رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 10th August,2000العدد:10178الطبعةالاولـيالخميس 10 ,جمادى الاولى 1421

فنون تشكيلية

الفنان مجاهد العزب يرصد قهر الإنسان واستسلامه
رغم أكثر من عشرين معرضاً ما يزال هاوياً للفن
* القاهرة مكتب الجزيرة شريف صالح
حينما كان صغيراً رسم صورة بالقش للزعيم عبدالناصر في زمن الشباب الطليعي، ومنذ هذا التاريخ وجذوة الفن والتمرد تتألق بين جوانحه,, تمرد على القواعد الاكاديمية وعلى الدراسة المنتظمة وأوجد لنفسه إطاراً جمالياً من خلال دراسته لليميكانيكا والتصميم.
وبعد ربع قرن مع الفن يقدم مجاهد العزب معرضه الاخير الذي يحكي عن قصة استسلام الانسان للقهر، في تجربة جديدة دون استخدام الفرشاة على الاطلاق.
عضوية النقابة
* برغم ما يزيد عن ربع قرن وأكثر من عشرين معرضا منفرداً إلا انك لست عضواً في نقابة التشكيليين,, ولم تدرس الفن دراسة أكاديمية,, فلماذا؟
لست عضواً في النقابة ولم أفكر في الدراسة المنتظمة,, ربما هناك موقف لكن لا أحب الكلام عنه الآن! كل ما يهمني ان اعمل وان اجد تقييما لأعمالي، وهذه المسألة لا تتوقف على الدراسة الأكاديمية او على كلية الفنون الجميلة.
إنني ابن ظلي ولا أحب ان أعمل بتوجيه من احد أو بضغوط ما حتى لو كانت قواعد الكليات الفنية, لدينا مثلا ما يزيد عن اربعة آلاف طالب يتخرجون من تلك الكليات، هل يعني هذا أن كل هؤلاء فنانون؟! ربما أكون في يوم ما تمنيت ان أدرس الفن دراسة أكاديمية لكن أهالينا لم يكونوا على وعي بأهمية ذلك، كما انني لا أستطيع بعد كل هذا العمر أن أعود للدراسة الحرة ايضا، فالواقع انني اعمل ومستقل في عملي بجانب الفن التشكيلي.
الرسم والميكانيكا
* لكن لاشك ان دراستك للميكانيكا والتصميم أفادت في اعمالك الفنية المختلفة؟
عملي بالتصميم ودراستي للميكانيكا وجها اهتمامي الاول إلى الجداريات وعمل لوحات ضخمة لشركات قطاع الاعمال ولعدد من الشركات السياحية, وتشكيل الجداريات ممتع لأنه فن مفتوح ومتعدد الخامات، مما يتيح الفرصة للفنان للانطلاق بخياله، فتعلمت من الجداريات جرأة الخامسة والكادر بمعنى ان أكون محدداً في اللوحة وأنا أقدم عملا تصويراً.
* استلهمت دراستك للميكانيكا والتصميم في تصميم اغلفة الكتب او البوستر,, لماذا؟
تصميم الكتب والاغلفة بالنسبة لي من اجل استمرار الحياة لانه من واقعنا الحالي لا أحد يشتري لوحة بأربعة آلاف جنيه مثلا,, وبالتالي ليس أمامي كفنان يبحث عن لقمة العيش سوى تصميم الاغلفة او البوستر.
* بالتأكيد تعاملك بحرية مع الفن جعل ممارساتك مفتوحة وتختار من تشاء كي تتلمذ على يديه؟
في البدايات البعيدة كان مدرس التربية الفنية، ولازلت اذكر اسمه بكل خير وهو الاستاذ أحمد نبيل الذي كان يعطيني الالوان والاوراق ويشجعني، كما أقام لي اول معرض لرسومات,, كما أذكر من البدايات البعيدة انني في بداية النشاط الشبابي او ما يسمى بالطليعة عام 1968م أعددت صورة بالقش للزعيم عبدالناصر,, أما أول معرض حقيقي لي فكان عام 1974م ومن بعده انخرطت مع بعض الاصدقاء في ورشة فنية اقمناها بحلوان ورحت انغمس في الفن متناسيا الميكانيكا, على صعيد آخر اسمر احتكاكي بعدد من الاساتذة مثل محمد هجرس وصلاح عبدالكريم وزكريا الزين وجودة خليفة ورؤوف عياد، الأقرب إلي إنسانيا، فهو أصلا مصور قبل ان يكون فنان كاريكاتير ومازلت إلى الآن آخذ بنصائحه.
