| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقضي غالبية الموظفين ثماني او تسع ساعات يوميا في وظائفهم,, ويعملون بوظائفهم لأنهم لا يستطيعون البقاء دونها, فهم يحتاجونها للحصول على المال الكافي لضرورياتهم كالطعام والايجار والملابس والمواصلات وتكاليف الدراسة وغير ذلك ويقضون تقريبا ثلث حياتهم في العمل لكنهم في الغالب يكرهونه, ويتذمرون ويحسبون الدقائق حتى نهاية الدوام كل يوم ويحسبون الايام حتى بداية الإجازة القادمة.
ومن ناحية اخرى هناك اناس يستمتعون بالعمل وفي الحقيقة يحبونه كثيرا, ويقضون فيه الكثير من الساعات الاضافية، الى درجة ان هؤلاء المخلصين في العمل اصبحوا مدمنين عليه كالمدمنين على المخدرات والكحول لأنهم لا يستطيعون تركه, وعلى غير العادة في المدن المتحضرة لا يكون الإخلاص في العمل عند عامة الناس وعادة ما يفضلون حياة اللعب والترف.
يمكن ان يكون الإخلاص في العمل مشكلة خطيرة جدا, لأن هؤلاء المخلصين في العمل اصبحوا يفضلونه على كل شيء آخر يحول بينهم وبين العمل, وفي الغالب لا يعرفون كيف يسترخون او يهدؤون ولا يأنسون مشاهدة التلفاز او الرياضة او اي نوع من انواع التسلية والترفيه, وأغلب هؤلاء يكرهون الجلوس دون عمل أي شيء, وعادة ما تكون حياتهم في العمل مرهقة جدا وهذا التعب والقلق يسبب لهم مشاكل صحية كبيرة مثل النوبة القلبية وقرحة المعدة, إضافة الى ذلك ان هذا النموذج من المخلصين في العمل عديمو العناية والاهتمام بأسرهم, حيث لا يقضون سوى الوقت القليل مع أطفالهم وزوجاتهم اللاتي يكرهن الارتباط والحياة مع هذا النموذج من الموظفين التي عادة ما تنتهي بالطلاق.
هل الإخلاص في العمل خطير جدا؟ ربما ليس كذلك, فهناك أشخاص معينون من الناس يعملون بجد وإخلاص تحت ضغط العمل لكن حياتهم سعيدة, وقد أشارت بعض الدراسات الى ان هناك كثيرين من المخلصين في العمل لديهم نشاطات عظيمة جدا وحياة ممتعة هانئة, وعملهم ممتع ايضا وهم سعيدون جدا فيه, وغالبية هؤلاء المخلصين في العمل يرون عملهم نوعا من الترفيه والتسلية, ويدفعهم عملهم نحو التحدي والتقدم الذي يجعلهم قادرين على الابداع والابتكار, بعض من الناس يتقاعدون عند 60 65 سنة من العمر ولكن هؤلاء المخلصين في العمل لا يحبذون التقاعد عند هذه السن من العمر، فهم متحمسون جدا للعمل والحياة ايضا حتى في الثمانينات والتسعينات من أعمارهم.
لماذا هؤلاء المخلصين في العمل يستمتعون كثيرا في وظائفهم؟ هناك العديد من المزايا لديهم, مما لاشك فيه أنها تزودهم بالراتب وهذا هو اهم شيء, وبذلك فهي التي تمنحهم الكثير من الأمن المالي والثقة بالنفس والشعور بالرضى عندما ينجزون شيئا من التحدي والتقدم لمهنهم، فهم دائما قادرون على قول هذه العبارة (أنا ابتكرت هذا),
ويرى علماء النفس ان هذا العمل يمنح الموظفين هويتهم من خلال ممارسة العمل, ويشعرون بالرضى لأنفسهم واشخاصهم, وغالبية هذه الوظائف تمنح الموظفين الرضى الاجتماعي عن طريق مقابلة الآخرين في العمل.
علي حسن البصري
|
|
|
|
|