| تحقيقات
* تحقيق : سعد البقمي
تربة بضم التاء وفتح ما بعدها بلدة قديمة النشأة وعن قدم اسم تربة يقول رداد بن ناصر البقمي في كتابه أمكنة باب الحجاز ونسب قبيلة البقوم ص 14 انه عرف من عهد العماليق من العهد القديم وهي مدينة واسعة العمران كثيرة العطاء الزراعي، تمتاز بحضورها التاريخي وموقعها المتميز تقع على ضفاف واد من أكبر أودية الجزيرة العربية هو وادي تربة حيث تنتشر مزارعها وعمرانها ولهذا الوادي امتداد طويل يصل إلى 400 كم مما جعل أعلاه معدوداً في السراة، وأسفله في طرف صحراء نجد من الجهة الجنوبية الغربية, وبموقعها هذا وقفت على مرمى البصر من صحراء نجد ومن السراة وعرفت تربة بأنها بوابة الحجاز ومفتاح نجد في كتب التاريخ، وجبل حضن المعروف هو الفاصل بين نجد والحجاز وفي المثل أنجد من رأى حضناً وأما الحرة الواقعة شرق تربة والمعروفة الآن واليوم بحرة البقوم وقديماً بحرة بني هلال: فهي منقطعة عن الحرار الحجازية, نحو نجد ما بين الواديين تربة ورنية.
وقد قال عنها الهمداني وهذه حرة نجد في كتابه صفة الجزيرة العربية ص433 في معرض تعليقه على قول الرداعي:
ثم كراع الباب أي باب باب صخور الحرة الصلاب |
نجدية بطبيعة أرضها وتمثل امتداداً للصحراء وتخلو من التكوينات الجبلية الوعرة
نجدية بطبيعتها
ويقول الأستاذ محمد بن ماجد بن غنام في كتابه أجزاع تربة وديار البقوم إن البلدة نجدية بطبيعة أرضها التي تمثل امتدادا للصحراء بكل ما تتصف به من انبساط واتساع في الأفق, وخلوها من التكوينات الجبلية المعقدة وهي في نفس الوقت أقرب الواحات والمراكز المعمورة في الصحراء إلى إقليم الحجاز الذي هو جزء من السراة وثبتت أدلة تؤكد ذلك من تقارب درجات الحرارة بينها وبين كثير من بلدان نجد مثل الدوادمي وعفيف، وفي الصيف اعتدال لا يساوي درجة اعتدال الطائف والسباحة وأيضاً من حيث نوعية الرياح التي تهب على تربة أنها نفس الهبائب التي تهب على نجد وغيرها من الأدلة.
ويعتبر خبر غزوة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لتربة من أقدم الإشارات إلى اسمها أورده ابن هشام في كتابه تهذيب السيرة ص1028 طبعة عام 1383ه فقال:
غزوة عمر بن الخطاب لتربة من أرض بني عامر على رأس سرية من الصحابة بأمر من الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد عرفت تربة بمساحتها الزراعية باسم دجنة بكسر الدال المهملة وسكون الجيم.
وهي تسمية محلية لا أعتقد أن لها انتشاراً كبيراً, ولكنه اسم معروف ودارج على الألسن وله ذكر في الشعر الشعبي
غرس دجنه في ذرانا يرسى مثل ما ترسى جبال الصور |
نشره وعلق عليه حمد الجاسر في مجلة العرب العدد 24 ص 263 رمضان وشوال 1409ه وفي اللغة : دجن بالمكان: أقام به, وألفه, والدجن: إلباس الغيم الأرض، ودجن اليوم دجنا: كان فيه الدجن، في كتاب المعجم الوسيط ص272 ويقول أبو مالك البراء بن عامر ملاعب الأسنة مثله المعروف عرف بطني تربة ومعنى الغيم أو السواد أساس في طبيعة البلدة ففي المثل شاربة تربة ماتروح للدلالة على سحر المربا، وإلى هذا المعنى أشار الهجري بقوله تربة بلد مريف من بلاد مريفة, وتربة أريف من غيرها في كتاب التعليقات والنوادر ص1353 وتوحي الخضرة التي تعم الوادي بالسواد لمن نظر إليه عن بعد، وسمعت من يكنيها بأم الضعيف وسبب هذه التسمية، عندما اقترب عبدالله بن الحسين من تربة عام 1337ه فاوض أهلها بواسطة البقوم الذين حضروا معه حصار المدينة، ومما قال المفاوضون تكفون يابقوم في تربة امام الضعيف, قابلوا الشريف عساه يندفع عنها وراه
والخطاب موجه لمشايخ البقوم.
مميزات الموقع
وكانت في مواسم الثمرة خاصة تستقبل أفواجاً من روادها ومرتاديها وزاد من كرمهم ان مزارعهم لا تعرف الأسوار, وان مجالسهم لا يقفل لها باب.
وما يمتاز به موقع تربة من مميزات أهلته وحافظت على الاستمرارية بالعرمان به هي ما يلي:
سهولة وقرب الاتصال بالحجاز مهبط الوحي ومركز التجارة منذ فجر التاريخ .
القرب من صحراء نجد الأرض التي أسرت قلوب العرب بهوائها ونباتها وشموسها , فانتعجتها القبائل ومنهم البقوم وما زال بعضهم محافظاً على اقتناء الإبل وعلى ارتياد تلك المرابع.
وفرة المياه وحسن التربة وكثرة ما حول البلدة من مراع وفلوات في حضن والحره، وكان بعضها على شكل أحمية وضعت أساساً لتدعيم الزراعة في تربة و يقدر عدد النخيل في تربة حوالي 45 ألف نخلة.
سكان مدينة تربة
يسكن تربه من قديم الزمان قبيلة البقوم, وتنقسم هذه القبيلة إلى قسمين كبيرين:
1 بنو محمد محاميد .
2 وازع.
وزعيم محاميد الشيخ ابن محي، ووازع رئيسهم ابن غنام.
وينقسم المحاميد إلى ست قبائل وهم 1 العوركة 2 الكرزان 3 المرازيق 4 الدهمة 5 السميان 6 الهذلان.
وهؤلاء ينقسمون أيضاً إلى أقسام كبيرة وبعدها ينقسمون أيضاً إلى أفخاذ.
أما وازع فينقسمون إلى قبائل 1 الكلبة 2 القروف 3 الدغافلة 4 ارحمان.
وهؤلاء ينقسمون أيضاً إلى أقسام ومن ثم إلى أفخاذ.
ويدخل من ضمن سكان تربة الاشراف العبادلة في منطقة العلاوة بالقرب من محافظة تربة وبعض الحاضرة في تربة.
لمحة تاريخية
تاريخ هذه المدينة من قديم الزمان وعبر العصور يتردد اسم تربة على الألسن، وعاد أيام هيمنة العثمانيين على أطراف الجزيرة العربية وعزل وسطها تلك العزلة التي تمكن في ظلها الجهل والفوضى، وظل الأمر على هذه الحال حتى قيام الدولة السعودية الأولى، وظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب التجديدية فعادت مع قافلة التاريخ التي قادها الأئمة والحكام السعوديون حيث بايع أهلها الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود عام 1212 ه ,, ذكره أبشر في كتاب عنوان المجد ص 103 111.
بعد أن تعرضت بلدتهم لعدد من الهجمات ثم تلا ذلك أحداث كثيرة لم تكن تربة في معزل عنها, كحملات العثمانيين (1228ه /1331ه) وكبدها حملة مصطفى بك، وحملة طوسون بن محمد علي، وكان موقف أهل تربة صلباً أمام تلك الحملات , حيث شتتوا شمل القوات المهاجمة وبعد معركة تربة الفاصلة بين قوات الملك عبدالعزيز وقوات الأشراف سار أهل تربة تحت راية التوحيد التي حملها الملك عبدالعزيز ووصفت تربة بأنها بوابة الحجاز ومفتاح نجد وعرفت بموقعها الهام وحضورها التاريخي.
غالية البقمية
غالية من الأسماء التي كثر الحديث عنها وعاودتها بعض الصحف والمجلات بالكتابة من وقت إلى آخر, وخصتها إحدى المؤسسات المهتمة بالتأليف للأطفال بمطبوع صغير صدر عن دار الطفولة للتسويق بالرياض, ولم تكن لدي الرغبة حقيقة في الكتابة عنها في هذا التحقيق، ولكن أردت تبيين أخطاء المؤلفين في مصر وسوريا وفي كل الدول العربية الذين يكتبون تاريخا لا يعلمون عنه شيئا إلا بعض الروايات والقصص مثل قصة ألف ليلة وليلة, وها أنا أبين حقيقة هذه المرأة فهي غالية بنت عبدالرحمن بن سلطان البدري من الكلبة من وازع من البقوم, كانت متزوجة من الأمير هندي بن محي شيخ محاميد البقوم،ومما شهر اسمها أنها عاشت في فترة توتر وفوضى بين نجد والحجاز, ففي عام 1228ه قام طوسون بالغارة على تربة ومعه عساكر كثيرون جداً, في هذه الأحداث كان الأمير ابن محي مريضاً وكانت غالية هي التي توصل خطط المعركة لقادة البقوم في بيت الأمير وتم النصر للبقوم وانهزم طوسون ومن معه وقتل حوالي 700 نفس في هذه المعركة, وفي عام 1229ه عاد مصطفى بك