إن من طبائع النفس البشرية أنها تطمع في الاستكثار من المال والحرص على جمعه بشتى الطرق، ولم يكن ذلك الحرص إلا بترغيب النفس في الحصول عليه كما قال أبو ذؤيب الهذلي:
والنفس راغبةٌ إذا رغبتها
وإذا ترد إلى قليل تقنعُ
إذن هي القناعة متى ما وجدت عند المرء فإن صاحبها يكتفي بها وتحصل له الطمأنينة والرضا عن نفس، ولذا يقول الحكماء:
أقل الدنيا يكفي وأكثرها لا يكفي، بمعنى ان المرء لا يحتاج في هذه الحياة إلا ما يكفيه من العيش وما يدفع به حاجته، وما سوى ذلك إنما هو زيادة في تعبه وهمه، ومثله قولهم: ثمرة القناعة الراحة وثمرة الحرص التعب، وقال البحتري:
إذا ما كان عندي قوتُ يومٍ
طرحت الهم عني يا سعيدُ
ولم تخطر هموم غدٍ ببالي
لأن غداً له رزقٌ جديدُ
نعم إن غداً له رزق وإن غداً له معيشته فعلى المرء ان يعيش وقته ولا يكثر النظر فيما يُستقبل من الأمر لأن المؤمل غيب والرزق مضمون ومن أحسن ما قيل في ذلك قول العتابي:
حتى متى أنا في حلٍ وترحالِ
وطول شُغلٍ بإ دبارٍ وإقبال
ونازح الدار ما انفك مغترباً
عن الأحبة ما يدرون ما حلي
بمشرق الأرض طوراً ثم مغربها
لا يخطر الموت من حِرصٍ على بالي
ولو قنعتُ أتاني الرزق في دعةٍ
إن القنوع الغنى لا كثرةُ المالِ
ليت كل الناس اليوم يستشعرون هذه المعاني الجميلة لكي تكون منارة يُستضاء بها في ظلمات هذه الحياة، ،لكن من يعتبر,.
محمد بن أحمد البشري
الرياض
** من الجميل أن يستشهد الصديق محمد البشري بمقطوعات شعرية تؤيد ما يذهب اليه في مقالته، ولكن الاكثار من هذه الاستشهادات تضعف المقالة، خاصة إذا كانت إضافة كاتب المقالة تبدو قصيرة مقارنة بالاستشهادات التي استحوذت على المقالة بأكملها، وغدت المقالة معها مثل عرض لابيات شعرية فقط!
ولا ننسى ان نشيد بلغة وأسلوب كتابة الصديق محمد,,, الذي يجعلنا نؤكد اننا سنرى منه الافضل في كتاباته القادمة بإذن الله.