| شرفات
وهل تحلق روحك بعيداً بجناحين من خيال فيزهر لوزك في كانون وتقطف الرمان في نيسان أم يجثم على صدرك تعب الأمس وهم الغد؟
هل تجد متسعا من الوقت وأنت تلقي برأسك الى الوسادة لتعيد قراءة يومك أم أن نق أم العيال يجعلك تعجل في الهروب إلى النوم ,,, ؟
أنعم الله على قلة من عباده بميزة النوم السريع، وهؤلاء ما ان يضع أحدهم رأسه على مخدته حتى يغرق في نومه وكم تتعرض هذه القلة لحسد من يتصيد النوم ولا يجد إلى ذلك سبيلاً الا بعد انهاك الروح والجسد وتقليبهما على جمر الوهم والشرود والحلم السراب.
حملت سؤالي الآتي الى بعض الذين اعرفهم عن قرب لأقارن اجاباتهم وفقا لاحوالهم المعيشية من جميع جوانبها والسؤال هو:
بماذا تفكر قبل ان تنام؟ فماذا كانت اجوبتهم؟
* السيد ابراهيم الراعي مزارع قال:
اسعار السوق وحسابات الحقل ومطابقتها بحسابات البيت غالبا ما تؤخر نومي كثيرا,, حتى انك تخالني في الحقل وأنا ممدد فوق فراشي,, ألوم نفسي إن اجلت بعض الأعمال واستعجل شروق الشمس لانجز ما ينتظرني ثم يطير بي فكري الى السوق حيث اصرف انتاجي وهل سيكون السعر مناسبا والمردود كافيا لاحتياجات البيت والاولاد,, انها قصة كل يوم.
* السيد ابراهيم الصالح موظف
احيانا يبدو الامر مضحكا بالنسبة لي حيث اقضي وقتا طويلا اتقلب فيه بحثا عن النوم وعندما احاول اختزال ما يمنع ذلك اجد نفسي محاطا بتناقضات عجيبة فتارة ألعن الوظيفة وساعتها وتارة اخرى احسد نفسي عندما اتذكر اصدقائي الذين مازالوا يبحثون عنها فأغمض عيني مستكينا لذلك لكني أعاود القلق فأحلم بترقية او اخشى عقوبة وفي النهاية يأخذ التعب مفعولة فاستسلم للنوم.
* السيدة نجاح محمود ربة منزل
معظم الاحيان لا اجد وقتا للتفكير فعناء المنزل والاولاد يهد الحيل وعليَّ ان استغل وقت نومهم للراحة لكن ثمة امورا صغيرة ومعقدة تشغلني احيانا فماذا سأطبخ وهل سأغسل الثياب والى أين سأذهب,, كل هذه الاسئلة تتزاحم ورغم بساطة هذه الأسئلة الا ان الاجابة على بعضها صعب وخصوصاً فيما يتعلق بأمور الاولاد والمطبخ.
* لؤي علي طالب ثانوي
عليَّ ان استيقظ باكرا للذهاب الى المدرسة وهذا يحتم عليَّ النوم مبكرا لكن هذا صعب الحدوث ففي الوقت الذي اشعر فيه بالوهن الشديد بعد ساعات طويلة من الدراسة اجد نفسي داخل الكتاب من جديد حتى وانا على فراشي وبلا شعور مني اعيد مراجعة دروسي بيني وبين نفسي,, ربما هو الخوف من نسيانها او الرغبة بالتأكد عن اني حفظتها,, لا اعرف ما السبب على وجه الدقة لكنه يحدث باستمرار.
* السيد خليل سعد مدرس:
يقولون اني أنام بكبسة رز وأجد في كلامهم نوعاً من الحسد الأبيض وأنا مسرور لهذه العادة إذ تكفينا متاعب النهار فلماذا نرهق ليلنا بأوقات صعبة,,, أنام متى أريد واستيقظ مرتاحاً ومستعداً ليوم عمل جديد وهذا يفرحني كما قلت لك,, بالطبع لم تكن الاجابات بهذا الوضوح او ذلك التحديد ولم يخل بعضها من حوارات معظمها مزعج بين المتزوجين ناتجة في مجملها عن متاعب يومية وهموم حياتية لكنها تلتقي اغلبها عند نقطة مشتركة يهرب فيها النوم ولا جدوى للحيطة فيها فليس بالامكان ان تقول لنفسك لن اشغل فكري بشيء وسأطرد ذلك من فراشي فالمسألة تكاد تكون فعلا لا اراديا يتكرر يوميا.
احد الذين سألتهم قال: اخشى اذا نمت الا استيقظ اخاف ان يتسلل الموت اليَّ وأنا نائم فلا أجد الفرصة لالقاء نظرة الوداع على من احب,, هذا الخوف يكاد يقتلني حقا,, هذه الحالات وغيرها لها ما يفسرها عند علماء النفس وقد تستمر مع اصحابها حتى في نومهم اذ تحلق الروح خارج حدود الجسد فتظل على عوالم وردية حينا ومقلقة احيانا اخرى ويبقى لتراكمات النهار الدور الاكبر في ذلك.
ويرجع المهتمون بدراسة علم النفس هذه الحالات الى الفعل ورد الفعل وانعكاس هموم النهار على مرآة الليل وغيرها الكثير من التفسيرات.
تحقيق ملك خدام
|
|
|
|
|