| الثقافية
* عرض عذراء الحسيني
لكل بلد من بلاد العالم تاريخه الذي يميزه عن غيره، ومن الطبيعي ان تسرد هذه السيرة التاريخية على يد أبنائه من خلال انتاجهم الفكري الذي يختلف بحجمه ونموه ونوعيته بحسب طبيعة ذلك البلد وتوجهاته ومدى علاقاته بحكومات الدول المختلفة والمنظمات الاخرى ومن هنا يتضح موضوع الدراسة اسهامات الباحثات السعوديات في التأليف عن تاريخ المملكة العربية السعودية التي اعدتها الباحثتان الاستاذة نجاح قبلان القبلان محاضرة في قسم المكتبات والمعلومات بكلية الاداب والاستاذة هند بنت عبدالرحمن العروان محاضرة بقسم المكتبات والمعلومات بكلية الآداب.
الموضوع الذي يرتكز على ثلاثة امور اساسية اولها ان اتجاهات الانتاج الفكري المنشور قضية تحظى باهتمام عالمي، تؤكده عناية كل دولة بحصر الانتاج الفكري الذي كتب حولها سواء تناول ذلك الانتاج تاريخ البلد أو أي قضية من قضاياه، حيث ان هذا الانتاج يدل على عدة معطيات منها اتجاهات التأليف العلمية والثقافية، والعددية، والنوعية وغيرها من المعطيات التي تدل في النهاية على مدى الاهتمام بتلك الدولة, وثانيها أن المرأة السعودية بوصفها حديثة عهد بالتعليم، ومن ثم في شق طريق الكتابة والتأليف مقارنة بشقيقتها في الدول العربية فان تتبع مسيرتها الكتابية يوضح مدى تطورها وثالثها واهمها ان تناول تاريخ المملكة العربية السعودية يعبر بشكل واضح عن التطورات التي احدثها قيام الدولة السعودية على خريطة الجزيرة العربية السياسية والاجتماعية منذ بداية قيامها.
وتأمل الباحثتان ان يسهم هذا الجهد العلمي في تجسيد دور المرأة السعودية، وتشجيعها على التأليف من خلال تسليط الضوء على اسهاماتها العلمية، واثراء الانتاج الفكري في مجال تاريخ المملكة العربية السعودية, كما يؤمل ان تتحقق الاهداف المرسومة لهذه الدراسة.
أهمية الدراسة:
تبرز اهمية الدراسة في كونها اداة مساعدة للباحثين في التعرف على حركة التأليف التي تتناول موضوعات لها علاقة بتاريخ المملكة العربية السعودية، سواء كانوا رجالا او نساء من خلال الكشف عن الموضوعات المختلفة التي تتركز حولها التغطية الموضوعية، ومن ثم محاولة تغطية الموضوعات التي لم تتناول أو لم تركز عليها الدراسات السابقة, كما ان الدراسة من خلال تتبعها لحركة التأليف التاريخي النسائي بالمملكة سوف توضح دور المرأة السعودية، ومدى فاعليتها في تغذية ورفد الثقافة المحلية, وذلك من خلال رصد بدايات اهتمام المرأة بالتدوين التاريخي لبلدها, وهذا يعزز اهمية الدراسة والببليوجرافية الملحقة بها في انها من الدراسات الاولى من نوعها التي تحاول ان تلقي الضوء على اسهامات المرأة السعودية، والدور الذي تنهض به في عملية تدوين تاريخ بلدها وتوثيقه، خاصة ان موضوع الانتاج الفكري للمرأة لم يحظ باهتمام خاص في عمل منفرد، مما يوحي بندرة الادوات الببليوجرافية المنشورة التي تعنى بالتعريف بدور المرأة في مجال التوثيق عامة وفي مجال تاريخ المملكة خاصة.
خصائص إسهامات (الإنتاج الفكري) المرأة السعودية عن تاريخ المملكة العربية السعودية
1 الاتجاهات العددية لنوع الإنتاج الفكري للمرأة:
يعد التأليف من المخرجات التي يعبر بها الانسان عما يحفظه بذاكرته البشرية من تعلم وتعليم ومعايشة للمجتمع المحيط به، وتأخذ هذه المخرجات اشكالا متعددة تم قصرها في هذه الدراسة على الرسائل الجامعية، والكتب, ويبين الجدول رقم (1) توزيع مخرجات المرأة السعودية التأليفية عن تاريخ المملكة العربية السعودية حسب شكل الوعاء الذي صدرت فيه، ولتوضيح الصورة يعطي الجدول التالي التكرارات والنسب المئوية لكل شكل.
انظر الجدول رقم (1).
