رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 10th August,2000العدد:10178الطبعةالاولـيالخميس 10 ,جمادى الاولى 1421

عزيزتـي الجزيرة

حول قيادة المرأة السيارة
عزيزتي الجزيرة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد فقد اطلعت على ما نشر في جريدة الجزيرة عدد رقم 10162 تاريخ 23/4/1421ه تحت عنوان (المرأة وقيادة السيارة) بقلم الدكتور حسن بن فهد الهويمل رئيس النادي الأدبي بالقصيم والاستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود فرع القصيم، والاستاذ الدكتور حسن شخصية بارزة ومعروفة في الوسط الأدبي والثقافي، كما أن لقلمه المتزن أثرا واضحا في مسيرتنا الثقافية، وقد حباه الله علما وقدرة في معالجة كثير من القضايا الادبية والاجتماعية، وأريد في هذا الموضوع أن أتعرض لبعض القضايا التي تطرّق لها في مقاله سالف الذكر، وأرجو ان يندرج هذا الحديث تحت معنى قول الله عز وجل (وقولوا للناس حسنا)، وقد قرأت هذا المقال بتمعن وتدبر ووجدت انه يشتمل على بعض المواضيع التي يحسن مناقشتها إذ تختلف فيها المفاهيم من شخص لآخر، وما يبدو ظاهراً للدكتور حسن قد لا يكون واضحا لدى بعض الناس، وكل الناس يؤخذ من قولهم ويرد إلا صاحب هذا القبر كما قال الإمام مالك يعني به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأول نقطة أتعرض لها في هذا المقال قول الكاتب ومما لا مراء فيه ان الاسلام لا يمنع بالنص ولا بالتنصيص من أن تقود المرأة السيارة، وما أحد من علماء الأمة قال بهذا، ولو قال لطلب منه البرهان ولا برهان وممن قال بعدم جواز قيادة المرأة للسيارة سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء سابقا، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله حسب الفتوى المنشورة في جريدة الجزيرة العدد رقم 10169 وتاريخ 1/5/1421ه.
وأنا لا أختلف في هذا الموضوع مع الدكتور حسن في جواز قيادة المرأة للسيارة متى ما تم هذا وفق الضوابط الاسلامية، ولا أعتقد ان مثل الدكتور حسن الهويمل يجهل الشروط التي وضعها علماء الاسلام مبررا لخروج المرأة سداً للذرائع وحسما للوسائل المفضية إلى الفساد، ومن أبرزها إذن والديها أو الزوج أو من ينوب عنهم، مع منع الاختلاط والخلوة، وخلو العمل من المحرمات كالتبرج وكل ما من شأن تحريك النوازع للفتنة في الملبس أو الزينة، ومنع السفر بدون محرم، ونسأل من يطالب بقيادة المرأة هل يحصل أمر القيادة بدون الوقوع في هذه المحظورات؟
فإذا كان الجواب بنعم، فعلى أي هيئة تقود المرأة السيارة؟، وهل يحصل هذا مع ارتداء العباءة ووضع الخمار على الوجه؟ أم تخالف المرأة قول الله عز وجل (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين)؟، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير الآية: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة ، ثم ان الله عز وجل قد أمر النساء بأن يقررن في بيوتهن (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى).
والمرأة معروفة بخصائصها الجسمية والنفسية، فهل هي قادرة على تحمل مايترتب على قيادة السيارة من أمور تتعلق بإصلاح عطلها وانفجار الإطارات وما إلى ذلك؟، وهل طبيعتها وطبيعة لبسها تسمح لها بحرية الحركة لتلافي مثل هذه الأمور؟, إن مهمة المرأة تنحصر في رعايتها لبيتها واسرتها، وهذه هي المهمة التي أناطها بها الإسلام وفرغها من أجلها المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ، ثم هل يتفق خروج المرأة للقيادة مع قول الله عز وجل (وقرن في بيوتكن)، وقد أضاف عز وجل البيوت إلى ضمير النسوة من باب اضافة سكن المرأة إلى البيت، ومن المعلوم ان البيت مملوك للرجل غير ان اضافة السكن إلى المرأة يحتم على المرأة القرار في البيت للقيام بأعماله على الوجه الأكمل، وقد أمر الله العزيز الحكيم الرجال بعدم إخراج المرأة من بيتها لقوله جلّ وعلا (ولا تخرجوهن من بيوتهن)، إذ أن البيت هو المكان المناسب للمرأة، وإن كان هذا يتعلق بالمطلقة الرجعية، إلا أن هناك من ذكره كقاعدة عامة في عدم اخراج المرأة من بيتها.
والمرأة ذات طبيعة خاصة ينبغي مراعاتها وكل من كلفها ما لا يتفق مع طبيعتها الأنثوية فقد كلفها فوق طاقتها، ولا ينسجم هذا مع الفطرة التي جبلت عليها، وخروج المرأة للقيادة يترتب عليه فتنة ينجرف وراءها كثير من الشباب ورعاع الناس، ولو جلست المرأة خلف مقود السيارة لرأيت العجب العجاب فيمن يطارد او يلاحق السيارة.
