| أفاق اسلامية
* لندن الجزيرة
تحت هذا العنوان نشرت صحيفة جانك الصادرة في لندن مقالاً لفتاة كندية اعتنقت الإسلام في 22 سبتمبر عام 1998م تروي فيه قصة اعتناقها الإسلام بهدف مشاركة القراء بها سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين, وتدعى هذه الفتاة مريم فيشر وهي تعمل منذ عام 1996م في قسم السجلات الطبية في مستشفى القوات المسلحة في غرب شمال تبوك في المملكة العربية السعودية، وفيما يلي الترجمة لتجربتها:
قبل أن اعتنق الإسلام غمرني الإسلام، وخلال الأسابيع الأولى من اقامتي في المملكة العربية السعودية أصبحت مدركة لشعور يبدو وكأنه احاطني من كل جانب وأسرني تماماً, وقد اسررت الى صديقة مقربة لي ان في هذه الأرض روحانية عظيمة واننا نعمل ونعيش على أرض مقدسة.
وبما انني ترعرعت في كنف جو مسيحي متدين جداً بالمقاييس الغربية فإن معتقدي آنذاك كان يشدد على حياة العائلة والتواضع للنساء والنهي عن التدخين وتعاطي الخمر واعتبار الزوج رب الأسرة وتفضيل ان يتلاقى الشباب والشابات العزاب بحضور أشخاص بالغين، ولسنوات في بدايات عام 1900 كان معتقدي يسمح بتعدد الزوجات, وكوني درست الإسلام فإن الكثير من معتقداته لم تكن غريبة غني تماماً كونها شبيهة جداً بما نشأت عليه.
خلال سنواتي الأولى في تبوك سألت عدة اسئلة عن الإسلام وكنت معجبة بعدة مسلمين احتككت بهم أثناء العمل، وكنت أرى بأم عيني هؤلاء المسلمين وهم يعيشون الإسلام حسب معايير دينهم والطمأنينة الظاهرة التي تنزلها هذا الدين على قلوبهم, لقد كنت في حياتي الراشدة أبحث عن هذا السلام والقرب من الرب.
في ربيع عام 1981 زرت عدة مساجد تاريخية بما فيها الجامع الأموي في مدينة دمشق خصوصاً بعدما اطلعت على ان المسيح عليه السلام عندما يعود الى الارض سيكون مخرجه من هذه المدينة، وقد غمرتني آنذاك العاطفة والدموع ولم أجد لهما سبباً, وبعد عودتي الى تبوك انتابتني رغبة جامحة لمعرفة الإسلام أكثر فأكثر، ولكن المكتبة في مكان عملي في المستشفى لم تشف غليلي لمعرفة الكثير عن معتقدات الإسلام وتعاليمه.
وقد شعرت بألم عميق عند زيارتي لكندا في وقت متأخر من السنة ذاتها لرؤيتي مجتمعاً يلهث وراء المال والمظهر والدنيوية، لقد اردت أكثر من ذلك في حياتي, وأثناء عودتي الى تبوك لم تصدق عيناي جمال الرجال المسلمين وهم يؤدون صلاتهم للرب في مطار نيويورك أثناء انتظاري لطائرتي, وبوجودي في تبوك بعد الزيارة لم استطع الأمساك بالدموع التي كانت تنهمر كلما سمعت الآذان وأحسست آنذاك برغبة جامحة للصلاة، كنت أعلم ان هذا يتطلب ان اكون مسلمة ولذلك اعلنت الشهادة في 22 سبتمبر 1998م.
إن التجارب العظيمة التي مررت بها في هذه السنة التي مرت عوضتني أكثر بكثير عن الشعور بالدونية عندما انفض عني اصدقائي واقربائي, فلقد أديت العمرة في الليلة السابعة والعشرين من رمضان مع اصدقاء مقربين جداً الى قلبي وبكيت أثناء صلاة التراويح في الحرم المكي بينما كان المطر يتساقط ثقيلاً وكأنه يغسل جميع خطاياي, لقد زرت المسجد النبوي في المدينة عدة مرات وبكيت عدة مرات بكاء الفرح عند كل زيارة, وقد اتممت صيام شهر رمضان واحتفلت بما يحمله من فرح وبركات.
هذا الصيف، زرت الهند وأديت صلاة الجمعة في أكبر جامع في مدينة دلهي الهندية، وأحسست بشعور غريب من العاطفة عند رؤيتي النسوة المسلمات الهنديات المغطيات بأثواب متواضعة ولكنها نظيفة وهن يأخذن القرآن من الرفوف لتلاوته, وبوسع المرء ان يرى رقتهن وحبهن لهذا الكتاب المقدس, وفكرت آنذاك بهذة النسخ الجميلة من القرآن الكريم في مكة والمدينة وحمدت الله على النعمة التي أنزلها الله على المملكة العربية السعودية وشعبها, ان مواطني المملكة محظوظون ومباركون كونهم ولدوا في بلد يحتضن الحرمين الشريفين ويفهمون ويقرأون بسهولة تامة لغة القرآن التي أنزلها الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم, وأسال نفسي أحياناً هل يدرك هؤلاء حقاً كم هم محظوظين بما هم فيه في حين إنني وآخرين نجهد يومياً لتعلم اللغة حتى يتسنى لنا تلاوة القرآن.
انني استميت من اجل فهم الإمام وهو يؤم المصلين في مكة والمدينة اثناء مشاهدتي له على شاشة التلفاز، وبعون الله تمت مساعدتي وتعليمي، وبوسعي الآن ان اقرأ سورة الفاتحة.
هذا الصيف، عدت في العطلة الصيفية الى كندا ولأول مرة كمسلمة، وكان ولداي البالغان فخورين بأمهم مريم أكثر مما يتصور، ولذلك حمدت الله على منحي اياهم والاسئلة التي القوها علي عندما كنا نناقش الإسلام ومعتقدي الجديد في عدة مناسبات.
ان مدينتي في كندا تسكنها قلة من المسلمين ولذلك فإن ظهوري بالحجاب كان سببا في تحديق الناس وصدور عدة تعليقات، ولم اصادف إلا حادثة واحدة سيئة فقط عندما اتبعتني امرأة متعصبة مسيحية وهي تكيل لي اتهامات غير منطقية بالقرب من سوق عامة، حافظت آنذاك على هدوئي وادركت انه من غير الممكن الدخول في حوار هادئ معها ولكنني فكرت كم هي مخطئة في اتهامها ولاشك انها ستكون مع الخاسرين.
انني احمد الله على تسييري الى المملكة العربية السعودية، وانني اعرف انني ما حضرت الى هذا المكان إلا لأكون مسلمة, في الأسبوع الماضي، سألني مسلم آخر ما هو أفضل شيء كونك مسلمة؟ وكان جوابي لقد أصبحت أكثر قرباً لله.
احمد الله تعالى وادعوه ان يغر خطاياي وقصوري ويغمرني برحمته وانا احاول ان اتعلم وأكبر لأكون امرأة مسلمة.
|
|
|
|
|