أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 9th August,2000العدد:10177الطبعةالاولـيالاربعاء 9 ,جمادى الأول 1421

مقـالات

لا وقت للصمت
دائماً,,!
فوزية الجار الله
ليس مثل شمس الصيف لدينا، مركزة,, حادة,, مضيئة,, ورغم ذلك لابد أن نبحث عن الجانب الأجمل في كافة طقوسنا,.
تذكرني أيام الصيف هذه بالكثير من الأشياء الجميلة أو الباهتة المعتمة,, تذكرني بالكثير من المواقف المبهجة أو الحزينة,.
تذكرني بتلك الكلمات بعيدة العهد التي صدحت بها فيروز تصف من خلالها لحظة صيفية ساخنة جداً وسط الحافلة,, الأغنية كانت بعنوان عهدير البوسطة والمقصود بالبوسطة باللهجة اللبنانية اسم قديم للحافلة,, الكلمات بسيطة وجميلة باللهجة اللبنانية المحلية وتأتي بصوت فيروز أشبه بالحكاية التي تسمعها وتتخيلها تماماً,, ترى الرجل مسرعاً كي لا يمضي عنه الرفاق وساعة يضع قدمه على عتبة الحافلة يتلفت يمنة ويسرة ويرسل تنهيدة قصيرة,, لقد تركها هناك,, يضع قدمه متردداً وجلاً لكن لابد من هذا الرحيل وكأنما ينطبق عليه قول الشاعر:


ودِّع هريرة إن الركب مرتحلُ
وهل تطيق فراقاً ايها الرجل

يركب الحافلة القديمة راضياً بما كُتب له منتقلاً من ضيعة إلى أخرى,, ما بين أرض وأرض,, يسترخي على أحد المقاعد وحوله الكثير من الركاب وكأنما هو غريب بينهم,, الطريق وعر وصعب والحافلة تشق الطريق بصعوبة,, تهدر وتهتز ورأسه يهتز يمنة ويسرة، وتعود إليه الذكريات,, موعود بعيونك أنا .
هو موعود بعينيها دائماً وابداً هي قدره الذي لا فكاك منه فإن لم يجدها أمامه وجدها خفقاً في الوريد ونبضاً في الذاكرة,, تواصل الحافلة هديرها ومسيرتها وسط الطريق الجبلي وفي مخيلته يتأمل من حولها ويحدثها,, بل يناجي طيفها نحنا كنا طالعين بها لشوب وفطسانين .
كنا معاً وسط ذلك اللهيب,, كل يسلِّي نفسه بشيء ما في محاولة دؤوبة لطرد الملل,, أحدهم يأكل أوراقاً من الخس والآخر يتناول حبات من التين وآخر يجلس الى جانب زوجته يالسعادتهم اولئك الركاب كلهم لا يحملون هماً وينزلقون على سطح الحياة كما يقول غسان كنفاني هم في وادٍ وهو في وادٍ آخر,, هم لا يعلمون سطوة جمالك لا يعلمون استبدادك بالقلب والعقل والذاكرة معاً,, مش عارفين عيونك يا عليا شو حلوين ! يبدو اللحن ايضاً قطعة ناعمة من هدير الحافلة.
لايزال الركاب مشغولين بذواتهم ومازال هو يستعيد ويتذكر كافة الصور مستسلماً لذلك القدر اللذيذ,, عينيها!.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved