| الاقتصادية
يحدثني مدير احد المصانع الوطنية عن معاناته مع اولئك الذين يكرهون العمل وبخاصة العمل الفني او الميكانيكي من ابناء جلدتنا اصحاب الغتر الانيقة والياقات العريضة, يقول ان احدهم (هرب) وترك الآلة المكلف بالإشراف عليها تعمل وتنتج ذاتياً ولحسن الحظ لم يتطور الامر الى ابعد من خسائر في الطاقة و(شوية) منتجات معيبة, ويتابع بأنه يشعر بالصداع بعد كل موسم اجازة لان عدداً من العاملين سيستخدمون قرارات ذاتية بتمديد الاجازة ليوم او يومين او اسبوع بحجج شتى واعذار لا تنتهي.
وتتعدد القصص والروايات التي تحاول اثبات ان شبابنا الانيق يكرهون العمل الجاد والمهام الصعبة والاعمال الفنية بالذات, فهل لذلك اساس من الصحة ام انها (عقد) واضغاث احلام؟ وما العمل لمواجهة ظاهرة او متلازمة كراهية العمل؟؟
يجدر بنا التأكيد ان هذه المتلازمة، ان وجدت، فلها اسبابها وابعادها النفسية والاجتماعية والاقتصادية ولا يجب ان تعالج من منطلق احادية السبب او ان تصطبغ المسألة بنظرات الشك ومشاعر فقدان الامل من الاجيال الجديدة, القضية هي ان حب العمل صفة جيدة مثلها مثل بر الوالدين وحب العلم واحترام الكبير والتقيد بأنظمة المرور,, وغيرها، وهي صفات تنبت مع الشاب مثل بقية الصفات وتتأثر بالمحيط العائلي والمدرسي والاجتماعي ومن ثم تنتقل الى محيط العمل او ما يسمى ب)corporate culture(، وهنا في اعتقادي (مربط الفرس).
رجال الاعمال تعودوا لفترات طويلة على التعامل مع العمالة الوافدة بشيء من القسوة والضغط المتواصل بمنطق انهم يحتاجون العمل فيتحملون الضغوط والظروف الصعبة والمعاناة، وقد نشأت في اعقاب ذلك بيئات عمل جافة ومملة و,, يهرب منها (الإنسان) ولسان حالة يقول (اللي يصير يصير)!!
وعلى مستوى اعلى من التحليل، ليس المجتمع بريئا في هذه المسألة، فاغلب التفضيلات الاجتماعية )Social preferences( تحبذ العمل المكتبي والاداري والتخصصات النظرية انسحابا على افرازات عصر الطفرة, فينشأ الفتى تحوط به الرؤية الاجتماعية المحدودة وتلتهمه طموحات لم تفصل وتقنن في عصره وآراء وتوقعات ليس له فيها ناقة ولا جمل, ومن المعروف ان مساحة الاختيارات الذاتية والقرارات النابعة من القناعة الشخصية لدينا اضيق من (سم الخياط) فيعمل احدنا من اماكن ومجالات من اختيار غيره, حالة الفصام الاجتماعي هذه تتحمل (وزر) الانطباعات المقترنة بكراهية العمل.
لانريد ان نطيل في مناقشة الاسباب ولكن يبدو ان (اخذ) الامصال والعلاجات من اولى ابتدائي وربما قبل ذلك سيساهم في القضاء على متلازمة كراهية العمل كما تم القضاء على مرض شلل الاطفال, والدور هنا (مشترك) بين البيت والمدرسة والمجتمع ووسائل الاعلام والجامعات وشركات ومؤسسات القطاع الخاص والعام على حد سواء.
|
|
|
|
|