| مدارات شعبية
يلحظ المتتبع لمحتويات الكتاب ظاهرة إبداع بعض الشعراء القدامى والمحدثين في عطائهم الشعري في شتى فنون الشعر ومجالاته واغراضه مثل الغزل العذري الشفاف النقي والشكوى من صروف الزمان وتقلباته وما يكتنف حياتهم من شظف العيش وقلة الحيلة وضيق مجال العمل بسبب الطبيعة القاسية الجافة وأصبح بعضهم يعول فيما يلافيه من نكد وضيق وعوز إلى سوء الحظ الذي يقف دون تحقيق أمانيه في الحياة المعيشية على الأقل، وهذا شاعرنا الشعبي الكبير صالح بن فهد السبيل يقول في قصيدة طويلة له:
جلبت أنا حظي على كل الأمصار ولا لقيت بكلها من يسومه الليل يمضي في هواجيس وأفكار عيني لذيذ النوم منه محرومه |
والشاعر الخفيف الظل صالح السبيل لمن لايعرفه فهو مع أنه من فرسان الشعر الشعبي المبرزين فهو من فرسان الكرم المعدودين ولو كان مقتراً او مقتصداً لاصبح من اصحاب الثراء والثروة ولكنه صاحب اريحية وشهامة ومروءة ونخوة عربية أصيلة ولهذا كان بينه وبين جمع المال عداوة أو عدم توافق وفي هذا المعنى قال الشاعر المتنبي:
لو لا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والاقدام قتال |
وبما أنه شاعر غزير الانتاج فإننا نطمع منه بجمعه وتبويبه وطبعه لما يحفل به شعره من فنون الشعر وأغراضه المتعددة.
ومادمنا أشرنا إلى مواقف الشعراء من ظاهرة سوء الحظ فيجب أن لايغيب عن ذاكرتنا قصيدة مشهورة للشاعر سليمان محمد الهزاع عن هذه الظاهرة ومع ورود نماذج من قصائده في هذا الكتاب إلا أن هذه القصيدة لم تنشر رغم أهميتها وظرفها وسلاسة عباراتها العفوية ومطلع القصيدة يقول:
يامن يسوم الحظ مابيه مابيه جازم على بيع الخنوب الربوضي |
شاعر بان واختفى
في طبعة سابقة من هذا الكتاب وأظنها الثانية حفلت بترجمة ومختارات من إنتاج أحد شعراء الرس المعاصرين ولكن في الطبعة التي بين أيدينا لاحظت أن هذا الشاعر اختفى شعره وترجمته رغم أن شعره تلحظ فيه ومضات الابداع عند الموهوبين في الشعر من الشباب وخاصة في مجال الغزل العذري البريء النابع من الخيال الشعري الفطري ليس إلا والدليل على مصداق كلامنا عن هذا الشاعر هو قصيدته الألفية التي يقول في مطلعها:
الألف أولف من بيوت نظيفه على حبيب القلب واسمه لطيفه |
والشعر متى ظهر إلى الوجود وتناولته ألسنة الرواة وتم الاحتفاء به صار شعراً مشاعاً للجميع يتداولونه ويستفيدون من ابداعه وعطائه.
ملاحظات عابرة
1 في طبعة الكتاب الأولى والثانية كان بعنوان شعراء الرس النبطيون وفي الطبعات الأخيرة تغير إلى مسمى شعراء من الرس وفي رأيي أنه يترتب على هذا التغيير تبعات والتزامات منها أن تشمل شعراء الرس باللغة الفصحى وما أكثرهم أمثال الدكتور ابراهيم العواجي ومحمد العامر الرميح ومحمد المسيطير وصالح حمد المالك وفهد النفجان وصالح العوض وعبدالله الكدري وناصر عبدالرحمن الضوبان وغيرهم، وأن يفرد لهم ملزمة كبيرة أو جزءاً خاصاً يترجم لهم ويحمل مختارات من انتاجهم وآمل أن يتم ذلك في القريب العاجل.
2 هناك بعض الكلمات العامية تقال بلهجة محلية صرفة قد يغيب فهمها لدى بعض القراء فلو أفرد هامشاً بسيطاً في اسفل الصفحات لشرح بعض الكلمات أو العبارات الغامضة تعميما للفائدة لكان أفضل وبعد ذلك كله يبقى هذا الجهد المميز والعمل الدؤوب للمؤلف دليل وعي وإخلاص ووطنية فياضة لا يستغرب من أمثاله من الشباب الموهوبين والمؤهلين خاصة إذا ماعلمنا عن عصامية المؤلف وكفاحه في العمل والدراسة فهو أحد خريجي جامعة دمشق واحد المبرزين في العمل الاداري حيث عمل في مصلحة معاشات التقاعد ووزارة البترول والثروة المعدنية وما زال,, وهو عضو في النادي الادبي في القصيم.
وله مساهمات متعددة وملموسة في كتابة المقالة الأدبية والقصة القصيرة والمواضيع الاجتماعية حيث يتم نشرها تباعا في كثير من صحفنا المحلية وفقه الله وأكثر من أمثاله.
خاتمة
بهذا القدر المحدود وهذا الجهد المتواضع آمل أن أكون قد وفقت في اعطاء نبذة مختصرة عن هذا الكتاب الحافل بالعطاء والجهد المتميز علماً بأنه سبق لمحرر هذه السطور أن كتب تعريفا وتعليقا بما يخص الطبعة الأولى إبان صدورها قبل ثلاثين عاماً وقبل أن يتضاعف حجم الكتاب ويشمل جميع شعراء الرس ونواحيها وقد تم نشر التحليل السابق في جريدة الندوة في عددها رقم 3265 في 17/8/1389 وفي موضوعنا هذا إحاطة ببعض ماتم نشره سابقاً مع بعض الاضافات اللازمة حسب حجم ومحتويات الكتاب في طبعته الآخيرة والله ولي التوفيق.
|
|
|
|
|