| القرية الالكترونية
أعلنت شركة دويتشة تيليكوم الالمانية وثاني أكبر شركة اتصالات أوروبية من حيث القيمة السوقيةمؤخرا عن شرائها بما مقداره 50,7 دولار لشركة حديثة خاسرة (خسائر العام الماضي 581 مليون دولار تم تداول اسهمها على ناسداك في مايو 99) بالاضافة إلى انها ليس لديها حصة سوقية تستحق دفع مبلغ كهذا.
هذه الشركة هي (فويس ستريم Voices Stream( الأمريكية والتي لديها حوالي 2,5 مليون مشترك، أي أن شركة دويتشة تيليكوم دفعت حوالي سبعة عشر ألف دولار عن كل مشترك.
ومع كل هذا يجب أن تبدأ شركة (دويتشة تيليكوم) بالدخول في مفاوضات مطولة لاقناع هيئة الاتصالات الفدرالية الامريكية بأن هذه الصفقة تنصب لصالح المستهلك الأمريكي,, وهذا هو المنفذ الوحيد الذي يمكن من خلاله تمرير الصفقة قانونيا في الولايات المتحدة حيث تحضر بيع شركات اتصالات لأي شركة اجنبية اخرى تمتلك الحكومة فيها حصة تزيد عن 25% وبما ان الحكومة الالمانية لديهاحصة 58% (تصبح 45% إذا تم طرح اسهم جديدة لتمويل عملية الشراء) فلن يكون الامر سهلا.
من وجهة نظر مسؤولي (دويتشة تيليكوم) فإن هذه الصفقة ستفتح لهم أبوابا جديدة في الولايات المتحدة واني أتساءل:
1 الاسواق الامريكية ليست أرضية سهلة للحصول على حصة في ظل منافسة شديدة، خاصة إذا كانت الادارة اوروبية وبالتحديد المانية فماذا استطاعت (مارسيدس، بي,ام, دبليو والقائمة تطول) ان تحصله في هذه الاسواق؟
2 ماذا تستطيع (فويس ستريم) فعله أمام (اي تي اند تي وايرليس وسبرنت AT and T Wireless - Sprint) والتي تدار من قبل إدارة أمريكية.
3 المبلغ المدفوع عن عدد المشتركين يزيد بحدود (45) أضعاف ما دفعته (فودفون) إلى (ايرتونج كومينيكيشنز) العام الماضي، فما هو الانجاز الخارق الذي تحلم فيه (دويتشة تيليكوم) لتغطية هذه القيمة؟
اني اسند هذه الصفقة على نظريتين:
الأولى : إن قيمة الصفقة المبالغ فيها ليست إلا لكون (فويس ستريم هي آخر شركة اتصالات مستقلة في الولايات المتحدة بعد نورتيل نيتوركس والوحيدة التي تستعمل نظام ال (جي,اس,ام GSN) وهو النظام الذي يمكن من خلاله تكامل الانظمة لمثيلاتها في اوروبا, بالاضافة إلى أن فرص نمو الاسواق اللاسلكية في الولايات المتحدة اكبر حيث لايزال ثلث الامريكان يستعملون الهواتف النقالة مقابل 40% في اوروبا الغربية مما يجعل حظوظ الحصول على مشتركين جدد في سوق الولايات المتحدة اكبر.
الثانية : محاولة ايجاد خليط (سياسي اقتصادي) بامتلاك الحكومة الالمانية لشركات اتصالات امريكية منتشرة شبكاتها داخل اراضي الولايات المتحدة الامريكية وهو ما دفع اعضاء الكونغرس إلى طرح مواضيع تتعلق بالامن القومي الامريكي لايقاف هذه الصفقة, وهناك سؤال ضمني إذا كانت هذه النظرية صحيحة: إذا كانت امريكا تنادي بالعولمة وتحث دول العالم بفتح اسواقها للشركات الامريكية، لماذا لا تسمح بطريق العولمة ان يكون باتجاهين؟ هل هناك علامة (عدم دخول) على الطريق المؤدي إلى الاسواق الامريكية أم ماذا؟
أخيراً سيكون (رون سوميرس/ رئيس مجلس دويتشة تيليكوم) تحت ضغط مستمر من قبل حاملي الاسهم (إلا إذا كانت العملية بمباركة الحكومة نفسها) والذي قام في ليلة وضحاها باعطاء 22% من شركته والتي تعتبر إحدى عمالقة شركات الاتصالات العالمية الى مساهمي شركة (فويس ستريم) المتواضعة النتائج.
أحمد السامرائي
|
|
|
|
|