| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
تسنمت اللغة العربية ذروة المجد بإشراقة الإسلام الأولى، ولبست تاج السؤدد بنزول القرآن الكريم بها على نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، ومن ثم حظيت بالعناية جمعا ودراسة وتقعيدا، على أيدي ثلة من العلماء الأجلاء، وكثر الناطقون بالضاد بتزايد المسلمين وباستمرار الفتوحات الإسلامية، فكان أن حل اللحن بألسنة مستخدميها بم فيهم أصلاؤهم ، وتشرذم اللسان الواحد إلى ألسن عدة، فطغت العاميات وعلا شأنها، فأصبحت العامية لغة للتواصل الحياتي، بل وترسخت أشعارها وآدابها، وما إن حل العصر الحديث أو عصر النهضة حتى بدأ يعود للغة العربية شيء من أصالتها، فانتشرت المؤسسات المعنية باللغة العربية، الكثير منها اختطت لنفسها منهجا دعامته الوحيدة التراث اللغوي العربي، فسارت وفق معطياته حذو القذة بالقذة، وآمنت بأن النظرة التراثية لهذه اللغة هي الحق الأبلج وما عداها باطل لا يعدو أن يكون تخرصات وأوهاما، فراحت تردد المقولات الموروثة، وتنتصر لها بوعي أو بدونه.
وقلة من هذه المؤسسات حاولت البحث عن رؤى جديدة تعضد هذا التراث، وتنقله من مجرد الاتباع إلى طور الإبداع، فالتفتت يمنة ويسرة، فألفت علماً جديداً، ظهرت بوادره مطلع القرن المنصرم على يد العالم السويسري (سوسير)، وما زال هذا العلم يتطور من خلال أبحاث المتخصصين فيه، وأعني به علم اللغة أو (اللسانيات)، وهذا العلم يعنى بدراسة اللغة الإنسانية عامة ، وطبيعته تجعل الإفادة منه متاحة لأي لغة، ولقد أفيد من هذا العلم في مجالات تطبيقية متعددة، وامتزج هذا العلم بغيره فظهر: علم اللغة النفسي، وعلم اللغة الاجتماعي,, كما أفيد منه في مجال حيوي وهام ألا وهو مجال (تعليم اللغات)، ومن المؤلم والمؤسف أننا لا نزال بمنأى عن الإفادة الفاعلة من معطيات هذا العلم الذي وطد نفسه كعلم لا يمكن تجاهله، ترى لِمَ نتوجس دائماً من الجديد؟ أليست الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى بها؟ أهناك ما يمنعنا شرعاً أو عقلاً من الإفادة من معطيات العلم الجديدة إذا لم يكن فيها ما يخالف ديننا الحنيف؟,, إن كل منصف مطلع يدرك أي ضعف يعانيه أبناؤنا في اللغة العربية تحدثاً واستماعاً وقراءة وكتابة ، ولن يشفى مريضنا إلا بأدوية ثلاثة:
1, منهج متكامل.
2, معلم كفء.
3, وسيلة فعالة.
ولا يمكن أن يكون أول الثلاثة متكاملا إلا بالمواءمة العلمية الدقيقة بين بعدين اثنين يتكاملان ولا يتضادان، أما أولهما فبُعد التراث اللغوي الزاخر, وثانيهما: معطيات علم اللغة الحديث، مع توافر الوعي بكلا البعدين، والابتعاد عن التهميش لأي منهما.
ومن المؤسسات العلمية التعليمية التي تسعى لتقديم وتطوير هذا المنهج المتكامل معهد اللغة العربية التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وذلك من خلال قسم تأهيل معلمي اللغة العربية، وهو قسم للدراسات ا لعليا، وكم نتمنى أن تسعى وزارة المعارف للتواصل مع هذا المعهد الرائد، والإفادة من أبحاثه ودراساته في مجال تعليم اللغة العربية, والله من وراء القصد.
إبراهيم بن علي الخشان الرياض
|
|
|
|
|