| الاخيــرة
*
في مثل يوم غد العاشر من شهر جمادى الأولى 1420 ه، اختطفت يد المنون من بين ظهرانينا صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز آل سعود حيث انتقل إلى جوار ربه هانئا مطمئنا ومرتاح البال والضمير.
فسموه يرحمه الله يجمع المجد من كل أطرافه ومع ذلك لم يزده هذا التميز إلا رقة وتواضعاً وتفانياً من أجل الآخرين ومن أجل رفعة الوطن وبخاصة فيما يتعلق بالمهام الجسام التي أنيطت به فكان بحق مثالاً يحتذى لمن يريد أن يلحق بركب النبلاء في جميع ميادين العطاءات الخيرة.
وللتدليل على تلك فلن يحتاج الأمر إلى جهد أو كبير عناء لأنه أينما أجلنا النظر في معالم بلادنا العزيزة نبصر أمامنا الكثير من الإنجازات البناءة المتمثلة في المنشآت الرياضية والنوادي الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون وبيوت الشباب وكل ذلك مما يعز نظيره بالاضافة إلى التفوق الشبابي والثقافي والرياضي إقليمياً وعربياً ودولياً.
أما الجوانب الإنسانية في حياة سموه فهي أكثر من أن تحصى في هذه العجالة فكان رحمه الله يعطي من جيبه الخاص عطاء من لا يخشى الفقر ويتضح ذلك بجلاء من خلال العديد من الحالات التي كانت تكتب عنها الصحافة المحلية.
فهناك عطاءات، وهناك تطبيب في الداخل والخارج، بل وهناك شراء دور وتأثيث توهب لمن يتبين أنه أحق بالتكريم بين أقرانه فكان لهذه الأيادي البيضاء أكبر الأثر لسد حاجة العديد من المعوزين كما كفكفت الدمع في مآقي الطفولة لمن افتقد حنان الأبوين.
ولهذا ليس بمستغرب أن يستشعر المواطن السعودي شيئاً من الفراغ في ثنايا جوانحه وأعطافه بسبب الغياب المحتوم الذي حجب عن الأنظار ذلك الوجه السمح الذي اعتاد المواطنون أن يروا صاحبه سباقاً إلى أداء الواجب وإقالة عثرات الكرام.
وعلى كل حال فإن سموه لم يكن في يوم من الأيام في حاجة إلى من يشيد به أو يكيل له المديح والثناء لأن سموه أساساً لا يحفل بذلك، فقد كان كل همه رحمه الله هو التقرب الى الخالق بالطاعات ثم السير على نهج والده خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله الذي تربى في كنفه فاكتسب منه الصفات الأخلاقية الكريمة والعادات الحميدة التي اتسم بها ولاء وصدقاً ووفاء واخلاصاً.
ولذلك فمن الطبيعي أن يزداد الوطن سعادة إذ يرمق الراحل العزيز وهو يدخل التاريخ من أوسع أبوابه لأنه أصبح في عداد الخالدين.
|
|
|
|
|