| الاخيــرة
تواصل مكتبة الملك عبدالعزيز العامة مشوارَ النبوغ، مؤكدة بذلك حضورها المتميز ضمن مشهدنا الثقافي، وبات لهذا النبوغ مواسمُ عبر العام تُستضاف خلالها الندوة المتخصصة، والمحاضرة الجادة، والمعرض المغني في هذا الحقل أو ذاك من موارد المعرفة الإنسانية.
***
وها هي مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تكرم المرأة السعودية المثقفة، فتمنحها اهتماماً ورعاية، وتقيم من أجلها معرضاً طموحاً يُعنى بإنتاجها العلمي والفكري، وهي بادرة نادرة ولفتة جميلة لم يسبقها إليها أحدٌ من قبل!
***
ويعنى هذا المعرض، كما يُنبئ بذلك عنوانه، بتسليط الضوء على نماذج تم انتخابها مما أبدعته ثلَّة كريمة من بنات هذا الوطن ينتشرن في ربوع البلاد بين الوظيفة والبيت والعمل الحر، ويدخل ضمن دائرة الاختيار البحوثُ العلمية المطبوعة في كتب,, والمقالات المنشورة في دوريات علمية محكّمة،وينضم إلى ذلك نماذج مما سبق نشره في فنون الشعر والقصة والرواية.
***
إنها لفتة حميدة لتكريم المرأة السعودية عبر منجزها العلمي والثقافي من لدن مكتبة الملك عبدالعزيز التي حولتها إرادة مؤسسها وراعيها سمو سيدي ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز أيده الله، من مجرد مكتبة تعنى بخدمة المعرفة، جمعاً وتصنيفاً ورصداً، إلى مؤسسة ثقافية كبيرة في طموحها,, سخية في عطائها، قوية في حضورها ومواكبتها لأعراس الوطن ومناسباته!
***
ويأتي معرض الانتاج الفكري والعلمي للمرأة السعودية خطوة جديدة تحمل كلَّ معاني الريادة الفكرية والحضارية لمكتبة الملك عبدالعزيز العامة، ولتؤكِّد مجدداً المعاني النبيلة التي نقشها هذا الصرح الثقافي في ذاكرة الوطن,, ثم لتقومَ شاهداً أميناً على نبوغ الفكر المساند له، وروعة المبادرة التي منها انطلق، وبها يدوم بإذن الله!
***
وأودّ أن أستثمر مناسبة الحديث عن هذه التظاهرة الحضارية الجميلة لصالح النابغات من بنات هذا الوطن فأطرحَ أماني متواضعة حول الموضوع، ألخّصها في الآتي:
أولاً: أتمنى أن تُعقد هذه التظاهرة مرة كل عام أو عامين، تُعرض خلالها منجزاتُ نسائنا الفكرية والعلمية والإبداعية، شعراً ونثراً وفناً تشكيلياً.
***
ثانياً: أتمنى أن تُنشأ على هامش هذا الاحتفاء جائزةٌ يطلق عليها اسم
جائزة الأمير عبدالله بن عبدالعزيز
للإبداع العلمي والفكري
تُخصص لتكريم النابغات من بنات بلادي في العلوم والآداب والفنون الإبداعية، ويقام لها احتفالٌ خاص، وتوضع لهذا الغرض لائحة تعرِّف بهوية الجائزة، وموضوعاتها وآلية اختيار وتكريم المرشحات لها.
***
وأعتقد أن لهذا الاقتراح مايبرّره:
(أ) فقد أثبتت المرأة السعودية حضوراً مؤثراً تفاعلت من خلاله مع ظروف التنمية وتحدياتها ولوازمها في بلادنا، ووقفت جنباً إلى جنب مع شقيقها الرجل في مواجهة تلك التحديات، فإذا هي الطبيبة والمعلمة والباحثة والممرضة واستاذة جامعة بل والوكيلة المساعدة، وهي الأديبة والشاعرة والمفكرة والفنانة التشكيلية ومصممة اللآلىء والأزياء!
***
(ب) إنه قد تنامى حضور المرأة عددياً في وظائف الدولة حتى قارب في الوقت الراهن نحو مائتي ألف موظفة ينتشرن عبر المساحة البيروقراطية في طول البلاد وعرضها، والحاجة لهن تزداد في أكثر من قطاع رغم شح الوظائف, ويضم هذا العدد مبدعات في أكثر من فن وشأن!
***
(ج) هناك نساء مؤهلات تأهيلاً عالياً متخصصاً يعملن في صمت، ويعزفن عن الأضواء الإعلامية إما طوعاً أو طبعاً، وبعضهن كُرِّمن أو يُكرمن خارج الحدود، وأضرب لذلك مثلاً بالأستاذة الدكتورة سميرة بنت إبراهيم إسلام، أستاذة علم الصيدلة بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، وأول جامعية سعودية تمنح رتبة (أستاذ)، فقد كرمتها منظمة الصحة العالمية باختيارها مسؤولة كبيرة في مكتبها الأقليمي لمنطقة الشرق الأوسط حيث عملت به بضع سنين، وكرمتها الأمم المتحدة مؤخرا، ممثلة في منظمة اليونسكو، عبر احتفال جميل أقيم بمدينة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.
***
وهناك الطبيبة الاستشارية السعودية الدكتورة وفاء محمد فقيه التي قادت فريقاً طبياً متخصصاً أجرى لأول مرة في العالم بنجاح عملية زراعة رحم لامرأة سعودية، في مستشفى الملك فهد بجدة, وقد تناقلت هذا النبأ وسائل الإعلام المختلفة، مقروءة ومسموعة.
***
ثالثاً: أتمنى أن ينشأ تعاونٌ وثيق بين مكتبة الملك عبدالعزيز العامة والرئاسة العامة لتعليم البنات وجمعية الملك عبدالعزيز ورجاله للموهوبين، للتعرف عبر المدارس والمعاهد والجامعات على ذوات القدرات الخاصة في فنون المعرفة والإبداع الإنساني، وتكريم النابغات منهن.
***
وبعد
فتحية خالصة للمفكرة والأديبة والعالمة والفنانة التشكيلية السعودية عبر هذا المعرض المتميز، وتحية مماثلة لمكتبة الملك عبدالعزيز العامة ممثلة في مبادرتها الجميلة، تكريماً للإبداع وأهله، نساءً كنّ أم رجالاً!
عبدالرحمن بن محمد السدحان
|
|
|
|
|