توزيع إسهامات المرأة السعودية في التأليف عن تاريخ المملكة حسب نوع أوعية المعلومات
ويتضح من الجدول رقم (1) وبعد الحصر الببليوجرافي الذي أعد لغرض هذه الدراسة أن حجم الانتاج الفكري للمؤلفات السعوديات عن تاريخ المملكة العربية السعودية يصل الى 44 مؤلفا، نصيب الرسائل منها 24 مؤلفا بنسبة (54,5%) رسالة مقدمة الى مؤسسات اكاديمية سعودية للحصول على درجات علمية، بينما يصل عدد الكتب الى 20 كتابا بنسبة (45,5%) من مجموع ما اسهمت به المؤلفات السعوديات عن تاريخ المملكة, ويبدو ان المعطيات السابقة معقولة من حيث نسبة عدد الكتب التي اسهمت بها المرأة السعودية عن تاريخ المملكة الى نسبة عدد الرسائل العلمية، خاصة مع توجه المرأة السعودية الى التعليم العالي، واوضاع اقسام التاريخ في مؤسسات التعليم العالي التي تعد من أوائل التخصصات التي اتيحت للمرأة في السعودية , هذا مع العلم ان تسعة كتب من المجموعة كانت في الأصل رسائل علمية ليصبح عدد الكتب المؤلفة عن تاريخ المملكة 11 كتابا فقط تشكل نسبة (25,0%) وهذه النتيجة وان كانت مرضية بعض الشيء الا انها تحتاج الى دراسة متعمقة لمعرفة اسبابها، والوقوف على دوافع التأليف لدى المرأة عن تاريخ المملكة لاغراض اخرى غير الحصول على الدرجات العلمية.
ولكن في نفس الوقت قد تكون ظاهرة تحويل الرسائل العلمية الى كتب ظاهرة صحية تخلص الرسائل الجامعية من قيد رفوف محدودة الاطلاع وتوسع قاعدة انتشارها.
2 التوزيع الموضوعي لإسهامات المرأة التأليفية في تاريخ المملكة:
يعكس عرض توزيع موضوعات مؤلفات المرأة السعودية اهتماماتها الموضوعية التي تتركز فيها الكتابة حول تاريخ المملكة، والاتجاهات الموضوعية الفرعية التي تم تغطيتها من هذا التاريخ كموضوع عام، وذلك على النحو الذي يظهره الجدول رقم (2), الذي يوضح توزيع إسهامات المرأة حسب الاهتمامات الموضوعية
وتكشف معطيات توزيع المجالات الموضوعية التي عرضها الجدول السابق القوة في تناول هذه الموضوعات، والتي تكمن في التحديد الدقيق لمجال التغطية الموضوعية، ومن المعروف ان الباحثة في هذا الوضع تستطيع التحكم في الموضوع المتناول واعطاءه حقه من الدراسة.
الا انه من السلبيات التي يمكن الخروج بها من الجدول نفسه هي وجود تقصير في التغطية الموضوعية لبعض المجالات التي تتناول تاريخ المملكة العربية السعودية بشكل عام من قبل الباحثات السعوديات، حيث اتضح ان هناك كثيرا من الموضوعات التي لم تأخذ حقها بعد من البحث والدراسة، خاصة فيما يتعلق بتاريخ بعض المناطق الجغرافية التي تتكون منها خريطة تاريخ المملكة العربية السعودية، واضافة الى الموضوعات التي لم تدرس بعد يلاحظ وجود موضوعات اخرى لم تأخذ نصيبها من الدراسة رغم تسليط مجهر البحث عليها في المحاولات السابقة.
وعلى أي حال ينبغي على المرأة السعودية الباحثة ان تولي مجال التأليف عن تاريخ المملكة قدرا اكبر من الاهتمام والدراسة، ويقال هنا المرأة الباحثة وليس المتخصصة في علم التاريخ لان تاريخ المملكة العربية السعودية كموضوع يحتاج لدراسته عددا من الاقلام النسائية، والملونة بنكهات تخصصية مختلفة، حيث ان المسألة قد تكون قضية وطنية قبل ان تكون مجال تخصص.
3 التوزيع الجغرافي لإسهامات المرأة السعودية في مجال التاريخ:
يعكس التوزيع الجغرافي للانتاج الفكري للمرأة السعودية عن تاريخ المملكة تشتت الأماكن الجغرافية التي صدر فيها انتاج فكري، ونصيب كل منطقة من هذا الانتاج، وذلك على النحو الموضح في الجدول رقم (3).
الذي يبين التوزيع الجغرافي لإسهامات المرأة السعودية التأليفية في تاريخ المملكة
ولعل المعطيات التي خرج بها الجدول السابق (الجدول رقم 3) تعطي صورة شمولية للمناطق التي حظيت باصدار انتاج فكري عن تاريخ هذا البلد، مما يعطي دلالات لعدة امور منها اكثر الاماكن الجغرافية اهتماما بتاريخ المملكة، والاماكن التي تتواجد بها الباحثات السعوديات، والدول الصديقة الاخرى التي نشر بها انتاج فكري عن تاريخ المملكة ومن ثم يمكن تعزيز هذه المحاولات في مدن صديقة غيرها لاعطاء صورة متكاملة عن تاريخ المملكة خارج نطاقها الجغرافي الداخلي.
