| فنون تشكيلية
حينما نقول إنه ليس للفن التشكيلي وطن فان هناك أصواتاً موافقة وأخرى معترضة والغالبية تقف معنا ومع أن للفنان وطناً ينتمي إليه في أعماله الفنية انتماء بكل مايعنيه الوطن من دين وتاريخ وجغرافية وقيم وتقاليد اجتماعية ومختزل ثقافي.
يبرز هذا الانتماء في شخصية العمل مهما كان أسلوب التعبير واقعياً تسجيلياً كان او تجريدياً تبقى فيه نكهة ورائحة الوطن وألوانه.
هذا القول بعكس مايمكن ان يقال بأن الفنان لا وطن له بمعنى انه يتعامل مع معطيات المكان وتأثيره وهنا نتوقف اجبارياً عند كلمة مكان لنصحح الفارق بين وطن يحمل معاني شاملة بما فيها العلاقة الروحية وبين مكان لا يعطى للفنان وفي أي بقعة في الأرض سوى حدود موقع الجسد وفرصة المتعة البصرية والتفاعل مع اثر المحيط على ملكة ابداعه والتعبير عنها وهنا تبرز الاجابة الاصح ان للفنان وطنا يرتبط به ارتباط الشجرة بالجذور وبين مكان يتحرك فيه دون حدود او انتماء سوى انتماء التأثر العابر.
اما مايمكن الاجماع عليه فهي اللغة التي يتمتع بها هذا الفن من بين الابداعات الاخرى فهو فن مقروء بالبصر والبصيرة وفي كل بقاع العالم دون ترجمة وايضاح.
ان العمل الفني المرتبط بوطن الفنان ومعطياته يؤكد أصالة المبدع وانغماسه بهذا الواقع المكاني والتفاني وما يمر به من تغيرات ومتغيرات يتعامل معها وبها دون وصاية او تنفيذ اوامر معينة بينما تأتي تلقائية ومن مرجعية وجدانية مغموسة حتى الهامة في الوطن وأرضه ومجتمعه ولهذا يمكن للمشاهد لأعمال معروضة في أي معرض جماعي ولفنانين لمختلف بقاع الدنيا ان يتعرف من كل عمل على مصدره وانتماء مؤدية فالفن الياباني والصيني والايطالي والهندي والآسيوي لكل منها سمته وبصمته التي استوحاها من واقعه ومحيطه الوطني ومهما تعامل الفنان الصيني مع الفن الهندي او الايطالي فلن يكون اصدق او اكثر اجادة من الفنان الاصل لتلك الفنون وانماطها وان مايمكن القيام به لايتعدى النقل الحرفي دون روح او علاقة حقيقية مع مايرسمه لعدم تفاعله مع ابعاده وارتباطه بمصدر استلهامه, ولهذا فان اتساع دائرة معرفة الفنان وتفاعله مع مايحيط به من عناصر في الطبيعة او البشر او بما يمكن ان يتم من تغير او تبدل نحو الجديد ومدى التأثير الذي يعقبه مع ماكان يمتلكه من معرفة سابقة لواقع حال هذا التكوين العام ما يتضح جليا في خطوطه وألوانه ورموزه وهذا الاحساس او التفاعل لايمكن اكتسابه عبر كتاب او اي مصدر معلومات يأتي لاحقا ويمكن الرجوع اليه في أي وقت نحتاجه بقدر ماهو مكتسب فطري ينشأ مع الولادة ويزداد اكتسابا مع الزمن ويصبح الفرد (الفنان) مشاركاً فيه ومتأثراً به ومنعكساً على عطائه وهنا يبرز الانتماء للوطن في العمل الابداعي.
|
|
|
|
|