وعساكر الشريف بقيادة طوسون باشا وعابدين بك وغزوا تربة كان نفس الوضع في العام الماضي وصلت غالية الخطط للقادة زعماء البقوم ودامت المعركة 8 أيام هزم على اثرها طوسون وعابدين بك شر هزيمة فتناقل الخبر عن هذه المرأة عساكر مصر وقالوا انها ساحرة وقالوا وقالوا ,, الخ وفي عام 1230 ه حدثت غزوة جديدة لتربة وحدث ان توفي الأمير هندي بن محي فأنكرت غالية أن الأمير توفي ووضعته في آخر القصر كي لا يخاف ويرتبك الجند وقالت الأمير يقول كذا وكذا لأنهم يعلمون انه مصاب بمرض منذ 3 سنوات ولا يستطيع المشي على رجليه والخروج إليهم بسبب الإعاقة، وفعلاً قامت هي بوضع الخطة على لسان الأمير وتم النصر للبقوم وبعد هذه الواقعة أخبرت بموت الأمير وورثت مالا كثيرا وقامت توزعه على الفقراء من القبائل والعشائر القريبة من البقوم وتدعم بمالها حركة الإصلاح الوهابية فتناقلوا اسمها على الألسن وخلف الامارة ابن الأمير وهوجاسر, وبعد المعركة هذه بسل خرجت من تربة ومعها ابنتها زملة ولا أحد بعد ذلك يعطي عنها أية خبر لأنها خرجت اثر قيام ابن الأمير عليها بعد المعركة لما رآها تقوم بتوزيع المال بشكل غير طبيعي, فهذه قصتها التي شهرتها مثل قصة شجرة الدر التاريخية.
احتياجات تربة حالياً
* افتتاح مستشفى تربة العام الجديد الذي استغرق بناؤه من الوقت 7 سنوات وهوعبارة عن دور واحد فقط متصل مع بعضه البعض علماً أن مستشفى تربة العام حالياً لا يوجد به غرفة إنعاش وهذه مشكلة لأن محافظة تربة تتبعها عدد من القرى والهجر المأهولة بالسكان.
* خطوط تليفون لهجرة الحائرية التي تبعد عن مدينة تربة 9 كيلومترات فجميع الهجر والقرى البعيدة عن تربة مغطاة وتم وصول خدمة الهاتف لها وبعضها على بعد 40 كيلومترا.
* الخط الذي يربط الطائف بتربة عن طريق حضن والعرفاء الذي لا يتجاوز 40 كيلومترا لم تتم إلى الآن زفلتته وهذا الخط يخفف الضغط على طريق الطائف الجنوبي المعروف ويعتبر همزة الوصل بعد وصوله لمدينة تربة بين نجد والحجاز وتهامة.
فهذه هي طلبات واحتياجات محافظة تربة البقوم الضرورية.
تربة الحديثة اليوم
كانت مباني تربة قديماً على جانب الوادي بالقرب من المزارع, أما الآن فهي شهدت تطوراًعمرانياً كبيراً جداً ووصلت الأحياء العمرانية على حسب التسمية إلى 22 حياً , وتتوسطها خطوط رئيسية وفرعية وتربط بعضها ببعض, وتوجد بها جميع الدوائر الحكومية , وذلك بالرعاية التي حظتها من الحكومة الرشيدة, وكان التعليم في تربة سابقاً عن طريق الكتاتيب بعد ما جاءها الملك المغفور له عبدالعزيز وعين فيها الشيخ محمد بن عمار من أهل شقراء والشيخ عبدالله الرباب من القصيم.
ثم عند زيارة الأمير منصور بن عبدالعزيز رحمه الله لها أمر بفتح مدرسة عشرة فصول وبجوارها مسجد, وبعد ذلك تم إنشاء المدرسة المنصورية نسبة للأمير منصور رحمه الله في عام 1369ه ونقول إن التعليم النظامي بدأ في تربة من عام 1367ه ثم مدرسة العلاوة.
واليوم إحصائية عام 1418ه وصل عدد المدارس في محافظة تربة أكثر من 20 مدرسة ابتدائية وما يقارب هذا العدد للبنات وعشر متوسطات للبنين وخمس للبنات وسبع ثانويات للبنين وثلاث للبنات، ومعهد للمعلمات ومكتب إشراف تابع لإدارة التعليم بمحافظة الطائف ومكتب إشراف تابع لإدارة التعليم للبنات بمحافظة الطائف أيضاً وثلاث مكتبات للاطلاع والبحث,ويوجد بتربة اثار قديمة عبر العصور من كتابات ونقوش ونحت وأسواق وحصون قديمة وقصور وغيرها ويتبع مدينة اليوم قرى وهجر كثيرة جداً تتجاوز 15 هجرة وقرية.
|
|
|
|
|