| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وبعد
عبر هذه الصحيفة الموقرة ومن خلال وسائل الاعلام الاخرى تحدث الاخوة مشكورين عن ظاهرة زيادة ونمو معدلات الطلاق في مجتمعنا العربي السعودي وما ينجم عنها من سلبيات ومخاطر لا تخفى على احد وعزا البعض منهم تفشي وانتشار هذه الظاهرة الى سوء الاختيار بينما يرى البعض انها امر وارد وواقع في سائر المجتمعات فطالما ان هناك زواج فلابد ان يكون هناك طلاق وقال آخرون ان مردها يعود الى سوء الطالع وقلة الحظ والبخت والنصيب ليس إلا.
وقبل ان استرسل في مناقشة هذه الظاهرة احب ان اعود الى الوراء قليلا وتحديدا قبل اقل من عقدين من الزمن حينما كانت معظم الاسر اكثر بساطة وارتباطا واقل ترفا وانفتاحا الواقع الذي يجعل الفتاة تقبل وتتعايش مع اي زوج يراه وليها فتتكيف معه بسلبياته وايجابياته معتقدة ان الازواج عموما على نمط واحد لذا نادرا ما تسمع عن خلاف او شجار بينهما فما بالك بأبغض الخلال الى الله, وفي عصرنا الحاضر ادركت الفتاة دورها الفاعل في بناء اسرتها وتنمية مجتمعها ووصلت الى ما وصلت اليه في مجال الطب والتربية والأدب الوضع الذي يمكنها من التطلع الى زوج يحترم فكرها وقدراتها وبالتالي تحقق من خلاله آمالها وطموحاتها في الحياة والاسئلة التي يطرحها الواقع لدينا هي: كيف السبيل للوصول الى مثل هذا الزوج؟ وهل قناعة الولي بالخاطب المتقدم تعكس فعلا رغبة وامكانات الفتاة؟ وهل الخطابة ومن في حكمها لديهم القدرة والدراية علىالتوفيق بين طرفين متكافئين؟ إذا سلمنا يقينا ان من جملة هؤلاء المطلقات اعداد غفيرة على قدر عال من الثقافة والوعي لايشك احد انهن من اكثر النساء حكمة وروية واقدرهن على معالجة هفوات ازواجهن مما يؤكد انهن صدمن بأزواج لا هم على البال ولا على الخاطر, في المقابل هناك أزواج لا يقلون وعيا ونضجا منهن اصابهم ما اصابهن فاتجه البعض منهم الى الخارج للارتباط بزيجات معظمهن اقل وعيا ووفاء من كثير من هؤلاء المطلقات وان انبهر المنبهرون ببياض بشرتهن وعذوبة ألسنتهن, هذه التجارب المرة والقاسية لهؤلاء المطلقين والمطلقات تشير الى خلل واضح في آلة ونمطية الاختيار والارتباط، فلا النظرة العابرة كفت وافلحت ولا الجهود والمساعي التي بذلها اولياء الامور لمعرفة مدى صلاح الآخر نجحت وأثمرت, فالمشكلة هنا تتجاوز حدود المظهر والشكل وتقف امام عمق الآخر ونظرته ومفهومه للزواج ومدى استعداده وتفاعله في اثراء هذا الكيان.
وستظل وتتفاقم هذه الظاهرة ما لم تتضافر جهود المعنيين والباحثين للوصول الى حلول تحد من زحف هذه الظاهرة التي تنخر بنيان الاسرة وتهدد كيانها ووجدانها وان كان لي من رؤية متواضعة حول هذه الظاهرة فلعلني اوجزها بما يأتي:
أولا: فتاة اليوم ليست كفتاة الامس قابعة في بيتها تنتظر نصيبها، كما اشرت سابقا هي الآن تخرج للدراسة والعمل وتشارك في الندوات والبرامج الحوارية وتجادل الباعة في الاسواق, فلماذا لا يتاح لها الفرصة بطريقة او اخرى في حوار ومناقشة من يتقدم لخطبتها بحضور وليها وفي اطار الوقوف على نضج ووعي الآخر ومدى مواءمته وانسجامه في حدود ما تسمح به الشريعة الاسلامية.
ثانيا: تشجيع واستقطاب راغبي الزواج من الجنسين عن طريق قنوات وجمعيات اكثر فاعلية وشفافية يشير المتقدم من خلال طلبه الى الصفات والمؤهلات التي يرغبها في الطرف الآخر وفق ضوابط معينة تكفل تأدية مهامها بسرية وموضوعية وان يقوم على هذه الجمعيات اشخاص مشهود لهم بالصلاح والتقوى وحب الخير, ثالثا: اعداد الفتاة والتأكيد على انها مقبلة على زوج تحمل في سبيلها ما تحمله من الاعباء والديون وهذا يتطلب بعيدا عن المظاهر والمباهاة ودون مقارنة وضعها بوضع القريب والبعيد مما يثير حفيظة الزوج ويشعره بالقصور والدونية وبالتالي تنشب الخلافات وتتولد الكراهية لتصل الى ما لا يحمد عقباه كما ينبغي التروي وعدم الاندفاع في تزويج الفتى ما لم تأنس منه اسرته رشدا وقدرة على تحمل مسئوليات الزواج وهمومه.
محمد عبدالله الداود بريدة
|
|
|
|
|