| مقـالات
في المقالة السابقة أوردت خلفية مختزلة عن منظمات بيع الوهم من خلال زرع الخوف فيما يخص الغذاء والمرض والموت والحياة,, الرائجة كل الرواج في أمريكا والعالم الغربي, وذكرت، كذلك أنها أسواق سوداء لابتزاز الناس صحيا من خلال بلبلة أفكارهم وإخافتهم بخصوص ما يأكلون ويشربون ويلبسون، وذلك بالطبع لأهداف مادية بحتة, إنهم تجار صحة في ثياب علماء أمثال الدكتورة مريم نور والتي أطلت علينا بعد عشرين سنة من العيش في أمريكا فقط لتخبرنا بتخصص أحياء بأننا ميتين ميتين! على يد خضراواتنا المؤكسدة بكيميائيات المبيدات الزراعية!,, هنا نواصل التجديف ببحر ترهاتها! فنقول:
أعتقد أن الدكتورة مريم لا تعرف أن أنماط الاستهلاك الغذائي جانب مهم من جوانب ثقافة المجتمع، أي مجتمع، ولا تعرف كذلك أن لكل ثقافة خصوصية ونسبية، ومع ذلك دعونا نتفاءل فنسألها إن كان لها من بحوث علمية تطبيقية ببيانات مستمدة حصرا من مجتمعاتنا العربية وذلك لكي نتمكن من الحكم العلمي على صحة ما تروج له باسم العلم؟! ,,, بل وهل من العلم تطبيق ما يناسب الثقافة الغربية بكل عواملها المدمرة لذاتها وعلى عماها! في مجتمعات نامية كالمجتمعات العربية؟! مثلا، هل يصح علميا على غرار نهج الدكتورة الاقتصار على عامل التغذية والمبيدات في تعليل ولادة طفلين بإعاقة مزمنة أحدهما أمريكي والآخر سعودي؟,, ماذا، مثلا، عن أهمية عامل ادمان الامهات للكحول والمخدرات الشائع اجتماعيا في أمريكا كمتغير مستقل مسبب رئيسي لإعاقة الطفل الأمريكي؟ في المقابل: ماذا عن زواج الاقارب كمسبب لإعاقة الطفل السعودي والذي هو عامل شائع في مجتمعنا؟ وهنا: ماذا خسرنا بمجرد التركيز على عامل التغذية والمبيدات بل وماهي خطورة نهج مضلل كهذا؟
بالتأكيد أن الدكتورة لا تعي كذلك أن الانسان العربي العادي! لا يعي ما تتمترس خلفه من مصطلحات علمية صماء مجردة لا تفتأ تلقيها على مسامعه جزافا واستخفافا واحترافا؟ حسنا، ماهو تأثير نصف الفهم! على عقليات البسطاء من الناس يا دكتورة؟ خصوصا عندما يكون الأمر ذا علاقة بالحياة والموت,, وماهي تبعات تجاهل مبدأ حدثوا الناس بما يعقلون ؟! بل ماذا أبقت الدكتورة مريم بتركيزها على الغذاء والمبيدات من تأثيرات للعوامل الأخرى ذات العلاقة الوثيقة بالسرطان، كالوراثة Heredity، والعوامل النفسية الفردية الناشئة من/ او المتفاعلة مع الظروف الاجتماعية,,، وعليه، كيف لها أن تفسر علميا فرضية أخوين تربيا نفس التربية,, نفس التغذية,, نفس الرعاية الطبية، ومع ذلك مات أحدهما فجأة وعَمَّر الآخر؟ بل وعلى افتراض أن هذين الأخوين مدخنان فلماذا علميا مات أحدهما بسبب التدخين في حين لم يؤثر التدخين على الآخر؟,, ومثلهما أختان أصيبت إحداهما بسرطان الثدي وماتت، في حين لم تصب الأخرى بأي أذى بل وامتد بها العمر,,؟! بصيغة أخرى: هل ترى الدكتورة مريم أن هناك اتفاقا علميا قاطعا حول الأسباب الحقيقية للكثير من الأمراض المستعصية في عصرنا هذا، كالسرطان مثلا؟ وبما أن الاجابة بالنفي كيف يحق لها إذن القطع بعلاج أمراض تعوزها معرفة مسبباتها ابتداء؟
لماذا لا تبادر الدكتورة مريم إلى مكاشفتنا عن الخلفيات السياسية والاقتصادية للواقع الطبي في أمريكا ذي المرجعية الواضحة والمؤثرة على أفكارها؟ ماذا عن الدور المشبوه لشركات التأمين الطبية هناك ومحاولاتها المستميتة من أجل إيجاد ذرائع أي ذرائع تعطيها حق عدم دفع التكاليف الطبية لمستحقيها الضعفاء؟ ، وكيف نجحت هذه الشركات جنبا الى جنب مع المستشفيات وشركات الأدوية، وحتى المؤسسات الفيدرالية ذات العلاقة,, اقول كيف نجحت هذه المؤسسات ولأسباب مادية بحتة في تحويل قضية المرض والحياة والموت من مسؤولية جماعية أخلاقية إلى مسؤولية فردية تركز على سلوك الفرد الضحية أصلا وذلك أخذا بنهج لوم الضحية Blaming the victim ، إلى حد إلغاء شخصيته، فخلق اعتماديته، فاستعباده ماديا:,, كيف يأكل,, لماذا يأكل ما يأكل,, ماذا يشرب,, كل كذا,, اشرب هكذا,, نظف بالمحلول الفلاني,, اركض والإ,, البس هكذا,,!، فقط لتتنصل هذه المؤسسات الرأسمالية من مسؤولياتها المهنية والأخلاقية، مما في النهاية قتل انسانية مهنة الطب وحولها إلى مؤسسات نخبوية احتكارية دراكولية! يكفيها اللانسانية اطلاق صفة صناعة الطب عليها, لقد تمخض عن هذا المسخ الطبي وقوع ما يربو على 45 مليون أمريكي عرضة وضحايا للمرض والمعاناة والموت وذلك من جراء حرمانهم من أي علاج طبي وتحت أي ظرف! كونهم غير قادرين ماديا على تحمل تكاليف التأمين الطبي الباهظة, لتستمر المعاناة وكأن هذا لا يكفيهم! ليجد هؤلاء البؤساء أنفسهم وجها لوجه مع الذئاب الرأسمالية أمثال الدكتورة مريم ممن استغل ثغرة تقلص الخيارات أمام هؤلاء الضعفاء وخوفهم من المرض في مجتمع لا يرحم الأصحاء، ناهيك عن المرضى، فقط لتهجم هذه الذئاب/ العلماء لتمتص وتستحلب ما تبقى في جيوبهم باسم التغذية المتوازنة، والطب البديل، والطب التجانسي، والتنويم المغناطيسي، وحتى طقوس اليوغا ، وترهات دع القلق وابدأ,,, ، وأخيرا وليس آخرا الفياغرا! والتي تتراوح أخبارها الطبية بين القتل يوما والحياة والوناسة!! يوما آخر، والقائمة تطول وتطول,,!
ختاما، دعوني أختزل كل ما ذكرت آنفا باستعارة عبارة خطها يراع الاستاذ الكريم راشد الحمدان تعليقا على ترهات مريم! حيث قال سلمه الله: دعوكم من الأوهام ومن كلام جالبي الوهم,, وكلوا واحمدوا الله ولكن تحركوا وتريضوا تجدوا أنفسكم في صحة جيدة ,, بصيغة أخرى واللوم على الميانة يا استاذ راشد! : لا يهمكم كلام مُريَّم! فلو كان من ورائها مطمع! لما فرط بها العم سم!! بعد عشرين سنة من الاستجداء الحضاري! ,.
للتواصل: ص,ب 4206 رمز 11491 الرياض
|
|
|
|
|