| محليــات
إن لبن الأم هبة من الله وهو أحد أهم المصادر الغذائية الطبيعية في كل مكان من الكرة الأرضية ويعتبر قاعدة للأمن الغذائي لجميع أطفال العالم ولا يحتاج إلى شروط قاسية حتى يتوفر هذا المورد الغذائي العام، فحليب الأم يحتوي على مواد غذائية مثالية لاحتياجات الرضيع حتى يكتمل نموه الجسمي والعقلي والنفسي بصورة صحية وينعم بدفء الارتباط والمحبة بينه وبين أمه وهذا شرط أساسي لبناء شخصية وهيئة قدراته على التعلم ونجاحه في هذه الحياة.
ونظرا لما لحليب الأم من هذه الأهمية فقد أرشد الله عز وجل في محكم كتابه الكريم الأم بإرضاع ولدها حولين كاملين لتمام الرضاعة، كما أمر الوالد بالانفاق على الأم أثناء الرضاعة، قال تعالى في سورة البقرة الآية 233 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف إلى آخر الآية، قال ابن كثير: هذا إرشاد من الله تعالى للوالدات: أن يرضعن أولادهن كمال الرضاعة وهي سنتان انتهى كلمه, في أصعب الظروف، الطلاق بين الأم والأب أوصى بالرضاعة وأن كان في ذلك عسرة فالبحث عن مرضعة أخرى فهذا ضبط من الله للوالدين في تربية طفلهما: قال تعالى في سورة الطلاق الآية (6) فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بالمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى .
وأرشدنا الله عز وجل أنه اذا كانت هناك حاجة لاستمرار الرضاعه وفصله من أمه فلا بأس استرضاعه من امرأة ثانية كما قال تعالى في سورة البقرة الآية نفسها وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم .
فكل هذه الآيات القرآنية بما فيها من هدي وإرشاد تحض على الرضاعة الطبيعية والتأكيد على استمرارية ذلك حتى لو دعى الأمر إلى أستئجار مرضعة أخرى للرضيع فمن خرج عن هذا الهدي الإلهي لابد أنه سيواجه كثيراً من المشاكل والتي نواجهها في عصرنا هذا.
لاشك أن هناك تقدماً علمياً وتقنياً في معظم الدول وخاصة الدول الصناعية ولكن لايساير هذا تقدم حضاري, لذا أعتقد خطأ أن البدائل الصناعية للبن الأم (مثل الحليب الصناعي) يماثل حليب الأم وأنه سيحرر المرأة المرضع من الارتباط بالطفل والبيت لتقوم بالعمل خارج البيت، وهذا الاعتقاد بدأ منذ عام 1920م على أساس أن الرضاعة الصناعية مظهر من مظاهر التحضر الغربي، وتهاتفت الملايين من النساء لهذه البدائل الصناعية وأرضع ملايين الأطفال وكانت نتائج ذلك ازدياد في حالات الاسهال مما أدى إلى وفاة أعداد هائلة من الأطفال وهم في مهدهم وكذلك ازدادت إصابات سوء التغذية وخاصة في الدول الفقيرة، فمثلاً في نتائج دراسات أجريت في منطقة الخليج العربي أن 41% من الأمهات لا يرضعن أطفالهن منذ الولادة وتزيد هذه النسبة إلى 90% في عمر 6 أشهر وهناك دراسة محلية أجريت على عينة صغيرة الحجم من الأمهات وجد فيها أن نسبة عدم الارضاع تصل إلى 50% أو أكثر وهذه العينة وإن كانت صغيرة العدد لكنها علامة خطيرة توضح مسار التيار نحو الابتعاد عن الرضاعة الطبيعية وهذا وحده كاف لان تتظافر الجهود لتوعية وتثقيف المجتمع للعودة إلى الطريق الصحيح، الرضاعة الطبيعية وفي الآونة الاخيرة بدأ العالم يصحو لهذه المآسي وبدأ التحول إلى الرضاعة الطبيعية في كثير من أنحاء العالم فهذا أسبوع الرضاعة الطبيعية لهذا العام 1421ه الرضاعة الطبيعية حق للجميع وهو ضمن برنامج وطني تبنته وزارة الصحة باسم المستشفيات صديق الطفل منذ عام 1421ه وقد تبنت وزارة الصحة خطة بعشر نقاط لتسهيل نجاح الرضاعة الطبيعية مشمولة بسياسة مكتوبة لتدريب العاملين على المهارات اللازمة لتنفيذ هذه السياسة، ومن هذه الخطوات توعية الأمهات وتعليمهن بكيفية الطرق الصحيحة للإرضاع والحفاظ على استمرار إدرار الحليب والتركيز على الحوامل وتهيئتهن لذلك وشرح فوائد الرضاعة الطبيعية، وتشجيع الأم المرضع على الرضاعة عند الطلب وعدم تشجيعها على بدء الارضاع خلال نصف ساعة من الولادة وعدم تقديم ماء السكر للرضيع وفوائد الرضاعة الطبيعية للطفل عديدة منها: أن حليب ثدي الأم يحتوي على جميع عناصر الغذاء الاساسية وتركيبه متوازن حسب عمر الوليد قبل وبعد الولادة، حتى يكفل نمو وتطور الرضيع وأن حليب الأم نظيف ومعقم ودرجة حرارته ملائمة ويحتوي على أجسام مضادة تقي الرضيع من الاصابات بالأمراض إن شاء الله والحليب الطبيعي قليل التحسس فيقي الطفل من أمراض الحساسية كحساسية الجلد (الاكزيما) وغيرها.
