| الثقافية
هل انت عزيزي القارىء ممن يؤمن بأن خط الأعداد الطبيعية ذو طرفين لا متناهيين؟ ليكن,, ولكن هل انت في المقابل ممن يتسع صدره رحابة لسماع الطرف الآخر حتى وان كان هذا الاستماع من قبيل أدب الاستماع؟
في اعتقادي ان هذا الكون كالشاشة، يتكون من مجموعة كبيرة من الخلايا الحية وهذه الخلايا تنقسم الى مرئية أو انها كذلك بالنسبة للانسان والمرئية منها يقسم الى متحركة وجامدة وهذا الجمود لا يتعارض مع كونها حية.
قال تعالى وما من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم الا ترى ان التسبيح صفة حياتية مُدرِكة غير مُدرَكة؟ ان هذه الافرازات التأملية من شخص أمم ايمانه على عقله بعقله فأيقن ان الله تعالى خلق كل شيء بقدر، اسقطت من قواميسه اللغوية مصطلح اللا نهاية ومشتقاتها.
لقد جانب الدكتور فؤاد زكريا كثيرا من التطرف حينما قال: ان الجيل العربي المعاصر أصبح مدمنا على العادات الاستهلاكية ابتداء من أدوات المعيشة وانتهاء بما لا نعلم بتصريف, ولأسباب ثلاثة سنحصر المقال في الأدب وهذه الأسباب هي الاتجاه الأدبي لصفحتنا الغراء المتبقية وضيق المساحة ثم ايماني بأن لكل نص قارىء حس وقارىء معنى، قارىء سطح، وقارىء عمق.
والآن ,, دعونا نعود لما قاله الدكتور فؤاد زكريا فنقول ان من أخطر هذه العادات الاستهلاكية، الاستهلاك الفكري أيا كانت جهته, فتجد في كثير من نصوص شعرائنا العرب المسلمين تعدد الآلهة حتى انهم نصبوا إلاهاً للنور وآخر للظلام وثالثا للحب ورابعا لتطوير المدن وخامسا للشؤون القروية,, يا صاحبي السجن آأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار بل وتجد منهم من أجاز لنفسه سب الله والعياذ بالله، سواء كان ذلك بغير علم أو كان به، فان كان الاول فتلك مصيبة أو كان الثاني فالمصيبة أعظم، ومن ذلك سب الدهر وسب الزمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الدهر فان الدهر هو الله او كما قال عليه صلوات الله وتسليمه.
وتجد من استعاض بالتقويم الجريوجي عن التقويم الهجري وهو مؤمن بما انزل على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى هذا فقس.
اننا أصبحنا نتعامل مع الأشياء من الخارج لأننا أضعنا دواخلنا، ولست أعلم لم ما ان نخرج للحياة حتى نرمي بعقولنا الردياكالية في سلة المهملات مع المشيمة والحبل السري، لنلهث خلف فلاسفة فرنسا وأدبائها في القرن الثامن عشر، وأدباء روسيا ومفكريها في القرن التاسع عشر وغيرهم, هل ان ما يشاع من أن المفكر في الوطن العربي مواطن مطلوب القبض عليه حتى يثبت العكس أدى الى تغييب مهنة الفكر في الوطن العربي، فاتسعت بذلك رقعة التأليف الترجمي على صحفاتنا البيضاء ولكن كيف تتخلى شجرة المانجو عن ظلها لزهرة صغيرة تذوب حينما يشتعل المساء في ذيل يومها الوحيد, هل نكفر بفكر حضارة سافرت مع الزمن لمجرد عجزنا عن محاكاتها؟
اننا حين نريد ان نكون أصحاب فكر فلابد ان يأتي هذا الفكر من داخل شريعتنا الاسلامية نفسها لا من خارجها، واذا أردنا ان نخرج على تراثنا فلابد ان نخرج منه عليه, هل أصاب الأديب يوسف الفقير قلب الحقيقة أم ان سهمه ارتكز في جسدها حينما قال: اننا جئنا الى العالم في ذيل عصر عظيم، جئنا في الساعة الخامسة والعشرين من عمر جيل كبير فاخترنا الركوب في مؤخرة القطار، ومن يختر مؤخرة القطار لا يحق له ان يحلم بالمقدمة ، الحق انني اختلف مع الأستاذ يوسف وانا أصفق له واقفا على الرغم من ادراكي المتواضع لعظمة ما تركه العظماء وسحاقة الهوة التي رمت بنا بعيدا عنهم، الا ان أرحام النساء ما زالت تزج بأنفاس جديدة الى الحياة,, من يدري ربما تكونون انتم أصحاب الأقلام الواعدة مقدمة عصر جديد.
عزيزي القارىء الكريم بما اننا بدأنا بمقدمة ذات معنى فلا ضير ان نختم بما بدأناه فأقول : ان الاختلاف الشكلي للاناء لا يغير طعما للماء، اكتبوا كيف شئتم ولكن حاذروا من أن يتلوث الماء.
ابن شريم
في هذه المقالة يثبت الصديق القديم ياسر آل شريم ان كتاباته النثرية توازي ابداعه الشعري، وهذه ميزة قد لا تجدها في كثير من شعراء اليوم.
والمقالة تطرح قضية فكرية كبرى لا تكفيها مجرد صفحتين، وقد أشار الصديق ياسر الى ان ضيق المساحة اعاقه عن التوسع في الكتابة، ولكن الاختصار لم ينقص شيئا بالمقالة فهي استعرضت بشكل سريع آراء الطرفين المتناقضين في حالة التردي التي تعيشها الحضارة الاسلامية بعد ان كانت منارة تضيء لكثير من الحضارات في ذلك الوقت, اعجبتني جدا خاتمة المقالة حينما اكد على ان : الاختلاف الشكلي للاناء لا يغير طعما للماء ، لأن القيمة الأساسية تكمن في الجوهر أي المضمون للابداع وليس الشكل الفني للابداع.
نشكر الصديق ياسر على هذه المقالة الفكرية الممتعة,, ونرجو ان يتواصل معنا بابداعاته الأخرى النثرية أو الشعرية.
|
|
|
|
|