| محليــات
منذ انتهاء القمة الثلاثية في منتجع داود بالولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي بالفشل، والشرق الأوسط تحول عربياً إلى ما يشبه خلية نحل نشطة فلم يمنع ثقل سني العمر، ولا الشعور بالإحباط من فشل القمة الثلاثية، لم يمنعا الرئيس ياسر عرفات الذي بدا في حيوية شباب العشرين من أن يذرع الساحة العربية من أقصاها إلى أقصاها في جولة لا تهدأ حيث التقى معظم القادة العرب عارضاً عليهم تفاصيل ما جرى في كامب ديفيد في محاولة جادة لقطع الطريق أمام أكاذيب الإعلام الإسرائيلي الذي يرمي بأكاذيبه إلى التشويش على الرأي العام العربي وزعزعة ثقته في مواقف الوفد الفلسطيني المفاوض برئاسة عرفات نفسه.
وحصل الرئيس الفلسطيني خلال جولاته هذه على أكثر مما كان يتوقعه من التأييد الصريح لصلابة موقفه المشرف في كامب ديفيد وصموده الشجاع أمام الضغوط الأمريكية والمفاوضات الإسرائيلية/ الأمريكية لجره إلى قبول ما لا يمكنه قبوله، خصوصاً فيما يتعلق بثوابت القضية الفلسطينية وفي مقدمتها القدس الشريف عاصمة للدولة الفلسطينية وموعد إعلان هذه الدولة بحدودها التي تمتد إلى حدود الرابع من يونيو عام 1967م المحتلة الآن.
ولا تعكس جولات الرئيس الفلسطيني واستقبالات الحكام العرب له واتفاقهم معه على الدفاع عن حقوق شعبه وقضية فلسطين شيئاً كما تعكس صدق وقوة الالتزام العربي المعلن بالسلام العادل والشامل كخيار استراتيجي يسعون لتحقيقه في الشرق الأوسط لجميع الشعوب التي توجد وتعيش فيه.
المؤسف أنه مقابل هذا الحرص العربي على السلام العادل والشامل، يقف صناع القرار السياسي والأمني والعسكري موقفاً مناقضاً، بل ومعادياً ليس للعرب وحدهم بل وحتى للسلام العادل والشامل الذي يقوم على الأحكام التي نصت عليها قرارات الشرعية الدولية وتدعو لانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع الاراضي التي احتلتها بعدوان عام 1967م، وعدم اتخاذ إجراءات أحادية في هذه الاراضي وبصفة خاصة مدينة القدس العربية المحتلة.
وعندما اصطدم الإسرائيليون بصلابة الموقف الفلسطيني المسنود بالتأييد والدعم العربيين لجأوا إلى الحيلة التقليدية التي لم تعد تخدع أحداً وهي حيلة إظهار خلافات بينهم وتصعيدها ظاهرياً إلى حدِّ أن يقدم وزير الخارجية ديفيد ليفي استقالته من الحكومة بحجة أنه يريد من رئيس الوزراء تشكيل حكومة وحدة وطنية.
ثم يتخذ زعيم المعارضة إريل شارون المعني بدعوة ليفي لحكومة وحدة وطنية أنه لم يتفق مع رئيس الوزراء باراك على تشكيل مثل هذه الحكومة لأنه يفضل إجراء انتخابات مبكرة!
ويبلغ التصعيد ذروته أمس عندما يصوت البرلمان الكنيست في القراءة الأولى على مشروع قرار من المعارضة يدعو لإجراء انتخابات مبكرة بالموافقة على المشروع!
وإزاء هذا الضغط يعلن رئيس الوزراء أنه بصدد البحث عن توسيع حكومته بعد استقالة وزير الخارجية.
وهكذا يُدخِل قادة إسرائيل عملية السلام في دوامة تناقضات تجعل من العسير على المراقب أن يفهم ماذا يمكن أن يكون عليه قرارهم الأخير,.
شيء واحد لا خلاف عليه من أي مراقب وهو أن الخلافات بين قادة إسرائيل وصناع القرار بها ليست بين دعاة للسلام طبقاً لمقررات الشرعية الدولية، وبنود الاتفاقات الموقعة بينهم وبين الفلسطينيين، وإنما هي خلافات بينهم حول أنجع السبل والوسائل الحاسمة لإرغام الفلسطينيين خصوصاً والعرب عموماً على قبول ما يريدونه كحلول للقضية الفلسطينية.
الجزيرة
|
|
|
|
|