أما بالنسبة لفوائد الرضاعة الطبيعية للأم: فهو لايكلف الأب مالاً ولا الأم جهداً في تحضيره فهو في متناول اليد وتقلل بالنسبة للاطفال من اصابتهم بالامراض فيجنب الام كثيراً من المشقة والسهر وتزيد وتقوي روابط العاطفة بين الأم ووليدها وتباعد بين الحملين كوسيلة طبيعية لمنع الحمل وتساعد في عودة الرحم إلى حجمه الطبيعي وتقلل للأم من احتمال الاصابة بأورام الثدي.
ومن أهداف هذا الاسبوع لعام 1321ه على المدى البعيد (أولا) استمرارية عملية تفعيل الوعي بأهمية الرضاعة الطبيعية (ثانيا) التشجيع على دمج تعليم الرضاعة الطبيعية ضمن برنامج مناهج الدراسة (ثالثا) العمل على تصميم مناهج تعليمية عن الرضاعة الطبيعية مع جميع فئات المعلمين (رابعاً) العمل على اشتراك التلاميذ في نشاطات اسبوع الرضاعة الطبيعية (خامساً) التشجيع على إبراز عملية الرضاعة الطبيعية في ألعاب الأطفال.
ويأتي أسبوع الرضاعة الطبيعية لعام 1421ه ليركز على أهمية وضرورة تطبيق المدونة الدولية لتسويق بدائل حليب الأم فقد صمم دليل ليساعد الباعة والموزعين في التعرف على المدونة الدولية لقواعد تسويق بدائل حليب الأم الصادرة عن منظمة الصحة العالمية ومنظمة الطفولة (اليونيسيف) ويلتزموا بتطبيقها والمدونة تشمل تغذية الرضع والمنتجات الاخرى التي تسوق أو تقدم لاستبدال حليب الامهات وكذلك زجاجات (قوارير) الرضاعة والحلمات الصناعية فعلى الباعة والموزعين الالتزام بما تنص عليه المدونة وتتلخص بالآتي:
1 منع الاعلانات والترويج للجمهور.
2 منع توزيع عينات مجانية على الامهات.
3 منع الترويج في المراكز الصحية والمستشفيات.
4 منع الاتصال بين الباعة والامهات.
5 ان يتم إعداد المواد الاعلامية والدعائية عن تغذية الرضع عن طريق الشركات بعد الموافقة الرسمية.
6 منع تقديم الهدايا إلى العاملين الصحيين وأن يكون تحت ظروف محدودة للغاية.
7 منح إدراج حجم المبيعات في حساب مكافآت موظفي الشركات كحوافز للبيع.
8 عدم استعمال صور الاطفال أو أي وسيلة أخرى توحي بأفضلية استخدام بدائل حليب الأم.
9 عدم ترويج الألبان المكثفة المحلاة.
10 على الباعة والموزعين اتخاذ الخطوات اللازمه للتأكد من تصرفهم بما يتماشى مع هذه المبادئ للمدونة في كل مستوى.
* منسق البرنامج الوطني المستشفيات صديقة الطفل الرضاعة الطبيعية ، مستشفى الملك فهد التخصصي ببريدة
|
|
|
|
|