ونحن في مجتمع يمتاز بخصائصه العربية والاسلامية، ويحافظ على عاداته وتقاليده الأصيلة المستمدة من جذور شريعتنا الاسلامية، وليس هناك فتنة اكبر من افتتان الرجل بالمرأة، قال صلى الله عليه وسلم ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ، وكما سبق تختلف طبيعة جسم المرأة عن جسم الرجل في مظاهر، ذكرها الشيخ المودودي في كتابه الحجاب ص227 هذا علم الأحياء قد أثبتت بحوثه وتحقيقاته ان المرأة تختلف عن الرجل في كل شيء من الصورة والسمت والأعضاء الخارجية إلى ذرات الجسم .
إن المرأة المسلمة يجب ان تختلف في مظهرها وطبيعة حياتها عن المرأة الغربية، أو تلك العربية التي حذت حذو المرأة الغربية، ممن انزلقن في مهاوي الرذيلة، وانحدرت الى مواطن الشُبه والتفسخ الأخلاقي تحت شعار الحرية للمرأة ومطالبة مساواتها بالرجل في كل شيء، وقد بدأت هذه الشعارات على يد قاسم أمين وأعوانه حيث نبذت المرأة الحجاب خلف ظهرها وتمردت عليه لكيلا يعوقها عن الحرية والعمل، وقد بدأت هذه الدعوة إلى نبذ الحجاب عن وجه المرأة ويديها ثم تدرج إلى كشف الوجه والرأس واليدين والقدمين ووصل إلى كشف الساق وجزء من ظهر المرأة وارتداء الملابس المبرزة لمفاتن المرأة، ويا ليت مثقفينا وأرباب القلم والبيان يتعظون من تجربة المثقفات الغربيات اللاتي خضن هذه التجربة وأصبحن ينادين بعودة المرأة إلى البيت والأسرة لتربي جيلا وتنشئ اطفالا يعيشون ويترعرعون في ظل حنان الأمومة ورعاية الأبوة، وأكتفي هنا بذكر بعض الأقوال لبعض الخبيرات الغربيات اللاتي عانين من قسوة الحياة المتحررة:
أشهر ممثلة أمريكية (مارلين مونرو) تركت رسالة للمراهقات أوصت بعدم فتحها إلا بعد موتها وقد انتحرت، وجاء في رسالتها احذري المجد احذري كل من يخدعك بالاضواء، إني أتعس امرأة على هذه الأرض، لم أستطع ان أكون أما، إن سعادة المرأة الحقيقية في الحياة العائلية الشريفة الطاهرة .
وقالت دكتورة (إيد إيلين) الخبيرة الاجتماعية الأمريكية إن التجارب أثبتت ضرورة لزوم الأم لبيتها واشرافها على تربية اولادها، فإن الفارق الكبير بين المستوى الخلقي لهذا الجيل والمستوى الخلقي للجيل الماضي إنما مرجعه إلى ان الأم هجرت بيتها وأهملت طفلها وتركته إلى من لا يحسن تربيته .
وقال (ول ديورانت) مؤلف كتاب (قصة الحضارة): (إن المرأة التي تحررت من عشرات الواجبات المنزلية ونزلت فخورة الى ميدان العمل بجانب الرجل قد اكتسبت عاداته وأفكاره وتصرفاته وذخنت سجائره ولبست بنطلونه .
وقال الفيلسوف الألماني شوبنهور : اتركوا للمرأة حريتها المطلقة كاملة بدون رقيب ثم قابلوني بعد عام لتروا النتيجة ولا تنسوا أنكم سترثون معي للفضيلة والعفة والأدب، وإذا مت فقولوا أخطأ أو أصاب لب الحقيقة .
ثم إن السمع والطاعة لأوامر وتعليمات حكومتنا الرشيدة تفرضه تعاليم شريعتنا السمحة تطبيقا لقول الله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وقد امتثل لهذه التعليمات مجتمعنا المسلم الذي يعمل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسمعوا وأطيعوا ولو تأمّر عليكم عبد حبشي ، غير ان هذه الدولة وفقها الله وأيدها بنصره قامت منذ فجر تأسيسها ومروراً بعهودها الثلاثة على ثوابت لا يمكن تجاوزها أو الخروج عليها، وهذا هو سر بقائها واستمراريتها.
وفي نهاية هذا المقال أذكّر الدكتور حسن الهويمل بأن الأمثلة التي أوردها كنموذج مطبق في قيادة المرأة اقتنع به بعض افراد هذا المجتمع هي حالات خاصة لا يصلح القياس عليها إذ ليس جميع نساء المبتعثين يقمن بقيادة السيارة، ومن يزاولن القيادة نسبة لا تمثل حكما عاما على جميع نساء المبتعثين، ثم ان قيادة المرأة في الريف هو قياس مع الفارق، إذ أن قيادة المرأة في المزارع وفي الصحراء يمكن ان يتم وفق لبساها المحتشم كما يمكن ان يتم هذا بعيداً عن مضايقة الرجل للمرأة، ناهيك بأن المجتمع في الأرياف محدود، وتغلب عليه العادات والتقاليد المحافظة بخلاف مجتمع المدن ذات الكثافة السكانية.
والله من وراء القصد,, وهو الهادي إلى سواء السبيل.
عبدالرحمن بن سالم الخلف
مدير المكتبة المركزية الناطقة في وزارة المعارف

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة][موقعنا]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved