| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
اطلعت في عدد الجزيرة رقم (10168) ليوم الاثنين 29/4/1421ه على ما كتبه في هذه الصفحة الاخ محمد بن عبدالله الفوزان تحت عنوان (الجن والاشاعات) والذي جاء فيه إنكار مسألة دخول الجن في جسد الانس حيث يقول: أما دخول الجن في جسد الانس والسيطرة عليه واصابته بالمرض والتحكم في عقله والتكلم بلسانه فهذا قول باطل ليس عليه دليل من الكتاب ولا من السنة بل ان الأدلة المتواترة تنفي وقوعه والعقل السليم والمنطق المحسوس وسنة الله في خلقه تؤكد عدم صحة حدوثه وقد اجمع علماء الامة ان الشياطين ليس لهم على بني آدم سلطان قهر وإرغام .
ولأهمية هذا الموضوع، وضرورة البسيط فيه حتى يتضح ما التبس فهمه وإدراكه على البعض من الناس فإنني اعرض فيما يلي بعضا مما ورد بهذا الشأن من اقوال العلماء، علها ان تجلي ما التبس، وتنور ما انطمس.
* قال ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوى: صرع الجن للإنس قد يكون عن شهوة وهوى وعشق، وقد يكون عن بغض ومجازاة لمن آذاهم، وقد أنكر طائفة من المعتزلة دخول الجن في بدن المصروع، وليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجن في بدن المصروع وغيره، ومن أنكر ذلك وادعى ان الشرع يُكذِّب ذلك فقد كَذَبَ على الشرع، وليس في الادلة الشرعية ما ينفي ذلك .
* وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد: الصرع صرعان,, صرع من الارواح الخبيثة الارضية، وصرع من الاخلاط الرديئة، والثاني هو الذي يتكلم الاطباء في سببه وعلاجه إلى ان قال فهذا النوع من الصرع وعلاجه لا ينكره إلا قليل الحظ من العلم والعقل والمعرفة .
* وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي إن قوما يقولون إن الجن لا يدخل في بدن المصروع من الإنس فقال: يابني يكذبون، وهو ذا يتلكم على لسانه .
وقال ايضا رحمه الله في الفتاوى: وجود الجن ثابت بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتفاق سلف الامة وأئمتها, وكذلك دخول الجني في بدن الانسان ثابت باتفاق ائمة اهل السنة والجماعة .
* وقال عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى في رسالة له بهذا الخصوص بعد ان ساق الادلة الشرعية وأقوال المفسرين واجماع اهل العلم من اهل السنة والجماعة: إن إنكار دخول الجني في بدن الانسي نشأ عن قلة العلم بالامور الشرعية وبما قرره اهل العلم من أهل السنة والجماعة، وإذا خفي هذا الامر على كثير من الاطباء لم يكن ذلك حجة على عدم وجوده بل يدل ذلك على جهلهم العظيم بما علمه غيرهم من العلماء المعروفين بالصدق والامانة والبصيرة بأمر الدين بل هو اجماع من أهل السنة والجماعة .
ومن أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ما يلي:
* أخرج الإمام أحمد وأبو داود والطبراني من حديث أم أبان بنت الوازع عن أبيها ان جدها انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن له مجنون فقال: أدنه مني واجعل ظهره مما يليني ، فأخذ بمجامع ثوبه من اعلاه وأسفله فجعل يضرب ويقول: اخرج عدو الله فأقبل ينظر نظر الصحيح.
* وأخرج الإمام أحمد والدارمي والطبراني وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس ان امرأة جاءت بابن لها فقالت: يارسول الله ان بابني هذا جنونا، وانه يأخذه عند غدائنا وعشائنا فيفسد علينا، قال: فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ودعا له فثغ ثغة، فخرج من جوفه مثل الجرو الأسود فسعى.
* وأخرج أبو يعلى وأبو نعيم والبيهقي عن أسامة بن زيد قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحجة التي حجها فأتته امرأة ببطن الروحاء بابن لها فقالت: يارسول الله، هذا ابني ما أفاق من يوم ولدته إلى يومه هذا، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم منها فوضعه فيما بين صدره وواسطه الرحل، ثم تفل في فيه وقال: اخرج ياعدو الله فإني رسول الله ، قال: ثم ناولها إياه وقال: خذيه فلا بأس عليه .
وحول مسألة ضرب المصروع وتندر البعض فيها وانها تعذيب للمصروع يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى: هذا الذي قاله مشهور، فإنه يصرع الرجل فيتكلم بلسان لا يعرف معناه، ويضرب على بدنه ضربا عظيما لو ضرب به جمل لاثر به أثراً عظيماً، والمصروع مع هذا لا يحس بالضرب ولا بالكلام الذي يقوله .
كما أن هناك خلطا عجيبا يمارسه البعض عند الخوض في هذه المسائل وذلك بين الرقية الشريعة والمعالجة بالاعشاب وخلافها وبين السحر والشعوذة والدجل,, وهذا فيه تجن كبير، وجهل واضح، فالرقية الشرعية امر مشروع ليس فيها طلاسم ولا استعانة بالجن والمردة قال تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً) كما ان التداوي أيضا من الاسباب المباحة لقول المصطفى صلى الله علين وسلم: ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له الدواء، علمه من علمه وجهله من جهله، فتداووا ولا تداووا بحرام ، وأما طلب الشفاء من خلال السحرة والمشعوذين فذلك من الاسباب الممنوعة، بل هي تناقض العقيدة الصحيحة لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ,,, والله المستعان.
أحمد الخنيني الزلفي
|
|
|
|
|