أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 9th August,2000العدد:10177الطبعةالاولـيالاربعاء 9 ,جمادى الأول 1421

مقـالات

الأنسولين هو الحياة
منى عبدالله الذكير
مرض السكري من الأمراض التي اصبحت شائعة جدا، يُقال في تبرير زيادة اعداد المصابين به من الجنسين انه نتيجة التوتر والقلق الذي بات من سمات عصرنا الحالي، وايضا العادات السيئة ونوعية الاكل، وعدم الحركة.
قبلا كان الانسان يعمل ويتحرك ويستخدم عضلاته في صناعة جميع الادوات المنزلية، وحتى الطعام كان يحتاج الى جهد للحصول عليه والى تخزينه وعلى سبيل المثال,, التمر او البلح عندما تطرح النخيل كل عام في موسمها، كم من الايدي العاملة والافراد يعملون في جني التمور من اعذاقها فوق قمم النخيل، ثم فرز وتنظيف التمور وكبسها,, اي وضعها في علب من الصفيح تنك,, او سلال من الخوص ثم حملها وبيعها وتصديرها، كل تلك العمليات تتم بواسطة الجهد العضلي الانساني وباليد المجردة، بعد ذلك دخلت الآلات واقيمت المصانع لتقوم بكل الاعمال السابقة,, وهكذا دواليك احتلت الآلة مساحة الاعمال والوظائف التي كانت تحتاج الى جهد وطاقة بدنية تحرق الاكل البسيط الذي كان يتناوله الانسان.
في ايامنا هذه لماذا انتشر مرض السكري بهذه الكثافة التي تقترب من مرحلة الخطر، وبدأت اجراس الانذار تدق معلنة حملة للحد من تفشي المرض وللتوعية للوقاية منه.
الدكتور توفيق نصيب نائب رئيس اطباء المراكز الصحية بالبحرين يقول: ان من اهم العوامل المؤدية للاصابة بداء السكري اولها قلة الحركة وضغوط الحياة اليومية ايضا، الاستعداد الوراثي له دور كبير في زيادة اعداد المصابين وتضمير انماط السلوكيات الحياتية مثل تناول اكلات مشبعة بالدهون، والاكلات الجاهزة والسريعة، مما يؤدي الى زيادة الوزن,, على العموم الكثير من الناس مصابون بداء السكري ولا يدرون، فجسم الانسان يحتاج الى مادة السكر لمده بالطاقة الضرورية لمزاولة نشاطاته المختلفة,, ولكن عندما تزيد نسبة المخزون من السكريات في الدم تبدأ الكليتان في افرازه عن طريق البول.
وهنا يكون الشخص مصابا بالسكري، في الحالات الطبيعية يحول الجسم المواد الغذائية الى سعرات حرارية,, يعتقد بعض الناس ان تناول المواد السكرية والحلويات فقط يؤدي الى الاصابة بالمرض، ولكن هناك انواع اخرى من الاطعمة مثل النشويات كالارز والخبز والمعكرونة تتحول الى سكريات في الدم, ايضا عقب الاصابة بالحمى الشديدة وارتفاع الحرارة تظهر اعراض الداء, والسبب ليس المرض المعدي بل الحرارة الزائدة التي تصاحبه, ويزول السكري بزوال الحمى.
ايضا عند المرأة في حالات الحمل والرضاعة تزداد نسبة السكري في دمها وقد تحدث مضاعفات لدى الجنين او الحامل,, وفي بعض الحالات يولد الطفل بشكل ضخم جدا ويمتاز بوزن مذهل.
ويجمع الاطباء على ان الانفعالات النفسية والتوتر والتعرض لخسارة مالية كبيرة، او الخوف قد يصيب الانسان بداء السكري وهناك مثل شائع في هذه الحالات (ان ذلك الانسان احترق دمه) ايضا اختلال عمل الغدد الصماء وخصوصا البنكرياس الذي يفرز مادة (الانسولين) لتنظيم عملية حرق وهضم الطعام بالقطع يؤدي الى مرض السكري, والبنكرياس الجزء الوحيد في جسم الانسان لم يستطع الاطباء والعلماء ايجاد بديل له او تغيير وزرع عضو من البلاستيك مثل القلب والكلية وذلك لانه يفرز المادة الحمضية التي تهضم وتفتت الطعام بالتالي فتلك المادة يا سبحان الله جلت قدرته قد تهضم اي جهاز بديل مصنوع من اي مادة غير عضوية ولكن البنكرياس في الانسان لا يهضم نفسه.
ويقترح الدكتور توفيق نصيب ان تعمل الجهات المختصة لايجاد برامج تثقيفية مدروسة وايجاد سجل لكل مريض فيه بداية ظهور المرض وتطوراته والعلاجات التي قدمت اليه وانشاء عيادات متفرقة للامراض المزمنة والسكري اهمها,, على العموم منذ سنوات صارت تلحق عيادة للسكري في كل مركز صحي بمناطق البحرين المختلة وفيها طبيب مختص لمعاينة الحالات.
ويتابع الدكتور نصيب انه يجب متابعة الحالات وتدريب عدد من الممرضات للتعامل مع هذا المرض والحالات التي تقدم للعيادة والهدف خفض المضاعفات التي تنشأ عادة من التعرض لذلك المرض، وادخال برامج وقائية وتمكين المريض من العناية بنفسه مما سيؤدي حتماً الى خفض عدد المصابين بداء السكري، الآن اصبح بإمكان المريض ان يقوم بتحليل السكر في دمه عن طريق آلة صغيرة مخصصة لذلك )Autolet( في المنزل دون الحاجة للذهاب الى المراكز الصحية وذلك كل صباح لمعرفة نسبة السكري لديه وهذا يجعل المريض يتبع حمية غذائية مناسبة, ان داء السكر هو المرض الوحيد الذي بيد المريض معالجة نفسه منه عن طريق التحكم بغذائه وذلك بالابتعاد عن انواع معينة من الاطعمة، او تناول الخضراوات وما شابه, لقد اصبح بالامكان تخليص المصاب من اعراض المرض المزعجة عن طريق الحمية فقط, ومن اعراض المرض ان المصاب يصاب بنحول ونقص في وزنه، ويشعر بالعطش، وقد تتورم الرجلين، والبعض يشعر بضعف البصر التدريجي,, والكثير منا لا يتنبه الى ان تلك الاعراض قد تكون من احد اسباب الاصابة بداء السكري وهو ما يسمى (الكامن) اي لا يظهر بالفحوص الى ان تتقدم الحالة.
في دراسة اجريت عام 95م ظهر في البحرين ان 14% من الذكور مصابون بالداء والنساء 19% بينما في المملكة كانت النتيجة 4,3% لكل الاعمار.
ويقول الدكتور نصيب: ان هناك تأثيرات عكسية للمرض حيث يؤثر على اداء الفرد الوظيفي فيكثر غيابه عن العمل نتيجة الارهاق، ايضا بالنسبة للطلبة المصابين وغيابهم المتكرر، مما يؤدي الى قلة الانتاج وضعف التفوق,, واذا اصيب رب الاسرة يؤدي ذلك الى انخفاض دخل الاسرة عدا عن التأثيرات الاجتماعية والنفسية المصاحبة.
في دراسة منشورة قرأتها حول داء السكري انه قبل اكتشاف الانسولين المصنع كان من الخطورة اجراء عملية جراحية لاي مريض بالسكري وعند اصابة المريض بأي جرح يظل ينزف ولا يلتئم بسهولة ولكن بعد اكتشاف الانسولين وحقن المريض به، زال الخطر عن حياة المريض بالسكري وصار بالامكان معالجة تلك الحالات واجراء العمليات الجراحية دون تعقيد.
الدراسة تعود بالمشاكل الجنسية التي تعاني منها بعض النساء الى اصابتهن بداء السكري مما يسبب لهن الارهاق او الالتهابات ويخجلن من عرض انفسهن على طبيب مختص او مفاتحة شريك العمر، او حتى السير على نظام غذائي وعلاجي مناسب, مما يعني عودتهن الى الحياة الطبيعية ان الجهل والتعتيم في غالب الاحيان يقودان الى تفاقم الحالة, كما ان الدراسة تؤكد الى ان زواج شخص سليم من طرف مريض لا تأثير له البتة ويمكن الانجاب بشكل طبيعي.
الآن الابحاث تجرى بكثافة لتصنيع غدة بنكرياس صناعية لتقوم بوظيفة تلك المعطلة بشكل طبيعي كامل, وعند ذاك ننتهي من المرض تماما ان شاء الله, رغم انه توجد في المستشفيات اجهزة تقوم مقام عمل البنكرياس ويسمى (البنكرياس الصناعي) وهي اجهزة ضخمة ومعقدة ويتوجب على المريض زيارة المستشفى بانتظام ليخضع للعلاج بواسطة ذلك الجهاز الذي يمد الدم بالانسولين.
لقد اصبح شعار اليوم العالمي للسكر عام 96م بمناسبة مرور 75 عاما على اكتشاف الانسولين هو (الأنسولين هو الحياة).
لقد عرف الصينيون ذلك الداء منذ البشرية الاولى، اما الهنود فقد اطلقوا عليه اسم (بول العسل) لتراكم الذباب عليه.
اما الطبيب العربي (ابن سينا) فيعود الفضل لله ثم له في وصف هذا الداء وصفاً يصل حد الابداع.
أخيراً قال الله سبحانه وتعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا).
وهكذا يصبح التعايش مع الداء عن طريق الغذاء المتوازن والعادات المتوازنة وراحة القلب والضمير.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved