| مقـالات
في الوقت الذي كانت فيه وسائل الاعلام محدودة الانتشار، ويكاد البعض يسمع عن جهاز اسمه الراديو، كانت نسبة التعليم لا تكاد تذكر، كانت القضايا الكلية والأساسية واضحة تماماً في أذهان الناس، وكانت المنطلقات الفكرية ثابتة وراسخة، وكان التلقي رغم محدودية وسائله وندرتها من مصادر موثوقة ومعتبرة، فكان التأثير قوياً، يجمع الناس ولا يفرقهم، يعرفهم المفاهيم الصحيحة ولا يشتتهم.
واليوم اختلف الأمر,, انفجار معرفي ، ثورة هائلة في عالم الاعلام والاتصالات، يستطيع المرء أن يعرف كل شيء عن أي شيء، وفي أي بقعة من بقاع المعمورة,, وتتبارى وسائل الاتصال الجماهيرية، التي تدخل البيوت بدون استئذان، البث المباشر على الهواء يتناول أي حدث، وتعرض جميع الآراء وكافة وجهات النظر!!
ولكن الاختلاف الوحيد بين الانفجار المعلوماتي وثورة المعرفة التي يعيشها المرء اليوم، وبين ندرتها ومحدوديتها بالأمس، ان المتلقي الآن صار مشتت الذهن، شارد البال، قليل التركيز، غير مبالٍ بما يحدث تجاه قضايا مصيرية وأساسية، من قضايا وطنه وأمته، وصار تجاوبه صفراً في زمن كل شيء فيه معلن ومعلوم؟!
إنها حالة غريبة وشاذة من أحوال البشرية، وقد تكون غير مسبوقة في التاريخ البشري، فهل نستطيع فك رموزها وشفرتها لنعيد للمتلقي العربي والإسلامي ذهنه الشارد، وعقله الغائب، ونعيد تشكيل ذلك العقل على أسس معرفية ثابتة وراسخة، أم نتركه فريسة لغيرنا، ونتحسر بعد ذلك على اللبن المسكوب ؟!
|
|
|
|
|