| أفاق اسلامية
الإنسان كائن، مهما غصنا في أعماقه فإننا نرى متاهات وألغازا أكثر وأكثر، تزداد بزيادة تأملنا في هذا الكائن، انه جسد وروح، وله من الصفات ما يصعب حصره، ولكن ليست كل ميزاته وأعماله تصب في اطار الجيد والصالح، بل ان للرديء والطالح نصيبا لايستهان به من سلوكيات الانسان، ومن هذه الامور الطالحة غير الصالحة نذكر حالة التلون السلوكي، او اتخاذ مواقف مختلفة لمجالات مختلفة، وامام أشخاص مختلفين،وباختصار اشد حالات النفاق والعياذ بالله التي تنطبق على الفرد، وقد تشمل جماعة معينة، أو فئة ما من البشر أو منظمة ما، ومايهمنا اكثر هو حالة النفاق التي تعتري شخصا ما فتلفه بردائها الثقيل وتغمض عينيه فلا، يعود يبصر إلا بعين المصلحة والكذب، اننا بتركيزنا على حالة الفرد المنافق انما نقوم بذلك بسبب وجيه، ألا وهو أن الفرد الصالح يعتبر عنصرا نافعا لاسرته ولنفسه ولأمته ووطنه، والعكس كذلك، فان الفرد السيء يعتبر بؤرة ملوثة تضر بصاحبها واهله ومجتمعه وبلاده، ولذلك سعت الامم المتقدمة لبناء الفرد البناء الامثل كي يتم حصاد الثمار الاينع والافضل.
المنافق انسان يأتيك، ويحابيك، ويظهر لك من المودة ما يفوق التصور، وربما يستطيع خداعك حسب قوة حجته وبلاغة بيانه، وهو فنان بهذا، وقد تستطيع انت كشف دجله وكذبه وزيفه، ولكن لا تصارحه بذلك ذوقا وادبا، وربما يبلغ السيل الزبى، فتكشف له عن حقيقته، وتفضح امامه الكذب الذي يقوم به.
ان المنافق صاحب غايات وغالبا ما تكون غايات دنيئة ومنحطة، وقد تضر بمصالح الآخرين، أو انه يحقق بها نفعا زائدا عن حده، او لا يستحقه.
النفاق: حالة مرضية في الانسان، ويصعب التخلص منها على من اعتادها، انها حالة من الكذب الدبلوماسي الذي له علبة ألوان تحتوي ألوانا شتى يطلي بها المنافق شخصيته وقضاياها لتكون مستساغة من قبل اشخاص معينين، ويبدل اللون ليجعل نفس القضية مهضومة من قبل اشخاص آخرين، وهكذا دواليك.
ان المنافق شخص مكشوف في غالب الحالات، ولو بعد حين، والضرر الذي يلحق بالآخرين سيناله عاجلا أم آجلا، وكمايقال: كما تدين تدان ، عدا عن ذلك، فان أطفالا سيتضررون بحكم تقليدهم لابيهم المريض نفسيا وسلوكيا، وكذلك أسرته ستتأذى بالتالي.
للمنافق صفة اخرى، ألا وهي الكسل الحقيقي رغم نشاطه بتحقيق المصالح، ولكنه لا يستطيع القيام بالافعال الطيبة، والاعمال البناءة التي يكسب من ورائها الرزق والمكانة الاجتماعية، انه يغطي على كسله بحالة من الانتهازية والاستغلال الذي يجد فيه طريقا سهلا للوصول الى مآربه.
النفاق حالة خطيرة على انسانية الانسان، وروحه الطيبة، انها حالة مهددة للبشرية، ولذلك توعد الله سبحانه اصحاب النفاق باشد العذاب، والاسلام بتعاليمه السمحة وأخلاقه ومثله جعل النفاق عدوا وحاربه.
اننا والحمد لله ونحن نعيش في حالة مباركة في كنف الدين الحنيف، لنعلم اننا في منأى عن النفاق، ولكن بنفس الوقت نعلم أن النفس البشرية ضعيفة، ولذلك دوما ندعو الله ان يباعد بيننا وبين النفاق، وكذلك نأخذ على ايدي الذين قد تبين منهم بعض النفاق لنردهم الى جادة الصواب.
ان مسؤولية الحفاظ على نقاء النفس هي مسؤولية كل انسان عن نفسه، وكل رب اسرة عن اسرته، وكذلك كل مسؤول عن رعيته، انها مسؤولية فردية وجماعية، ودور المدرسة من خلال المعلمين فيها، ودور امام المسجد والداعية كبير وكبير في تثبيت النفوس واصحابها على طريق الحق، ان المؤمن صادق، وهذه الصفة بحد ذاتها كافية لأن تحول بينه وبين الغرق في بحر النفاق الخطير.
نسأل الله العلي القدير ان يهدي الضالين المضلين المنافقين الى طريق الصواب، طريق الحق والنور, إنه ولي ذلك والقادر عليه.
alomari 1420 @yahoo. com
|
|
|
|
|