| مقـالات
هذه الكلمات كانت تقولها والدة الشيخ عبدالرحمن السبيعي,, ومن كثرة تكرارها ذهبت مثلاً,.
ومناسبتها أن هذه الوالدة كان ولدها مدير بيت المال في شقراء عاصمة الوشم,, وكان بيت السبيعي مزاراً للرجال وللنساء على حد سواء وكانت والدة السبيعي فاتحة بابها للنساء من جيرانها,, يأتين اليها فيتحدثن معها,, وتتحدث معهن,, ويأنسن بها وتأنس بهن وفي أثناء الجلسة تدور عليهن أكواب القهوة والشاي,, وتدور عليهن الأكواب حتى يشرن بأنهن قد اكتفين منها,, وكان منهن من تشير بالاكتفاء حياءً بينما هي تحب الزيادة,, فتقول والدة السبيعي: احلفي عليها يا خضراء,, وخضراء هذه جارية تخدم أم السبيعي وضيوفها,, فتحلف عليها خضراء وتشرب بعد ذلك عدة أكواب,.
والناس يختلفون في الدوافع لهذا الأمر فيقول بعضهم ان أم السبيعي لا تحلف من باب الترفع والكبرياء,, ولكن الذين يعرفون أم السبيعي بالبر والتقوى يقولون ان عملها هذا امتثالاً لقول الله في كتابه العزيز ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم,, .
***
وقد ذكرني هذا المثل بمثل آخر قد يشابهه من بعض الوجوه,, وهو قل له يا دليم هلا,,!!
وذلك أن زعيماً كان إذا ركب على راحلته في أسفاره ومغازيه ويردف معه خادمه دليم فإذا سلم عليه أحد لم يرد السلام,, وإنما يأمر خادمه دليم بأن يرد من باب الكبرياء والترفع,,!! فهذا هو منشأ المثل وسببه,.
وقد توسع المستعملون لهذا المثل فقالوا انه يضرب للمواعيد البعيدة الأجل أو للتخلص من بعض الأمور التي لا يراد الوفاء بها,,!!
***
والشيء بالشيء يذكر,.
فقد ذكرني هذا الزعيم الذي أطلق مثل قل له يا دليم هلا بحادثة جرت وقت الرسول صلى الله عليه وسلم,, وفيها ما يشبه هذا المثل من بعض الوجوه!!
قال الراوي إن قيلاً أو زعيماً من زعماء اليمن جاء إلى المدينة ليرى نبينا محمداً ويسلم عليه ويعلن إسلامه,, وعندما انتهت المقابلة كان قد أعد للضيف بيتا ليسكن فيه,, وكان أصغر الصحابة الموجودين في تلك المقابلة معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه.
فأرسله الرسول مع الضيف اليمني ليدله على بيت سكناه,, فركب هذا الزعيم على راحلته وتبعه معاوية يمشي على قدميه ويشير له إلى طريق البيت,.
وكان الوقت حاراً,, والرمضاء تشوي الأقدام بحرارتها,!! فقال معاوية لهذا الزعيم اردفني على راحلتك,, فأجابه بكل عزة وكبرياء: إنك لست من ارداف الملوك,, ولكن يكفيك شرفاً أن تمشي في ظل راحلتي,,!!
فسكت معاوية رضي الله عنه على مضض,!!
***
ومرت السنوات وانتهى عهد الخلفاء الراشدين,, وانتقلت الخلافة إلى معاوية رضي الله عنه,, وفي سنة الجماعة توافدت الوفود على معاوية رضي الله عنه,, ومن جملة هذه الوفود جاء ذلك الزعيم اليمني مهنئاً,, وتذكر معاوية قوله لست من ارداف الملوك,, ويكفيك شرفاً أن تمشي في ظل راحلتي,, فاعتذر هذا الزعيم حسب ما روى الراوي وقال: إن تلك الكلمات من بقايا عصر الجاهلية الذي أبدلنا الله به عصر الإسلام الذي جعل التفاضل بالتقوى والأعمال الصالحة,, وليس بالأحساب والأنساب,, والتفاخر بالآباء والأجداد,,!!
|
|
|