توحيد المقاسات
* في معرضك الذي اقيم مؤخرا يبدو استفادتك من الدراسة العلمية من خلال توحيد الاطار والمقاس بالنسبة لجميع اللوحات,, فماذا وراء هذا التوحيد؟
في كل معرض لي أحاول دائما ان أقدم عرضا دراميا يحمل حالة واحدة، فتوحيد الإطار والمقاس المقصود منه انني انظر من نافذة على حالة معينة وعلى موضوع بعينه.
* ما هو ؟
لا أستطيع ان أقول ان هناك موضوعا محددا، وإنما أنا أعمل وأرسم بلا كلل إلى ان أصل إلى قضية ما,, إلى احساس ما,, ففي هذا المعرض رسمت اكثر من ستين لوحة ثم اكتفيت بعرض ثماني عشرة لوحة فحسب، كلها تطرح تساؤلات لا إجابات حول ما يعيشه الانسان المعاصر من ضغوط، وسبب رضاه بهذه الضغوط.
مسألة الرضا أو بمعنى ادق الاستسلام هو ما يشغلني,, لماذا يأخذ الانسان خطوة دون ان يختارها وأيضا دون ان يجبر عليها، وكأنه ليس مسيرا او مخيراً وإنما هو مستسلم يؤدي خطوات متتالية فحسب، وان كانت خطأ دون ان يتراجع!! أحيانا اشعر بأن الانسان يريد ان يقول شيئا لكنه أبداً لا يقول.
عمق ووجه مقهور
* هل هذا هو ما ترجمته من خلال يتماتك الاساسية كالوجه الجنيني المقهور او العمق الساكن الملتوي او الحروف العربية المتداعية على سطح اللوحة؟
أؤمن بما يقوله ماتيس بأن الفن مدرك او تعبير مدرك، فأنا اتحرك من خلال مدركاتنا وأقوم بتحويلها إلى أشياء ذات دلالة, وفي لوحاتي، اتعامل مع الانسان في مكانه داخل اللوحة سواء أكان مغيبا او حاضرا، وأسعى إلى تجريده على نحو ما,, وهو ما تسميه انت الوجه الجنيني فهو انسان محطم أو مهان، حين يعاني درجة من درجات القهر يصبح حليق الشعر سواء اكان رجلا ام امرأة، وفي درجة قهر اخرى تراه منكفئا او مغمض العينين، مهزوماً منكسرا، وأحيانا يبدو كأنه يحاول ان يغترق من العمق إلى الخارج كمن يشق الجدار، فهو ليس عاجزاً وإنما المشكلة في طريقة تفكيره, بالنسبة لقيمة الحروف العربية فهي عنصر تشكيلي وليس لها ادنى دلالة لفظية أو عقلية، ربما تكون ذات دلالة سياسية او اجتماعية في بعض اللوحات.
حركة الألوان
* الملاحظ بالنسبة للألوان انها ليست حادة,, وأحيانا تبدو ضبابية؟
دائما اصنع معركة ما بين الساخن والبارد، بحيث يسخن البارد بذاته ويبرد الساخن بذاته، بذلك لا استخدم اللونين في الدرجة الحادة، وانما أبحث عن درجات متفاوتة توحي بالحركة والانفعال, أما الضبابية او الشحوب فتبدو من شجن الاخضر الباهت وكأنه يغني على ذكريات ما، أو يحيل إلى جو غائم بعيد, لا أستطيع ان اضع يدي مباشرة على معنى معين وراء الالوان، وكثيراً ما أجلس امام اللوحة وأسأل نفسي: لماذا هذا اللون الشجي الى هذا الحد؟ الأمر هو روح واحساس باللون ليس اكثر.
بدون فرشاة
* من الغريب في هذا المعرض انك لم تعتمد على الفرشاة في التكوين,, فكيف تعاملت مع السطح في توزيع الالوان بهذا الصفاء؟
ربما أقول ان المعرض قائم على ثلاثة محاور: الأول هو الخامة، حيث اعتمدت على خامة جديدة مائية يتم عجنها بألوان الزيت، ويتم انزالها بطريقة الطباعة لونا لونا، مبتدئا باللون الفاتح ثم الاعمق باستخدام القماش، وهي تقنية مختلفة تماما عن التلوين بالفرشاة.
أما المحور الثاني فهو محاولة البحث عن خطوط مصرية قريبة من جذورنا حتى لا تكون مستغربة وأخيراً نسجت من خلال هذه العناصر التشكيلية قصة الانسان المستسلم والقانع بكل ما يحدث له وكأن الحياة قد هزمت احلامه تباعا.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة][موقعنا]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved