أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 4th August,2000العدد:10172الطبعةالاولـيالجمعة 4 ,جمادى الاولى 1421

مقـالات

نعم: جمعيات لحماية المستهلك
كيف يكون حديثنا عن السوق وتداعياته صعودا وهبوطا وهو أمر طبيعي في اقتصاديات السوق حيث يخضع لكثير من العوامل التي تعتمد في معظمها على عمليتي الاستيراد والتصدير ومكونات كل منها.
ويعتمد السوق المحلي على العرض والطلب وامكانات المنافسة, وقد لاحظنا في الآونة الاخيرة أن سوقنا المحلي يحيط به تحدٍ كبير مما يطرح عوامل غلاء الأسعار الذي لا يعتمد على ارتفاع في اسعار الخامات أو أجور العمالة أو تكاليف الإدارة أو نسبة الاستهلاك، وإنما يعتمد على جشع لدى بعض التجار، وضعف نفوسهم وعسانا نضرب مثلا يحتاج لتفسير وتحليل من خبراء الاقتصاد والمختصين في أمور السوق فها هو (الهاتف الجوال) فرضت في البدء رسوم التأسيس بعشرة الاف ريال وسرعان ما تبدل هذا السعر وبلغ ثلاثة الاف وخمسمائة ريال ثم انخفض مرة اخرى لألف ريال, تم هذا في فترة وجيزة في الوقت الذي زاد فيه الطلب عليه، فهل في قيمة هذا التأسيس من قِبل شركة الاتصالات ربح أم خسارة فلماذا التأسيس من قبل بعشرة آلاف؟ كم كان مكسبه حينذاك؟ ألم يمثل هذا مبالغة في السعر كم أرهقت الكثيرين عند بداية التأسيس وفي مستهل تناول هذه الخدمة، ومثال آخر يتمثل في (الدش) فجميعنا يدرك انه في بداية الاستخدام كان سعره يفوق الثلاثين الف ريال ثم تدرج بعد ذلك الى ان وصل الان سعره خمسمائة ريال, هذه اصناف من الخدمة بدأت بارتفاع باهظ في الأسعار وتدرجت هبوطا الى ان صارت مثل ما هي عليه الآن,, لكن ناهيك عن التزايد المستمر في اسعار بعض المنتجات كالملابس والاثاث والاجهزة الكهربائية وكذلك بعض الخدمات مثلما هو حادث في المستشفيات الأهلية وأجور اجراء العمليات بها، أو اسعار الإقامة فيها، فضلا عن سعر الكشف الذي يرهق كاهل الإنسان العادي والذي يمثل الشريحة الكبرى في هذا المجتمع، كما يتمثل ايضا هذا الغلاء في الخدمات التعليمية التي تقدمها المدارس الاهلية الخاصة التي لاتزال تتعاظم مصروفاتها مما يرهق ميزانية اي اسرة لديها ابناء يُلحقون بهذه المدارس اضطراراً وليس طوعاً لعل فئة الاقتصاديين يقفون على اسباب تلك الموجات الصاعدة الهابطة في ارتفاع الاسعار وتحليل السوق في تفاعله مع الدائرة العالمية مع تنوعها كي نصل الى عقلية السوق وهيمنة أصحاب الأعمال، والبحث عن الجذور ما دامت هذه الجذور يمكن تصويبها فهي التي تعبر عن خصوصية الطرح في المرحلة التي يمر بها مجتمعنا من أجل البناء والنهضة، وتعزيز قيم المعاملات الإنسانية ذات القواعد الأخلاقية كما تعارف عليها أبناء مجتمعنا عبر التاريخ وما يعبر عنه العقل الجمعي في وطننا الغالي.
إن قطاعاً كبيراً من أبناء هذا الوطن يعوزه احتياجات الحياة اليومية ولكن يحول بينه وبين تحقيق الأمل أنانية بعض التجار التي تصل الى حد إنكار إمكانات المشتري وهذا هو الواقع الذي نشهده في سوق اليوم ذلك الذي يؤثر في نفسية واتجاهات وحجم الرضا لدى الجماعة الوطنية، والإزاحة عن امكانات التضامن الاجتماعي حيث يمثل الغلو في الاسعار عبئا ثقيلا على كاهل ابناء الوطن.
ومن الطبيعي ان يتصاعد أمام هذا الصعود والهبوط في الأسعار جوٌ من عدم الرضا عن حال السوق وانعدام الثقة بل ورفض اسلوب التجار في البيع وكذلك في الشراء، والتوجه بدلا من إحداث رواج في السوق الى انغلاق السوق وتمحوره حول ذاته الأمر الذي معه يسهل تصويب الضربات اليه مما يؤدي بالحتم الى ذبذبة السوق وعدم استقراره.
إذاً الموضوع موضوع قيم السوق مما يعيدنا الى السؤال الأول أي تداعيات السوق وفقا لإرادة التجار أنفسهم وممارساتهم الإيجابية والسلبية، فهل نعترف بهذا والى أي حد، وعلى اي شكل؟ ثم ماذا بعد؟
إن العنصر الاقتصادي ذو اثر فاعل في البشر عن غيره من العناصر التكوينية خصوصا في مجتمعنا المعاصر كما هو الحال في كافة الدول الحرة التي تعتمد على مرونة وانسيابية السوق وتأثيراته في العلاقات الفردية والجماعية وان كان ذلك يتم بدرجات متنوعة مختلفة الى حد كبير من الخصوصية.
وإزاء ذلك كله لعله يكون مفيداً ان تتشكل جمعية أهلية مسؤولة عن حماية المستهلك سواء بمراقبة الأسعار السوقية ودراسة التكلفة وهامش الربح وتحديد سعر البيع المناسب وتوعية المواطنين والعمل على رفع مستوى الوعي لديهم وتقوية قدراتهم على الكف عن شراء الاصناف المغالى في سعرها، وغير الجيدة والاقبال على شراء الأصناف الأكثر صلاحية وجودة وأقل سعرا، وإدراك قيمة المفاضلة بين الغث والسمين والاهتمام بالتعاونيات والتي لا تهتم بالربح بقدر اهتمامها في تقديم الأفضل والسعر المناسب، وقد نجحت التعاونيات الاقتصادية والتعليمية، ويتوجب الاهتمام بهذا النشاط، ودعم الأجهزة التي تقوم عليه، والمناطق التي تتواجد بها التعاونيات فهي تمثل الموقف المتوازن العلمي الحق الذي يعبر عن ثراء التكوين المجتمعي.
ولا جدال في ان تشجيع هذا القطاع التعاوني والدعوة لتطويره وتنميته بحيث يشمل قطاع الانتاج والتسويق متعدد المجالات بما يفي باحتياجات المواطنين بعيدا عن إغراءات السوق ولهيب الأسعار لقطاع واسع في حياتنا.
إن التعاون في مد جسور سد احتياجات المواطنين في حدود المعقول والممكن وبأزهد الأسعار ففي ذلك تأمين لمعيشة المواطنين وإكسابهم القدرة على مواجهة التحديات بعزم وإرادة قوية.
وللحقيقة نقول إن بعض التجار قد ضلوا الطريق وليس من المعقول أن نتركهم حتى ولو لحظة واحدة بحجة النأي عنهم وكفى، وانما يلزم مواجهتهم وغل أيديهم عن الاستمرار في غيهم ولتذكيرهم بواقع مجتمعنا المسلم، وقيمه السامية, أما بعض التجار الملتزمين فنقف لهم إجلالا لتحيتهم على حسن صنيعهم باعتبارهم مثلا لقيم الحق والخير والمواطنة والانتماء الواعي.
مندل بن عبدالله القباع
أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved