أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 4th August,2000العدد:10172الطبعةالاولـيالجمعة 4 ,جمادى الاولى 1421

تحقيقات

إعانة العريس عادة اجتماعية متوارثة في شمال المملكة
العَنيَّة نشأت للحاجة إليها واستمرت بعد الاستغناء عنها
صاحب قصر أفراح: طالبوني بوضع حظيرة للغنم أمام القصر من أجل العَنيَّة!!
* تحقيق : منيف خضير الضوي
تنتشر في بعض مناطق المملكة عادة اجتماعية مرتبطة بالزواج وهي (الإعانة) أو ما تسمى بالعَنيَّة,, والعَنيَّة هي مبلغ من المال، أو مساعدة عينية تقدم للعريس لإعانته على مصاريف وتكاليف الزواج, والمتعارف عليه عند غالبية الناس أن العَنيَّة محددة بمبلغ (500) ريال أو خروف يقدم لأهل العريس الذين يضعون شبكا للأغنام قرب موقع الحفل (كعادة متعارف عليها) ولم تفلح قصور الأفراح والمدنية الحديثة في التخلص من هذه العادة، و العَنيَّة في معناها سلوك إسلامي إنساني جميل يهدف إلى التواصل وصلة الرحم والمساعدة على الزواج,, ولكن العَنيَّة الآن تحولت إلى عبء اجتماعي واقتصادي ونفسي، لتغير الحياة الاقتصادية في بلادنا هذه من جهة ولكثرة المبلغ المتعارف عليه من جهة أخرى,, وهذا يرهق كثيرا من العائلات,.
وهذا يدعونا للتساؤل: لماذا العَنيَّة؟! وهل من الضروري دفعها؟!!
وإذا افترضنا أن شخصاً لا يقتنع بها ولا يريد دفعها,, كيف سيواجهه المجتمع؟!!
وإذا سلمنا نحن الشباب أن هذه العادة ارتبطت بكبار السن,, فلماذا يسير معظم الشباب الآن على طريقتهم ويحافظوا على هذه العادة؟!! وهل يعني هذا أن لها فوائد؟! ماهي إيجابياتها وسلبياتها؟ ومن يتصرف بها؟ وهل تختلف عن هدية الزواج؟!!
أسئلة كثيرة طرحتها الجزيرة على ضيوف التحقيق ,, وبداية كيف نشأت هذه العادات الاجتماعية ,, ومتى؟!!
مجتمع متكاتف
* تشكل القبيلة العربية مركز ثقل في بناء أي مجتمع بدوي، وهي نقطة تأثير قوية جداً تلقي بظلالها على سنوات مديدة تصل إلى الآن في شبه الجزيرة العربية ,, هكذا تحدث الباحث الاجتماعي الأستاذ أحمد الصالح كتوطئة لموضوع قبلي شكّل إلى وقتنا الحاضر ظاهرة تستحق الدراسة وهو موضوع العَنيَّة (أو هدية الزواج) مضيفاً: وأفراد القبيلة لا شك أنهم يقعون تحت تأثيرها ويسلكون مسالكها وسلوكها، ويتأثرون بمفرداتها ولغتها وعاداتها وتقاليدها,.
وتنبري القبيلة لإخراج كل من يخالف نهجها من أفراد القبيلة من دائرة احترامها، ويجتمع أفرادها بالإجماع لمقاطعة هذا الخارج عن أعرافها.
ومن العادت الاجتماعية التي نشأت سابقاً واستمرت إلى وقتنا الحاضر في بعض المناطق القبلية من بلادنا هي ما يسمى بالعَنيَّة أو (إعانة الزواج) أو لنقل الهدية,.
والعَنيَّة هي ما يدفع لمن يريد الزواج من أفراد أي قبيلة كمساعدة له على إتمام زواجه وتكون على شكل مال أو مدفوعات عينية مثل (الغنم، الإبل، أثاث,, وغيرها),.
وهي في أصلها عادة إسلامية تنبع من تكافل أفراد المجتمع الواحد، ومساعدة الغني للفقير في موضوع مهم كالزواج,, ثم أخذت العادة هذه أشكالاً اجتماعية تختلف من قطر لآخر ومن قبيلة لأخرى,, ثم تطورت في مجتمعنا المحلي القبلي حتى أصبحت بعد ذلك جزءاً من انتماء أي فرد من أفراد القبيلة لقبيلته، وأصبحت تعبيراً صادقاً عن محبتنا لمن نعين ونساعد!!
ويقول الأستاذ أحمد الصالح: وهذا كله أمر محمود مرده التكافل الاجتماعي بين أفراد هذا المجتمع المسلم الذي يعد وصفاً صادقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر),,
ولكن اتخاذ هذه العادة الاجتماعية شكلاً معيناً يعد أمراً يخرجها عن المألوف الديني إلى عادة اجتماعية تشكل عبئاً نفسياً ومادياً معيناً,, فكون العَنيَّة مثلاً تقدر ب 500 ريال، أو خروف أو جمل يدفع على سبيل الإلزام القبائلي وتتخذ القبيلة موقفاً معادياً لمن لا ينفذ هذا العرف فهذا أمر سيئ من إفرازات العادات الاجتماعية بين القبائل,, ولاشك أن في ذلك تكلف لا معنى له فبعض الناس لا سبيل له إلى الوفاء بهذه المتطلبات وهذا ينعكس سلباً على سمعته وأفراد قبيلته وأبنائه من بعده!!
ولا ينكر تأثير القبيلة على الفرد إلا جاهل في هذا المجتمع القبلي وغيره من المجتمعات ,.
ثمة أمر آخر ان كثيرا من الشباب اليوم انفك من ربقة العادات القبلية الصارمة ولكنه تقيد بعادات اجتماعية أكثر صرامة مما جعله فريسة هو الآخر لمثل هذه العادات,.
وأكد أن العَنيَّة أمر يميز أبناء هذا المجتمع، وهي مظهر من مظاهر التكاتف الاجتماعي,, ولكن خروجها عن المألوف وتبعاتها السلبية أمر يجعلنا نعرضها فعلاً كظاهرة اجتماعية تستحق التوقف !!
ما هي العَنيَّة؟!
توجهنا بهذا السؤال لعدد من كبار السن أجاب في البداية العم ساير بن عقيل العطية قائلاً: هي ما يقدمه أفراد القبيلة أو الأصدقاء أو الزملاء لمن يرغب الزواج من الشباب من مال أوغيره بقصد مساعدته على تكاليف زواجه وعملاً بتعاليم ديننا الحنيف في المساعدة على فعل الخير,, مضيفاً: وقد يعقد لها اجتماع من كبار السن من أفراد قبيلة المتزوج ويكتبون ورقة أو يطلب منهم شيخ القبيلة مساعدة فلان من الناس لأنه يرغب في الزواج وحالته المادية متوسطة أو ضعيفة، وأحياناً يلجأ شيخ القبيلة أو كبيرها إلى تبيان تكاليف الزواج كلها ويجمع الأموال تبعاً لذلك، ثم يقيمون الزواج,, وهكذا يفعلون مع كل أفراد القبيلة (المحتاجين) فقط!! ويرى أن العَنيَّة بشكلها الحالي لم تكن موجودة سابقاً وذلك لأن الزواجات لم تكن مكلفة بهذا الشكل!!
أما حسن بن فراج المسطح أجاب عن سؤالنا: متى بدأت العَنيَّة أو (إعانة الزواج) بشكلها الحالي؟!
فقال: تقريباً من وقت قريب حوالي (عشرين عاما) ، وسابقاً ربما قدم أهل الخير للعريس خروفاً واحداً يذبحه ليلة الفرح على سبيل إشهار الزواج وإعلانه ويكون الحفل مقصوراً على الأهل والأصدقاء,.
وحول الموضوع نفسه يضيف العم: سعود بن غازي المكيمل قائلاً: في السابق كانت حفلات الزواج لا تكلف كثيراً، وكان على الزوج احضار (دراعة) أو فرش من نوع معين (قطيفة) وكان يجلب سابقاً من العراق أو من بلاد الشام ويكون هو المهر، ويذبح العريس خروفاً واحداً يدعو له أهله وجماعته ,, وأشار إلى أن العنايا بشكلها الحالي غير معروفة سابقاً ويتذكر أيام الصبا قائلاً: كان من عادة أهالي البادية سابقاً أن يسوق العريس مجموعة من الإبل لوالد العروسة ويأخذ منها ما يشاء (هديه له في الغالب) وهي عبارة عن مهر للزواج، ثم يقدم للعروسة ما يستطيع من ملابس أو مجوهرات (وهي قليلة جداً في أيامنا تلك),, ويضيف المكيمل عندما أتذكر تلك الأيام لا أجد مبرراً مقنعاً لأن يأخذ والد العروسة تلك الإبل (هدية له) والمفروض أن تساق تلك كمهر للعروسة، وكان السائد آنذاك أن يتوقف كرم والد العروسة أو جشعه على ما يأخذه من الإبل!! أما الفقير ممن يريد العرس فربما ساعده البعض على نفقات زواجه ومن يقوم بهذه المساعدة عادة هم أهله الخاصون جداً، لأنه بمنظار البادية يعتبر عدم القدرة على دفع المهر عيباً اجتماعياً يجب التصدي له بالعمل والكدح,, (واللي مهو قد الزواج وشُّو له يتزوج ,, يضحك)!!
متى بدأت ؟!
* رخاء المجتمع الحالي (وخصوصاً أيام الطفرة الاقتصادية التي مرت بها بلادنا وبلدان الخليج) ربما أفرزت هذه العادات المكلفة للبعض هكذا يحلل ساير العطية بدايات العَنيَّة قائلاً: ظهرت العَنيَّة وذلك للمغالاة في مهور الزواج وتكاليف حفلة الزواج من قصور أفراح، وشهر عسل، وحفلة عقد القران (الملكة),.
ويرى أن العَنيَّة بدأت بشكلها المتعارف عليه في وقتنا الحاضر نتيجة للرخاء وزيادة الخير التي مرت بها بلادنا ولله الحمد، والعَنيَّة في مجتمعنا الشمالي عموماً أصبحت أمرا متعارفا عليه، وتكون عبارة عن مبلغ من المال يتراوح بين (300 500) ريال إلى (10000) ريال, أو تقديم خروف أو مجموعة خراف، أو تقديم جمل، أو تقديم هدية معينة، أو يتعهد بعض الأصدقاء أو الأقارب (وهم الأكثر عادة) بقيمة شيء محدد مثل غرفة النوم أو تكاليف حفلة الزفاف، أو تذاكر سفر للعريس وعروسته، أو عطورات وبخور,, وغيرها,.
* الشاب عطية بن ساير العطية (معلم) يقول: كانت رفحاء سابقاً لا يوجد بها قصور أفراح ولا صالات واستراحات كما هو الآن ,, والزواجات قبل حوالي 15 سنة تقام في بيوت الشعر في المساحات الخالية من الأحياء، وتتزين المنازل بالإنارة والإضاءة اللازمة لإظهار الفرح والسرور,, ويضيف : وفي زواجي قبل عدة سنوات قدمت لي العنايا على شكل مبالغ مالية وصلت تقريباً إلى أكثر من عشرين ألف ريال!!
وحقيقة أنا بالمقابل دفعت لأقاربي وأصدقائي أكثر من هذا المبلغ بكثير كعنايا للزواج كما تلقيت العديد من الهدايا من الأصدقاء والزملاء والأقارب وكانت تصب حول العطورات والساعات، والبخور بأنواعه,.
أما أغرب (عنية) تلقيتها فكانت سيارة محملة (بالأرطى) وهو حطب نباتي يستخدم لإيقاد النار التي نستخدمها كثيراً في الحفلات التي تقام في بيوت الشعر سابقاً.
شبك للغنم في قصر الأفراح!!
* صاحب قصر الضيافة للأفراح الأستاذ علي بن إبراهيم المنديل التويجري يقول: بعد افتتاحي لقصر الأفراح الحالي ( وهو على فكرة أول قصر أفراح في محافظة رفحاء) لاحظت عزوفاً غير مبرر من إقامة الحفلات فيه، ولا زال الناس يقيمون حفلاتهم في الأحياء الشعبية إلا قليل منهم, وذات يوم طلب مني أحد أقارب الزواج أن أضع لهم شبكا للأغنام والإبل حتى يراه أفراد القبيلة ويضعون (عنيتهم) فيه، ومنذ ذلك اليوم وأنا أضع الشبك أمام القصر لأن ذلك أصبح شرطاً ملزماً لإقامة حفلاتهم في القصر، وعرفت فيما بعد أن سبب العزوف في بدايات القصر كان بسبب عدم وجود شبك تجمع فيه الإعانات تلك,.
أما أغرب العنايا التي شاهدتها في القصر هي تلك التي حدثت في زواج لرجل من المنطقة الجنوبية من المملكة (وهو من سكان رفحاء الآن) حيث قام والد العريس وأحضر حقيبة وقام بفتحها ووضعها في منتصف القصر حيث تطل عليها جميع الجلسات، ثم نادى بالجميع مذكراً إياهم بأمجاد قبيلتهم وبأفعال أجدادهم،وأن العريس ابنهم وقد تكلف كثيراً في زواجه، فقام أحدهم فوضع مبلغاً من المال ثم تلاه الآخر وهكذا حتى امتلأت الحقيبة كاملة بالمال!!
ويضيف علي : أما أنا فقد فتحت فمي دهشة لما أرى ,, فشبك الغنم ربما كان مقبولاً نوعاً ما!!
العَنيَّة بطيخ
* الشاب سلطان بن محمد المطيري (متزوج وأب لثلاثة أطفال) يقول : نعم نحن نعرف (العانية) في قبيلتنا ونتعامل بها،وأتذكر أنه في قرى القصيم وتحديداً بين قبائل مطير الكل يتطوع لمساعدة العرس،والعريس عادة يرد لهم بالمثل في مناسباتهم ولا شك أن ذلك مظهر مناسب بشرط ألا تكون (مكلفة) ومن غريب مارأيته في إحدى الزواجات في قرية (الدمثي) أن أحد الأقارب أحضر سيارة كاملة مملوءة بالبطيخ (الحبحب) وقدمها للعريس بحسب قدرته كمساعدة له بالزواج، وطبعاً شكره العريس وأخذنا نوزعها على الأهالي هناك احتفاء بالمناسبة!!
ويقول أبو محمد : الكل هناك يتطوع للمساعدة، وكل بحسب قدرته فالبعض يقدم المال، والبعض الآخر يقدم الخضروات والفواكه وبعضهم يقدم الأغنام وهي الغالب مع الجمال,.
رسالة الطفل الصغير
المعلم ذرب بن وادي التمياط (متزوج حديثاً) يقول : العَنيَّة أصبحت حتماً لا مفر منه في مجتمعنا الحالي، وقبل أيام قدم لي أحد الزملاء مبلغ (500) ريال كعنية لي لزواجي، وطبعاً لا مجال لرفضها لأنها عرف تعودنا عليه هذا أولاً، وثانياً لأن طريقة دفعها محرجة أمام الناس والمفاوضات في أمر قبولها أو رفضها أمر غير مشجع وسط أجواء مكتظة بالزوار والمهنئين,,المهم: بعد يومين أعدتها له في زواجه ,, يضحك ويقول (هي ,, هي) وأتذكر أن أحد الأصدقاء رفض عنية أحد أصدقائه الذين سيتزوجون بعده بأيام وقال : لا تعطيني ولا أعطيك,.
ويواصل التمياط حديثه عن العَنيَّة قائلاً: أما أجمل عنية أو هدية تلقيتها فكانت عبارة عن رسالة من أحد تلاميذي (في مدرسة البراء بن عازب الابتدائية برفحاء) وهذه الرسالة صممها التلميذ بنفسه وهو طفل صغير فلكم أن تتخيلوا جمال الرسالة وصدق التعبير فيها ,, حقيقة هذه أفضل هدية زواج تلقيتها,.
المتعارف عليه بين الناس تقديم خروف أو خمسمائة ريال أو حشو (جمل صغير) هكذا يراها الموظف دلي بن دهيمان الشمري (موظف حكومي) والعنية قد تكون ضرورية أحياناً ولا تعرف قيمتها إلا إذا تزوجت وحصلت على مبلغ يعينك على سداد ديونك,.
موقف طريف
هذا يقودنا للسؤال عن طريقة دفع العَنيَّة ,, وما الشكل المتعارف عليه؟!
الشاب عقاب بن نايف التمياط (معلم) يقول : ما أعرفه شخصياً أن العَنيَّة إذا كانت مبلغاً من المال (500) ريال مثلاً توضع في جيب العريس الجانبي أثناء السلام عليه، ولا مانع أن تكون أمام الناس حتى لا يستطيع رفضها (لان المداولة والمشادة في ذلك أمر محرج له أمام الحضور),.
صلال بن مرزوق الضوي (متزوج وأب لثلاثة أطفال) يروي موقفاً طريفاً ويقول : أردت مساعدة أحد أصدقائي وذلك عن طريق إعانته ليلة زواجه، وفعلاً ذهبت وسلمت عليه وكان في جيبي (500) ريال بالإضافة إلى ورقة من فئة (500) ليرة سورية وهي تعادل حوالي 50 ريالاً نسيتها في جيبي بعد العودة من سفري إلى سوريا، وأثناء السلام عليه أمام الناس ومع حرج الموقف وضعت في جيبه النقود وسط رفضه لذلك,, وحينما انتهيت من العشاء عدت إلى منزلي وتفقدت جيبي ووجدت فيه ال 500 ريال سعودي !!!
ويضيف الضوي: والخمسمائة ريال عموماً أصبحت هي السائدة عند الرغبة في مساعدة أي عريس، أما إذا كان المبلغ أكبر من ذلك أو أقل فيمكن أن يوضع في رسالة أو يرسل عبر شيك مصرفي أو يعطى لوالد العريس أو أحد إخوته, مختتماً حديثه بقوله: كل الطرق تنفع العريس بشرط ألا يكون إحداها بالليرة السورية!!
فوائد ومميزات
هل للعنية مميزات؟ وما هي فوائدها؟ ولماذا لا يتم الاستغناء عنها؟ ! وهل تؤيدها أم تعارضها؟!
عودة مرة أخرى إلى الشاب عطية بن ساير العطية الذي يقول : لا شك أن العَنيَّة تساعد على نفقات الزواج الباهظة، ثم يحق لنا أن نتساءل: لمن تدفع العَنيَّة؟! نحن ندفعها للاخوان والأقارب وبعض الأصدقاء والزملاء على سبيل مساعدتهم وهي ليست إلزامية ولكن نظرة المجتمع وأبناء عمومتك وجماعتك لمن لا يدفعها يدعونا أن نؤكد أنها شبه إلزامية!! وأنا شخصياً الآن متزوج وبإمكاني أن أقول لا أريد أن أدفع أموالي مرة أخرى,, ولكن الأمر بالنسبة لنا أبعد من ذلك بكثير فالحمد لله الخير كثير وأنا دخلي جيد مقارنة بغيري وكثير من أفراد القبائل الأخرى يكون محتاجاً فعلا وهي عمل خير أولاً وأخيراً فلماذا لا أؤيدها؟!
ويضيف : ولكن لدي اقتراح وهو أنه لماذا لا تكون (العَنيَّة) قبل حفل الزواج أي بعد عقد القران مباشرة (بعد الملكة) حتى يرتب الزوج أموره بدلاً من لجوئه للدين إذا كان محتاجاً؟!!
وأعرف أحد أقاربي كان يحتاج مبلغ (20000) ريال ويريد الاحتفال بزواجه بعد أيام، وذهب لرجل وطلب منه سلفة المبلغ المطلوب، ووعده بردها إليه بعد حفل الزواج، وفعلاً بعد زواجه باع الأغنام وجمع العنايا المالية وسدد المبلغ المذكور,, أما أنا فقد سافرت بها ( أي عنايا الناس لي ) إلى المنطقة الشرقية بصحبة زوجتي !!
دلي الشمري يرى أنها تزيد من المحبة بين أفراد المجتمع الواحد، تماماً كأثر من يعطي المال لمن يحتاجه! وفيها صورة حية من صور الترابط بين أفراد المجتمع الواحد، ذلك أن أبناء هذا المجتمع يساعدون بعضهم على شكل تكاتف وتكافل اجتماعي حث عليه الواجب, وأنا شخصيا اؤيد العنية بل أعتبرها ضرورة وتخيل بالله عليك أن رجلاً قطع مسافة بعيدة وأتى إليك من سفر بعيد وقدم لك المال أو أي هدية أخرى، كيف سيكون شعورك؟!
بالتأكيد سأحرص على زيارته ورد الهدية له,, وهذا كله بسبب العَنيَّة وروابط القرابة والصداقة الحميمة.
ويرى عقاب التمياط : أنها تعين على الزواج وفيها تشجيع للشباب على الزواج المبكر فاليد الواحدة لا تصفق,, والإنسان عموماً (وخصوصاً من له ظروف صعبة) بحاجة إلى مساعدة ودعم الآخرين له, صحيح أنه لا يتوقف على هذا الدعم,, ولكنه لا يستغني عنه أيضاً!!
من كبار السن ساير العطية وسحن المسطح وسعود المكيمل يرون أن مساعدة الغير من العادات الإسلامية التي حث عليها ديننا الحنيف وعاداتنا الإسلامية والعربية، والآن أصبحت العنية عادة اجتماعية يرمى من يتخلف عنها بتهم لا حصر لها كالبخل ،والدناءة وتطلق عليه ألفاظ كثيرة منها (العفن، مابد خير، ماهو رجل,,).
صحيح ان التكلف فيها أمر مرفوض خلقاً وديناً وعرفاً، ولكن أيضاً التخلف عن مساعدة الآخرين وإعانتهم على اكمال نصف دينهم أمر يتعارض مع توجيهات ديننا الحنيف، والدولة أعزها الله ساعدت الشباب على الزواج وقدمت لهم الإعانات النقدية عن طريق الجمعيات الخيرية، وعن طريق المؤسسات والشركات التي يعملون بها,.
وقد يقول قائل: أنا لا أعطي أحدا، ولا آخذ مالاً من أحد وأنا كفيل بزواجي من أوله لآخره، ونحن معشر الشياب نؤيد هذا الشاب العصامي ونتمنى أن يسلك معظم الشباب مسلكه، ولكن نقول له: ماذا عن الذين لا تساعدهم ظروفهم على تكاليف الزواج الحالية,, هيل سيجلسون من دون زواج بحجة هذا القول؟! وماذا عن التكافل بين أفراد العائلة الواحدة؟! وماذا عنك أنت وأولادك هل ستستمر حياتك بهذا الرخاء؟! ثم أن ما تعطيه ستحصل عليه، ويكون عوناً لك ولأبنائك من بعدك، والأهم من هذا كله ان المجتمع أحياناً يفرض علينا أشياء كثيرة، ونعتقد جازمين أن من يفكر بهذا فهو جاهل أو متجاهل,.
دفعت عشرة آلاف في أسبوع
محمد الشمري (رب اسرة) يقول: دفعت في اسبوع واحد 10000 ريال كلها إعانات زواج وللأسف الشديد لأزواج لا أعرفهم، وهذا الكلام ينطبق على الكثير من أمثالي وذلك لأن أهل العريس قد قدموا لي (بشكل أو بآخر) مساعدات معينة وعنايا زواج لأقربائي (وبعضها ربما من أجلي فقط) وهذا يخجلني مع كل دعوة زواج أجدها في منزلي فاضطر لأن أشتري خروفاً وأضعه في شبك الغنم الموضوع عادة أمام بيت الشعر يا لها من عادة قبيحة ومحرجة وجيراني للأسف لا استطيع تجاهلهم، والأعراف الاجتماعية والقبلية تطوقنا جداً,.
ونحن نتسائل : متى نتخلص من هذه العادات السيئة؟! وللأسف بعض الناس إذا لم تقدم لهم العَنيَّة لا يحضرون عرسك أو حفلات أبنائك ولا يجاملونك، ويصمونك بالبخل وعدم معرفة (سلوم العرب) ,, بئست العادة، وبئس من يؤيدها!
الشاب يوسف بن صالح البقعاوي (موظف رب اسرة) يؤيد ما ذهب إليه الشمري في ذم التكاليف الباهظة والتكلف الممجوج ويقول: صحيح ان مساعدة أخوك أو قريبك على الزواج أمر مطلوب،ولكن ما نراه الآن في هذه العادة الاجتماعية (العَنيَّة) أمر مخالف للأعراف السليمة، تخيلوا موظفا دخله الشهري (5000) ريال ينفقها في ظرف أسبوع على شكل عنايا لأناس ليسوا على صلة قرابة مباشرة به والسبب ضغوط اجتماعية وقبلية,, وإذا كانت هذه الاعطيات عن طيب خاطر وتطوعية لا بأس بها، فقبل أيام دفع والد أحد أصدقائي (الموظفين) مبلغ (100000) ريال تكاليف حفل زواج ابنه، رغم أن ابنه موظف عالي الدخل,, هذا أمر تطوعي ومشاركة وجدانية من أب لابنه,, ولكن أن تدفع مبلغاً (إلزامياً) لأحد الأقرباء فهذه عادة سيئة يجب أن يتخلص منها أبناء البادية والمناطق الريفية في بلادنا، ولن يتم ذلك إلا بتخفيض تكاليف ومهور الزواجات والتي تصل في بعض الأحيان عندنا إلى 200000 ريال.
ويختتم البقعاوي وجهة نظره قائلاً: إنه الخجل ,, الخجل ولا غيره هو الذي يوقع الناس في شراك هذه العادة السيئة,.
اللي ما يعينني ,, ما أعينه!!!
عادة سيئة يقوم بها البعض في الأعراس، وهو التسجيل في دفتر أسماء من قدموا عنايا (سواء مادية أو عينية) حتى يتم الرد عليهم في مناسباتهم بمثل ما قدموا !!
هكذا بدا ذرب التمياط لا يؤيد العنايا بشكلها الحالي، ويرى أن التسجيل في الدفتر وأمام الناس بهذا الشكل أمر فيه استخفاف بعقول الناس، وأمر محرج للغاية فبعض الناس ربما يريد المساهمة في هذا العمل الخير (الزواج) ولكنه الآن ربما ليس لديه,, شيء ,, ثم إن التسجيل في الدفاتر يقتل الكرم بأن يجعلك تتقيد برد العنية دون زيادة ,, وقد تنسى تسجيل شخص ساهم في العرس وهذا له أثر سيىء فيما بعد,.
ويتفق معه في ذلك صلال الضوي مؤكداً أن ذلك مدعاة لإذكاء روح النعرات القبلية والحساسية بين الأفراد، فأهل العريس ربما تحدثوا عن فلان أو علان,, وظروف الناس تحتاج أحياناً إلى نظرة تقدير,.
والتسجيل في الدفاتر أحياناً يدعو للمبالغة والتظاهر بالكرم أمام الناس وهذا يعود للخيلاء,, أتذكر في أحد الزواجات قام رجل وأخرج من جيبه (ربطة فلوس) ثم أخذ يفرزها وأعطى أبا العريس جزءاً منها أمام الناس على طريقة (شوفوني) ,, بالله عليكم أي سخف هذا؟!!
أيدولوجية بدوية!!
أعتقد أنها ايدولوجية بدوية نتاج للظروف المادية الصعبة,, هكذا يراها الأستاذ سلطان المطيري (معلم) مضيفاً أنه يجب السعي نحو إذابتها في نموذج اجتماعي مختلف يتطلب مراعاة المتطلبات العصرية الحديثة,, مؤكداً أنها تشكل عبئاً نفسياً ثقيلاً جداً على الجيوب الخفيفة جداً,, وعن البديل قال المطيري: تراكمات السلوكيات البدوية الخاطئة من مبالغة في المهور وتكاليف حفلات الزواج الباهظة هي السبب في إفراز مثل هذه العادات الاجتماعية المكتسبة, ولو اتكأت حفلات الأعراس لدينا على الموروث الديني وأحيطت بإطار من بعد النظر لما وجدت مثل هذه الشطحات الاجتماعية إن صحت التسمية فالحل دائماً وأبداً يكمن في الواقعية في تحديد مهور الزواج,, أليست البركة في أيسرهن وأقلهن صداقاً؟!!
لا نحضر العرس خجلاً
حميد الشمري (موظف) يقول: أنا أعول سبعة أفراد ومرتبي (3000) ريال تقريباً والعَنيَّة مقدارها المتعارف عليه (500) ريال، أو خروف بقيمة (300 400) ريال يعني بحساب بسيط إذا دعيت إلى ست حفلات زواج في أقل من شهر لا يأتي نصف الشهر إلا وأنا على الحديدة,, وطبعاً في مجتمع بدوي وصغير ومكبل بالعادات والتقاليد والاعراف لا أستطيع الذهاب للعرس وخصوصاً إذا كان لقريب لي دون أن أقدم شيئاً,, ولذلك أفضل التواري خجلاً والتهرب عن حضور تلك الحفلات حفاظاً على قوت أولادي من الضياع,, وقال:
يا اخوان : نحن نعيش في بيئة مغلقة ومجتمع صغير له عاداته (قد تكون صحيحة أو خاطئة ,, لا يهم) والمجتمع يا اخوان لا يرحم!!
فهد المشاري أحد الشباب الذين تزوجوا حديثاً يقول : لا أنسى ذلك الموقف الذي قدم لي فيه أحد كبار السن مبلغ (200) ريال كعنية مقسماً لي في الوقت نفسه أنه لا يملك غيرها ونحن في منتصف الشهر!! والطريف في الأمر أن هذا الرجل (وهو من أقاربي الذين أحبهم واحترمهم) كنت قد سلفته قبل زواجي مبلغ (1000) ريال,, وكان يقول لي: (ياولدي تراني ماني معطيك هالحين,, لأني ما أملكها),, وبعد الزواج بفترة قصيرة أعاد لي الألف ريال، ولما حاولت أن أعيد له مائتي ريال (التي أهداها لي) رفض وقال : عيب هذيك عنية!!
جوانب سلبية
العَنيَّة عادة اجتماعية تعارف عليها مجتمع ما ,, وتحولت فيما بعد إلى أمر يصعب الفكاك منه,, وهكذا تبدأ معظم العادات الاجتماعية ,, وتحديداً القبلية منها.
الأستاذ أحمد الفوزان أستاذ علم الاجتماع يعرض بعض الجوانب السلبية لما يسمى بالعَنيَّة كعادة اجتماعية تنتشر من مناطق معينة من المملكة وربما تكثر في المناطق ذات الكثافة السكانية القليلة، وذات الطبقات القبلية الكثيرة، وهي عرف محلي لها أشكالها المعروفة، وربما اختلفت طرائقها وأسماؤها في مجتمعات أخرى وإن اتفقت في مضمونها,, ويرى الفوزان أن العَنيَّة عادة لها إيجابياتها ولها سلبياتها، ولا أريد تكرار ما سبق وطرحتموه حولها ولكن لا بأس من عرض بعض الجوانب السلبية في رأيي عنها، ومنها الاتكالية التي قد تنغرس في الشباب على المدى البعيد، لأن الشاب الصغير في السن يعرف جيداً أن أفراد قبيلته وعائلته ستدعمه بالمال أثناء زواج وهذا يقوده من حيث يعرف ولا يعرف إلى الركون عليهم والاعتماد على أعطياتهم، ولا شك ان ذلك مظهر من مظاهر سوء التربية وأثر سلبي من آثار المجتمع غير المتحضر!!.
ثمة أمر آخر وهو ما تسببه طريقة دفع هذه (العنايا) من حرج شديد للعريس بحيث توضح النقود في جيبه أمام الناس، وأنا يعجبني في هذا الصدد ما يفعله كثير من الناس وهو كتابتهم على ظهر بطاقة الدعوة (لا تقبل العنايا) أو عبارة (نتشرف بحضوركم فقط) أو غيرها من العبارات التي تعفي غير القادرين من الوقوع في الحرج والتكلف غير المحمود العواقب، وفي رأيي المتواضع ان التطوع لفعل الخير أمر طيب وسمة بارزة من سمات التكالف الاجتماعي الذي يميز أبناء هذه البلد المسلم، ولكن ارغام أفراد المجتمع عن طريق الضغوط (النفسية والقبلية والتقاليدية,,) على فعل أمر لا يحقق الاقناع بدرجة كبيرة أمر غير مرغوب فيه وله آثار سلبية على الجميع، فالعنية (كما فهمتها) إذا كانت تطوعية وعن طيب خاطر فلا بأس بها، وإن كانت إلزامية (كما أراها الآن) فأنصح الجميع في إعادة النظر فيها, وعلى المؤسسات التعليمية والإعلامية دور كبير في ذلك.
الهدية والعنية!!
هناك فرق بين هدية الزواج والعنية أو الإعانة هكذا قالت أم عادل (موظفة حكومية),, فالعنية شبه إلزامية من منطلقات قبلية وأعراف اجتماعية، أما الهدية فهي تطوعية ,, هذا أولاً ثانياً العنية أو الإعانة تكون ضرورية للعريس لمساعدته على أمور زواجه ومصاريف حفلته، أما الهدية فهي كمالية ليست عنصراً أساسياً,, وتضيف أم عادل: وعند النساء هدية الزواج للعروسة أمر مكلف جداً،ولا تقل بأي حال من الأحوال (سوءاً) عن العنية!!، ذلك أن النساء هداهن الله وخصوصاً الموظفات منهن يتكلفن كثيراً في هدايا الزواج، وتنتشر في مجتمعاتهن مقولة: هدية فلانة أفضل من هدية علانة!! بل إن بعض النساء ربما قالت لزميلتها :(شفتي وش جابت فلانة) على سبيل السخرية والتقليل من قيمة هديتها رغم أن مجرد احضار الهدية يكفي ,, وكما يقولون في الأمثال (طريقة تقديم الهدية أبلغ من الهدية نفسها),.
وعن هدايا الزواج تقول أم عادل: تختلف الهدايا بحسب ذوق كل امرأة، كما تختلف قيمة الهدية المادية باختلاف محبة المهدى لها, ومن أشهر الهدايا التي اعتادت عليها النساء في مثل هذه المناسبات (الأثاث المنزلي بأنواعه) مثل أطقم السفرة والطعام، أو طقم الأباريق والدلال والبيالات وغيرها،، أو مفرش وديباجة لغرف النوم,, هذا هو الغالب حتى تستفيد المتزوجة منه,, وهناك هدايا أخرى مثل الذهب والساعات والعطورات، أو التحف والزهريات ,, وعموماً الهدية معناها جميل بشرط خلوها من التكلف!!.
أم خالد المشرف (معلمة) ترى أن الهدية ترجع لذوق صاحبتها، فربما اكتفت المهدية برسالة رقيقة وهي تكفي في عمق معناها، وجميل عبارتها,وعن المقارنة بين الهدية للزوجة والعنية للزوج قالت: لا وجه للمقارنة، فالعنية الزوجية ربما لا تعرف إلا من مناطق معينة من البلاد، بينما الهدية أمر متعارف عليه في أنحاء العالم كله, ثم ان الصديقات يقدرن صديقاتهن في موضوع هدية الزواج وليست كل النساء يهدين بعضهن أيام الزواج، ولكن أيام (النفاس) مثلاً تكون الهدية أكثر إلحاحاً, وترى أم خالد أن الهدية الآن أصبحت عبئاً ثقيلاً وتعددت أشكالها ومناسباتها، وتقسم بالله أنها صرفت ذات يوم مرتبها كاملاً على شكل هداياً للزميلات والصديقات في ظرف أسبوعين ,,متساءلة بحيرة: من أين وفدت علينا هذه العادات؟! إنها مرهقة حقاً!!.
أغنام هاربة
الشاب طلال الشفق يقول: أعان الله من يكون زواجه تقليديا، وأعان الله أهل العريس بعد نهاية الحفلة على الترتيبات وعلى حمل وبيع الأغنام,, ويتذكر في أحد زواجات الأقارب كلفنا كبار السن بحمل الأغنام (ويصل عددها إلى أربعين رأساً) بسيارتنا والذهاب بها إلى شبك وحوش آخر، وكنا نفتح شبكها الموضوعة فيه حالياً ونحملها واحدة واحدة, وفي هذه الأثناء هربت احداها من فتحة في الشبك وتلتها الأخريات ونحن نحاول أن نلحق بهذه ونمسك هذه ,, دون فائدة، وما هي إلا لحظات حتى هربت كل الأغنام ونحن نطاردها وبعض الناس جزاهم الله خيراً ساعدونا بسيارتهم، وأتذكر تلك الأيام بنوع من الحسرة لأننا كنا في فصل الصيف ونالنا من التعب الشيء الكثير ويقول طلال: الآن حينما أتذكر ذلك الموقف أقول في نفسي: لا للعنايا !!.
دلي الدهيمان موظف حكومي يقول : كثيراً ما نسمع بحوادث سرقات الأغنام التي تكون عادة موضوعة بشبك خاص بجانب بيت الشعر او الاستراحة التي يقام فيها الاحتفال, ولذلك يجد بعض العابثين والطامعين مجالاً للسرقة، فالجميع مشغول عنه بالحفل، والأغنام كثيرة جداً وبعض الناس لا يعلم إذا كانت السيارة التي تقف عند الشبك لتقديم خروف (عينة) أن هذا الرجل يعطي أو يأخذ ,, وصاحب الأغنام عادة يعرفها جيداً ويعرف عددها كذلك,, أما صاحب الحفلة فمن الصعب أن يحدد عدد الأغنام التي حصل عليها إلا إذا كان يكتب ويسجل وقليل من يفعل ذلك.
يوسف البقعاوي اعتبر الظواهر السلبية المصاحبة لعادة العَنيَّة كثيرة جداً وأخذ يتساءل : لو أن احد الأشخاص أراد أن يساعد أصحاب حفلة الزواج بدافع القرابة أوالصداقة أو الزمالة, وكما هو معتاد أحضر خروفاً وذهب به إلى شبك الغنم( والذي يوضع عادة بجانب مقر الاحتفال),, ولحظة وصوله إلى الشبك لم يجد عنده أحداً من أهالي العريس، ووضع هو الخروف متطوعاً في الشبك ولم يلتفت إليه أحد، ولم يعلم به أحد ,, ماذا يفعل هذا؟! هل يذهب إليهم ويقول : (تراني أحضرت لكم خروف)؟!! طبعاً غير ممكن.
هل يسكت (ويخليها على وجهها ) ؟! طبعا هذا غير عادل، أو هل يعود ادراجه وإذا رآهم مجتمعين يحضرها لهم,, أعتقد أن في هذا رياء ومبالغة ,, ما رأيكم أنتم؟!!.
عبدالله نايف مستاء كثيراً من (شريطية الغنم) الذين يستغلون الأعراس لكسر سعر الشراء إلى أدنى سعر ويقول في هذا : بعد نهاية حفلة عرس لأحد أقربائي، ذهب والده وأحضر شريطي غنم ليشتري مجموعة الأغنام، فوافق الشريطي ولكنه اشترط أن يشتريها جملة,, وطالب لكل خروف 150 ريالاً فقط!! وعذره في ذلك أن الغنم كثيرة ولم تخسروا أنتم فيها شيئاً (فهي هدية مجانية)!!, طبعاً لم نوافق هذا ما يؤكده عبدالله وذهبنا لغيره من الشريطية فطلب أحدهم 100 ريال في الرأس الواحد، وسألته متهكماً: بكم تبيع الرأس الواحد أنت؟! فقال: 500 ريال.
فقلت له: إذاً لماذا تشتري ب 100 ؟! فقال: تبون ولا بكيفكم؟!! وفي النهاية رضخنا للأمر الواقع,.
شريطي الأغنام مبارك الشمري أكد نزاهة الشريطية مشيراً في الوقت نفسه إلى مبالغة أصحاب الأعراس في السعر المعروض قائلاً: إذا طلبنا أن نشتري منهم تفريداً (واحد واحد,,) رفضوا، وإذا تخيرنا الطيب منها رفضوا,, فنضطر عند شرائها جملة أن نوازن في السعر بحيث نضع في الاعتبار وجود عدد غير قليل منها إما هذيل أو كبير في السن أو (رخوم) واحد يشتريها ,, وهكذا، ونفى أن يكون الشريطية قد حددوا سعراً متعارفاً عليه لاسعار هذه الأغنام المتبقية من حفلات الزواج وقال ساخراً: ليست (بورصة) عالمية، المسألة عرض وطلب، وبعض ملاك الأغنام يفضل وضعها في أحواش يستأجرها من البلدية، ويضع عندها أعلافاً وماء ويتكسب بها، وبعض الناس يتعب من العلف الذي يوفره للغنم التي في الشبك القريب من الحفل ثم يبيعها بأبخس الأثمان,, وهذا ما جعل الشريطيين يطمعون في أقل الأسعار!!.
رأي الشرع في العَنيَّة
توجهنا بهذا السؤال إلى فضيلة الشيخ سليمان بن محمد اللهيميد, ما رأي الشرع الحنيف بما يسمى بالعَنيَّة؟ فأجاب فضيلته: مما لا شك فيه أن ديننا الإسلامي حثنا على مساعدة الآخرين وخاصة من يريد إعفاف نفسه، وهذا العمل (وهو مساعدة المتزوج من قبل اقاربه من أهل قبيلته) هو من باب قوله تعالى : وتعاونوا على البر والتقوى وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : والله في حاجة العبد ما كان العبد في حاجة أخيه رواه مسلم، وقال أيضاً مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى,, متفق عليه.
لكن هذه العادة الطيبة (إعانة الزواج) ينبغي أن ينوي بها المسلم التقرب إلى الله لأنها عبادة، ويقصد بها مساعدة قريبه لينال الأجر العظيم من الله، وليحذر المسلم كل الحذر من أن يكون قصده فقط القيام بهذا العمل لأن الناس يقومون به،وهو في قرارة نفسه غير راغب فيه، أو يساعد قريبه من أجل أن يرد له قريبه المساعدة إذا تزوج هو أو أحد أولاده ومن كان هذا قصده فإنه بلا شك لم يخلص في عمله هذا، ولم يرد به أن يتقرب إلى الله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ مانوى متفق عليه.
وأكد على خطأ يقع به بعض الناس حينما يوجد عنده مال ليساعد قريبه، فيذهب ويستدين وهذا خطأ عظيم، فكيف يستدين من أجل صدقة؟! وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : افضل الصدقة ما كان عن خير غنى فلا ينبغي للإنسان أن يستدين من أجل صدقة، وهذا خلاف الشرع والعقل أيضاً.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved