاب اسرائيل من الأراضي المحتلة سنة 1967 ومن ضمنها القدس، وإذا كانت المفاوضات ستدور على أساس 181 فللجانب الفلسطيني حق المطالبة بمنطقة الجليل شمال فلسطين وبمناطق أخرى في غزة والضفة, وبموجب كلا القرارين 181 و242 لايحق لاسرائيل الاحتفاظ بأية مستوطنات في الضفة والقطاع.
وبالرغم من ابداء الجانب الفلسطيني للكثير من المرونة بقبول بعض المستوطنات وبعض مظاهر نقص السيادة فالجانب الأمريكي يصر أيضاً على ارغامه على قبول حل وسط بشأن القدس الشرقية العربية بموجب القرار 242.
والحقيقة ان أي حلول يتوصل إليها المتفاوضون ولاتنص على عودة القدس ستكون غير شرعية ومرفوضة من مئات الملايين من العرب والمسلمين.
ويبدو انه يتم التحضير حالياً لجولة أخرى من المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية في محاولة للتوصل إلى حل قبل نهاية مدة الاتفاقات المؤقتة، لذا لابد أن تقوم الدول العربية والإسلامية بالعديد من التحركات لإبراز أهمية القدس للعرب والمسلمين ومن ذلك,,,.
أولاً أن تبادر منظمة المؤتمر الإسلامي التي كان أحد أهم اسباب تأسيسها قضية القدس بتشكيل وفد عالي المستوى برئاسة أحد قادة الدول الإسلامية وعضوية عدد من وزراء خارجية كبرى الدول الإسلامية لزيارة الولايات المتحدة وبقية عواصم الدول الكبرى لإقناعها بأهمية قضية القدس للمسلمين.
ثانياً تقوم المنظمات الأهلية والمدنية في الدول العربية والإسلامية بإرسال برقيات الاستنكار إلى سفارات الدول الكبرى وسفارة الولايات المتحدة راعية السلام على وجه الخصوص للتعبير عن مدى اهتمام المسلمين بقضية القدس.
ثالثاً يقوم المسلمون القاطنون في الدول الغربية وفي الولايات المتحدة على وجه الخصوص بمطالبة حكومات تلك الدول بصفتهم من مواطنيها بالتحرك لحل شرعي لهذه القضية.
رابعاً إن على الفلسطينيين دوراً كبيراً تجاه القدس، فهم وبسبب قضية القدس كسبوا تعاون واهتمام المسلمين في كل مكان، كما أن عودة القدس إلى الدولة الفلسطينية المنتظرة سيعطي هذه الدولة مكانة خاصة عند المسلمين ويعطي للاتفاقات السلمية وللقيادة الفلسطينية الكثير من الشرعية، لذا عليهم ألا يتنازلوا وهم أصحاب الشأن في المقام الأول، عن قضية القدس أو قبول تأجيل القضية إلى مرحلة لاحقة, إن على الفلسطينيين رفض أي حل لايشمل قضية القدس حتى ولو أدى إلى إنهاء عملية السلام والعودة إلى الانتفاضة.
|
|
|
|
|
