| محليــات
* منذ أمد بعيد لم أر الناس على كافة فئاتهم منزعجين مثلما رأيتهم يوم الأحد الماضي عندما نشرت الجزيرة خبر مغادرة فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله إلى أمريكا لإجراء فحوصات طبية، وهو الذي لم يغادر بلاد الحرمين على مدى عمره المديد إن شاء الله ,,!
إن هذا هو الحب الحقيقي,.
فالذين أحبوا وسألوا عن الشيخ الفاضل وعن صحته أحبوه لله، ومن أجل دين الله، ورغبة في أن يحشروا معه، فالإنسان يحشر مع من يحب كما جاء في الحديث الشريف .
الشيخ ابن عثيمين,, ليس ذا مال حتى يحب من أجل ماله .
وليس بذي منصب حتى يحترم من أجل من منصبه، إنما هذا الرجل عالم ينشر دين الله، ويهدي لشرع الله ويبث السكينة في قلوب الناس من خلال كتاب الله,,!
وحقا:
هذا هو الحب الصادق والحقيقي .
وإن هذا الحب لهذا الشيخ يجيء إن شاء الله مصداقاً لقول الله تعالى في الدنيا والآخرة: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) سورة مريم الآية 96.
***
*لقد كنت أول المنزعجين عندما علمت بسفر الشيخ الغالي,, وكنت بين مصدق ومكذب حتى تأكدت عبر الاتصال الهاتفي,, وكنت علمت عن ذلك من رئيس تحرير هذه الصحيفة الأستاذ خالد المالك عندما اتصل بي يسألني حينما وصله خبر عن سفر الشيخ إلى أمريكا: هل أعلم شيئاً عن صحة الشيخ، ثم أعقبه الصديق الدكتور حسن الهويمل يسأل هو الآخر,, وكنا كلنا يجمعنا الحب لشيخنا الجليل,,!
لقد طافت في فضاءات نفسي ذكريات لي مع الشيخ الجليل عندما كنت أدرس في عنيزة,, وكان حفظه الله يدرسنا مادة الفقه في المعهد العلمي,, ولا أنسى هديته الغالية لي مسواك عندما أجبت على أحد الأسئلة التي طرحها.
وكان ذا علاقة بوالدي رحمه الله وكان والدي كلما قدمت إلى عنيزة وأنا أدرس بالرياض، يوصيني بأن أول شيء أفعله غداً هو السلام على الشيخ وكأن الوصول إلى القصيم لا يتم إلا برؤية الشيخ والسلام عليه، وما أقرب والدي من صواب هذه النظرة.
ثم بعد وفاة والدي أصبحت أختي الكبيرة حفظها الله توصيني هي الأخرى بالسلام على الشيخ، وأنني أحرص على ألا أغادر عنيزة عندما أزورها إلا بعد أن تكتحل عيناي برؤيته ويمناي بمصافحة يمناه حفظه الله !
وآخر موقف لي معه قبل بضعة أشهر عندما اتصل بي الشيخ حفظه الله وكنت في الأردن فطلب من زميلي بمكتبي بالمجلة العربية أن أتصل به,, وفعلاً أبلغني الزميل ذلك، فاتصلت به، وعندما سلمت عليه عاتبني عتاب الوالد الشفيق على نشر صورة مع موضوع فتوى له فاعتذرت له، وقبل عذري بكل سماحة,,
قلت له: لقد كنت مسافراً أثناء طباعة هذه الصفحات بالمجلة ولم أرها وأضفت مداعباً ومن غاب عن عنزه جابت تيس,,!! .
فضحك حفظه الله وأوصاني بالحرص وعدم تكرار ذلك.
*ودعت صوته ولم أودع صدقه وعلمه وصوته الحبيب، وأنا أردد: ابشر,, بشرنا الله وإياه بجنات النعيم، وجمعنا معه في فردوسها.
***
وبعد,!
ما أروع مجتمعنا الذي يحفل بعلمائه وأخياره,, في ذات الوقت الذي نجد المجتمعات الأخرى تحفل بفنانيها ولاعبيها وسياسييها فقط، نجد هذا المجتمع مجتمع الحرمين يحفل بعلمائه ونجوم أرضه ويمنحهم كل الاهتمام وكل الحب وكل الوفاء بدءاً من قادته حتى أصغر إنسان على أرضه.
وهنيئاً لك ياشيخنا هذا الحب,,، وهذا الوفاء والاهتمام وإنه إن شاء الله آية بشراك المعجلة في الحياة الدنيا.
***
*حفظك الله ياشيخنا وأعادك إلينا سالماً,, فنحن كيف نكون بدونك وبدون أمثالك الذين يفقهوننا في ديننا، ويبثون الطمأنينة في نفوسنا، ويذكروننا بحياتنا الأخرى.
أجل نحن بدونك وبدون أمثالك نحس بكثير من الوحشة والغربة في هذا العالم المادي.
لا أوحشنا الله بطول فراقك، وأعادك إلى منبرك وإلى مسجدك وإلى آرائك قلوبنا.
|
|
|
|
|