ويعطي الجدول رقم (6) قائمة باسمائهن, اما بقية المؤلفات وعددهن 20 باحثة فاسهامهن في هذا المجال لا يتعدى مؤلفا واحدا لكل واحدة منهن اي بنسبة (2,3%)
نتائج الدراسة:
يعد تاريخ المملكة العربية السعودية مادة مغرية للبحث والدراسة، جذبت الكثير من نساء هذا الوطن الى اثرائه، وللتعرف على اسهامات الباحثة السعودية في مجال دراسة تاريخ المملكة والدور الذي تضطلع به من خلال دراسة علمية جادة، تم جمع انتاج المرأة الفكري حول الموضوع وتحليله, وتم الخروج بتصور عام مفاده ان تاريخ المملكة العربية السعودية كموضوع لم يأخذ قدره من الاهتمام والتأليف من قبل الباحثات السعوديات حيث لا يزال المجال بحاجة الى اجراء المزيد من البحث والدراسة، كما ان ذاكرة تاريخ المملكة مازالت ايضا تزخر بكنوز نفيسة تحتاج الى من ينقب عنها, اما النتائج التي تم التوصل اليها من خلال جدولة البيانات الواردة في الببليوجرافية فهي على النحو الآتي:
اوضحت نتائج التحليل ان اجمالي اسهامات المرأة السعودية في مجال تاريخ المملكة العربية السعودية تصل الى 44 مؤلفاً تشمل الفترة من عام 1396ه الى عام 1420ه أي على مدى 24 عاما تقريبا من بداية تأليف المرأة عن تاريخ المملكة.
كشفت المعطيات ان الموضوعات التي تناولتها المرأة السعودية عن تاريخ المملكة في الكتب والرسائل العلمية تنحصر في 15 موضوعا، مع وجود تفاوت في التركيز على تلك الموضوعات من قبل الباحثات, وهذه الموضوعات هي:
الدولة السعودية الاولى، والدولة السعودية الثانية، والملك عبدالعزيز، والملك فيصل بن عبدالعزيز، والملك فهد ببن عبدالعزيز، والعلاقات الخارجية، والتنظيم الاداري في الحجاز، والاحوال الاقتصادية في العصر الحديث، وتاريخ نجد، وتاريخ الرياض، وتاريخ عسير، وتاريخ مكة المكرمة، وتاريخ جدة، وآثار الوجه، وآثار دومة الجندل.
توصلت نتائج الدراسة الى معرفة الجهات التي صدرت منها انتاج المرأة الفكري حول تاريخ المملكة، وتتنوع هذه الجهات بين مؤسسات تعليمية، وهيئات حكومية، ومؤسسات خيرية، ودور نشر تجارية وتتكون هذه الجهات من الرئاسة العامة لتعليم البنات، ودارة الملك عبدالعزيز، وجامعة الملك سعود، وجامعة أم القرى، وجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية، ومؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية، ومكتبة العبيكان، ودار المريخ، ودار الشروق، ودار الساقي، وذات السلاسل, اما عن المواقع الجغرافية التي توجد بها هذه الجهات فهي الرياض، والدمام ومكة المكرمة، وجدة والكويت، وبيروت، ولندن.
التوصيات:
التأكيد على اهمية اسهامات المرأة السعودية في الكتابة عن تاريخ المملكة العربية السعودية، بدراسة انتاجها الفكري في الاشكال الوعائية الاخرى غير التي تم تناولها في الدراسة الحالية، لاعطاء صورة متكاملة عن مشاركتها في مجال التأليف عن تاريخ المملكة.
اجراء المزيد من الدراسات التي تتناول تحليل المحتوى للدراسات التاريخية المقدمة من المرأة السعودية للتعرف على سمات اسلوبها في الكتابة.
اجراء دراسة تقارن بين خصائص الانتاج الفكري المقدم من الرجل والمرأة في مجال تاريخ المملكة العربية السعودية.
تفعيل اسهامات المرأة السعودية بالتأليف عن تاريخ المملكة بنشر جميع الرسائل العلمية التي تثبت صلاحيتها في الموضوع.
تشجيع المرأة السعودية على الكتابة عن تاريخ المملكة بدعم البحوث العلمية المقدمة منها في هذا المجال.
الاستفادة من اسهامات المرأة السعودية في مجال التاريخ بتوجيهها لبحث ودراسة موضوعات تاريخية قد لا يستطيع الرجل دراستها كالتي تتعلق برواية شهود عيان عن النساء مثلا للخروج بمعطيات كاملة عن تاريخ المملكة.
بناء قاعدة متينة للدراسات التاريخية عن المملكة العربية السعودية بوضع خطط للبحوث والدراسات المستقبلية، ولترشيد الجهود والنفقات التي قد تبذل في دراسة موضوعات تم بحثها.
تشجيع منسوبات القطاع الاكاديمي بإعداد بحوث تتناول تاريخ المملكة العربية السعودية، واحتسابها لهن كبحوث ترقية.
فتح برامج على مستوى الدراسات العليا موجهة لتدريس تاريخ المملكة.
|
|
|
|
|