| الاقتصادية
يقصد بالتقنية الصناعية مجموعة الخبرات والمعارف والمهارات المستخدمة في اساليب الانتاج كما ونوعا, والتقنية الصناعية لاتشمل استيراد المعدات والالات والمكائن التي يمكن بواسطتها الانتاج والتشغيل في المصانع والورش، وانما تشمل أيضاً القدرة على تشغيلها وادارتها وتوطينها بفاعلية عالية لتحقق الفائدة الاقتصادية المرجوة من استيرادها بدرجة كبيرة وتسخيرها لخدمة المصنع, ويرتبط بتوطين التقنية في اي موقع الدخول في وسائل واساليب الانتاج وامكانية الانتقال بها من مرحلة الاستيراد الاولية الى مرحلة الابتكار والابداع والتطوير نهائيا، ويرجع السبب الرئيسي في الاكتفاء بالمرحلة الاولية في بعض دول العالم العربي الى ان كثيرا من دور المعارف العربية تخصصت في تقديم المعرفة التقنية العلمية نظرياً دون متابعة التوغل في التجارب والتطبيقات والتغيير في مراحل التعليم والتدريب التقنية المصحوبة معها.
واصبحت على ضوء ذلك مرحلة توطين التقنية النهائية تحتاج الى تطوير وتحسين في الموقع التي تقام فيه, وهنا فقد استوجب توطين التقنية الصناعية قنوات وانشطة اقتصادية اخرى تدعمها مثل انتشار دور البحث والتطوير كما يمكن ان يدعمها التنظيم والتمويل والتسويق حتى تتمكن معظم الصناعات المحلية من القدرة والمشاركة على تطوير وتحسين تلك التقنيات التي تم استيرادها من الخارج من معدات ومن الات لخطوط الانتاج التجاري ومع ذلك فمازالت مصانع محلية مقيدة بالتراخيص وحقوق البراءات الخارجية والتي ابرمتها مع الشركات العالمية حين تم بناء المصانع وانشاؤها فكثير من الشركات العالمية تحتفظ بحقوق صناعية وماركات تجارية مسجلة تحميها من المنافسة بانواعها كما انه مازالت جهود المصانع والمؤسسات المحلية المبذولة في توطين التقنية وماتنفقه من مال على تطوير التقنية المستوردة محدودة التطلعات والآفاق بل وتحولت في تخيلات وعقليات البعض منها ان قضية توطين التقنية وليس فقط نقلها انما هي قضية احلام يكاد يعجز الانسان العربي ان يطوعها او يقيمها في دياره.
والحقيقة التي لايمكن لمطلع ان يتجاهلها تنبثق من ان صلب استراتيجيات كل الدول المتقدمة صناعياً يتمثل في حضورها الاستثماري في مجال التقنية وتطويرها في تركيزها على دور البحث العلمي وهي دور تقوم بعمليات التحديث والابتكار والابداع لكل جديد متطور نافع في جميع الحقول الطبية والهندسية والكهربائية وغيرها، وقد اشارت احصائيات الامم المتحدة الى ان سبب اتساع الفجوة التكنولوجية بين الدول الصناعية والنامية راجع الى ضآلة انفاق الاخيرة على البحث العلمي الذي يقدر ب4% خاصة ما يهم بتطوير التقنية وتحديثها واضافت الاحصائيات في ان ما يتوافر لدى الدول النامية من العلماء والمهندسين لاتزيد نسبته على 14% من المتاح عالمياً وبذلك فالمتوقع ان يكون التفاوت ظاهرا جليا بين المجموعتين.
ويفرض هذا التباين الواضح على الشركات والمصانع المحلية الاسراع في اختزال هذه الهوة في مجالات البحث العلمي ومواصلة الجهود من أجل تقديم البحث العلمي التقني في تطوير الالات المستوردة وعدم الوقوف عند مرحلة الاستيراد ويجب على كل مستثمر صناعي ان يتخطاها الى مرحلة التطوير والاضافة.
والاضافة غالبا ماتكون في توليد انواع حديثة منها بحيث تتلاءم مع ظروف مجتمعنا الاقتصادية والاجتماعية بحيث يؤخذ منها الصالح المناسب اما دون ذلك لاينظر فيه كما يمكن ان يتم تطوير استيراد التقنية وتوطنها بانشاء مراكز تميز تطبيقية بهدف تعميق التخصص البحثي وربطه بمرافق وخطوط الانتاج الصناعي فالاسراع بتطوير الدراسات الاكاديمية من معاهد تدريب فنية وكليات هندسية تساعد جزئياً على تطوير القدرات البشرية في استخدام الحاسب والمعلومات وهذا مطلب عصري بغية اخراج كيان تقني قادر على تزويد المجتمع بمختلف التخصصات المستقبلية حيث ان فوائد التقنية الصناعية تمتد الى ربط الصناعات الصغيرة بالصناعات الكبيرة في تكامل اندماجي انتاجي ويمكن تحقيق التكامل الانتاجي عن طريق برنامج زمني متكامل يشترك في صياغته ووضعه قيد التنفيذ العملي كافة القطاعات الصناعية حتى يتم احداث تلك العلاقات التشابكية والتكاملية بصورة متطورة منافسة تتناسب مع غيرها عالمياً كما يجب ان يتم التنسيق بينها بغية الحصول على سلع ذات جودة ومواصفات عالمية تأخذ مكانها المناسب في الاسواق العالمية وفي حال الارتقاء بالمستويات الفنية والتقنية في المصانع الصغيرة والكبيرة فان هذا بدوره يؤدي الى التحسن المستمر لمهارات العاملين في الشركات الصناعية وتطوير تقنياتهم وقدراتهم الابتكارية على اعتبار ذلك مطلبا ملحا لرفع نوعية السلع المنتجة وادخال التحسينات على وسائل الانتاج ولعل من الفوائد المستقبلية ايضا والتي تظهر مع توطن التقنية كونها تعمل على المواءمة المستمرة للانتاج وهذا شرط لاغنى عنه لتحقيق النجاح للقطاع الصناعي خصوصاً في مجال تلبيتها للاحتياجات المرتبطة بالتغير التابع للاذواق والطرازات المتغيرة مع الوقت والمكان كما انها تربط تلك الصناعات في علاقات تشابكية ثانوية من الباطن سواء في المنتجات الوسيطة ذات الجودة العالية او المنتجات النهائية والمعروضة في الاسواق حيث انه من الملاحظ ان السوق التنافسية فرضت ضغوطاً على كافة المنتجين وعلى اختلاف احجامهم من حيث الارتقاء بنوعية الانتاج والموازنة بين معادلات السعر والقيمة والنوعية والمرونة في الاستجابة لطلبات السوق واذا ما اضفنا الواقع الاقتصادي العالمي والمنظمات التجارية وقوانينها فان توطن التقنية وليس فقط استيرادها من الخارج اصبح امرا ضروريا والمستثمر الصناعي الناجح يدرك اهمية التقنية فيسبق منافسه في توطنها وتطويرها فيخرجه كلية من السوق بسبقه.
|
|
|
|
|