| مقـالات
يعاب على وسائلنا الإعلامية عامة أنها تسير وفق استراتيجية ضحلة قلما نخترقها إلى العمق وتسيطر عليها النظرة الشمولية البعيدة, فهي في الأعم تسير وفق مخطط لاتفكر في التحرر منه يدور حول التوجهات السياسية القريبة أو التي في مستوى تفكير رجل الشارع السطحي, وهذه الركيزة جعلت الناس يلهثون وراء الرغيف اليومي بعيدا عن اي وضع ثقافي محدد, فالتنافس يدور في هذا النطاق الباهت لاينطلق منه نحو مجالات مستقبلية علمية بل انهم يساقون شأن القطيع الذي لاهدف له, فإذا نبغ مثقف بينهم فمن المؤكد انه لن ترتفع مكانته بينهم إلا بعد أن تعترف بقدرته وبنبوغه جهات خارجية بدليل أن المبدعين كانوا محاصرين في أوطانهم بالترسبات القمعية ولم تسفر قدراتهم عن وجهها إلا بعد أن ارتموا في أحضان المعاهد العلمية الأجنبية التي اكتشفت طاقاتهم الإبداعية ولم تظلم قدراتهم كما فعلت بلدانهم المنصرفة وسائل إعلامها إلى الارتماء في الدوائر المغلقة الدوائر الرسمية التي تقيم كل صغيرة وكبيرة وتصدر الأحكام الملزمة للآخرين من منظور معين وإلا اتهموا بالمروق على الرأي العام ومن هذه المستويات الضحلة نلاحظ انه حتى الوسائل الإعلامية ذات التوجه التجاري تركز على الأطعمة والغذاء وليس الانفتاح الفكري أو العلمي, ويكفي أي باحث أن يجلس أمام القنوات الفضائية ليحكم على أن الشعب العربي لايفكر إلا من خلال معدته وأسنانه (لابد وأن تكون بيضاء) حتى تكون الابتسامة مقبولة بصرف النظر عن رائحة الفم وعمق الحديث!! فانواع الحليب واللبن والحلوى واللحوم التي نجهل مصدرها أهي من الأبقار المجنونة أم من الجواميس والأسماك الانتحارية تتصدر النشرات الإخبارية العالمية فالمحطات تتفضل عليك بالأحداث العالمية وترغمك على أن تتابع شريط الإعلانات الضحلة قبل أن تصدع راسك بحركات المذيعين ومقدمي البرامج الذين يتراقصون استخفافا بك أوبعقليتك لأنك أضعت وقتك في الجلوس أمام هذا الجهاز الثقافي ذي التأثير على كافة أفراد الاسرة لاسيما الأطفال الذي هم أكثر ضرراً من هذه البرامج المسلوقة مادة والفارغة محتوى تطلقها اصوات ليست طبيعية وإنما مزيفة في تعابيرها كلفة لبرامج الاطفال.
وإنه لمن المؤسف حقاً أن تتربى اجيالنا على هذا المستوى الهابط من التعامل التجاري الفاشل والأدهى من ذلك أن هذه المحطات تدار بعقول ينقصها الإدراك القومي منساقة وراء الأرباح المادية فمن ياترى سوف يحتوي هذه القنابل الموقوتة التي تنفجر في منازلنا على مدار الساعة فيوجه تلوثها إلى قلوب الجهات التي لاتريد الخير لأوطانهم ولا الانتصار لأقوامها مندفعة نحو غايات ليست نبيلة ولاسامية؟
* للمراسلة/ ص,ب6324 الرياض 11442
|
|
|
|
|