| مقـالات
* كيف تبدأ بذرة الابداع لدى الانسان، ولماذا يكتب ولمن؟ اسئلة عديدة وتساؤلات متشابكة محيرة، ولكل كاتب وجهة نظره المتميزة,, ولكن لا ندري اهي تعبر عن وجهة نظر حقيقية، وتخاطب قناعات ذاتية, ام مجرد تبرير عقلاني لحدث قفز بمحض الصدفة وجعل ذلك الإنسان كاتباً، او أديبا وهكذا.
* الناقد الاديب (معجب الزهراني) يقول: لدي مختارات شعرية من مرحلة الثانوية، معظمها للمتنبي، أظنها تصلح علامة على بداية العلاقة بيني وبين النصوص,, ذات السلطة الإغوائية الكبيرة في المرحلة الجامعية ورطني بعض اساتذتي اذ كرسوا هذا الوهم الجميل داخلي فاقتنعت به, اما بعد ذلك اصبح الأمر اشبه ما يكون بمهنة وتخصص أكاديمي, اي بعد تخرجي من جامعة السوربون حاملاً شهادة الدكتوراه، ثم عملي كأستاذ في الجامعة بالرياض.
رغم كل شيء اجدني لم ازل متميزا لعلاقات اللذة مع النصوص، فلا اكتب الا عما يستهويني جماليا وفكريا,, اي هذا النوع من النصوص التي تتحول لحظة القراءة، الى مرايا تريني أحلامي، وخيالاتي المنسية, لأنها تتكشف لي كحقائق اولية تحاول لغة الخطاب السائد تغطيتها من خلال تلبيسها بالتسميات المزيفة.
ربما اكتب لطلبتي في الجامعة ولكل الناس خارجها, في التدريس الجامعي لذة تتولد من عمليات التواصل الفكري مع ذوات تشبهني,, اذ كنت في نفس المرحلة, أشعر بسعادة كبيرة حينما ألمس أثراً واضحاً لمحاضراتي في طلابي ومتلقي كلماتي, لكني أشعر برمال الإحباط تحاصرني إذا اكتشف ان الاغلبية منهم لن تقرأ رواية واحدة، او مجموعة شعرية، او عملاً فكرياً.
هناك البعض لديهم ثقافة جيدة احاول تنميتها وتعميقها، أما الأغلبية فهي ممن يبحث عن الشهادة لا عن المعرفة ولست متفائلاً لأن هذه النوعية ستضاف بالتأكيد الى ظاهرة (الأمية المقنعة) المتفشية في العالم العربي.
يقول ايضا: الأدب ليس مرآة للمجتمع لانه هو ذاته جزء من الظاهرة الاجتماعية والثقافية، وتاريخ الآداب العالمية يؤكد لنا ان الاعمال الادبية الأهم هي التي شكلت بينونة مفارقة لشروطها، الاجتماعية,, الثقافية, النص الادبي المتميز هو جمع مرايا متشظية لا تعكس الواقع بقدر ما تكشف المخفي, ومن هنا تلمسها لما هو عام وجوهري في الكائن البشري, الأديب والادب الذي لا يكون كذلك لا مشروعية لوجودهما إن وسيلة الأديب الاولى هي اللغة، اذ لا سلطة له على غيرها هي كل ادواته.
على العموم يضيف: لم يعد الكتاب او الكاتبة هي الأداة الوحيدة المتداولة بالنسبة للمعرفة فقد دخلت وسائل وتقنيات الاتصال الحديثة، كفاعل جديد ومهم في هذا السياق, الخوف لا يأتي من التقنية ذاتها وإنما من توظيفها في سبل نشرالثقافة التي تكرس التخلف وتحارب الوعي الجاد, وإذ تحول الكائن الى متفرج سلبي يستهلك ما يرى ويسمع دونما قدرة او رغبة في التدخل والابداع.
في حوار مقابل مع الدكتور علي عبدالقادر خطر لي ما كان قد قاله حول ذات الرؤية,, اي الابداع والكتابة ولمن؟
يقول: اعتقد ان الكاتب يتحمل مسئولية توجيه الرأي العام وتنويره,, وبالنسبة لي ليس ما اكتب مجرد نفثات قلم، بل أنني اخاطب عن سبق ترصد الناس في المجتمع، وأمنيتي ان تنال المتابعة والنقد فذلك يدل على التفاعل.
نعم لقد كتبت في صحف خليجية ومجلات عالمية ونحن بحاجة ماسة الى التواصل الفكري والثقافي الخليجي, ولتكريس هويتنا السياسية والاجتماعية والثقافية لقد كان دافعي للكتابة هو رصد اهتمامات المجتمع، لاطلاع المسئولين عليها، وكذلك نشر الفكر التربوي الحديث, وبلاشك ان الكاتب الذي يريد ان يطرح امورا هامة عليه ان يتحلى بالصبر على استيفاء جوانب اي موضوع يتناوله, منذ ان كنت في الصف الثالث الابتدائي اقبلت على القراءة والاطلاع, وكانت الجوائز التي تمنح لي هي الكتب! وكنت اطالع المجلات اللبنانية والبحرينية والسعودية وذلك في الخمسينات الميلادية, ثم بدأت امارس الكتابة في جريدة اليمامة ايام يرأسها الشيخ العلامة حمد الجاسر وفي صحيفة (اخبار الظهران) التي كان يصدرها عبدالكريم الجهيمان, ومجلة (الاشعاع) التي يصدرها الاديب سعد البواردي ثم انقطعت عن الكتابة وسافرت الى الولايات المتحدة لنيل الدكتوراه.
بعد عودتي بدأت اكتب بشكل متواصل في صحف المملكة وبخاصة صحيفة (اليوم) في الدمام ولي ابحاث منشورة في مجلات عربية واجنبية.
* وعن الكاتبة السعودية وأجواء الثقافة في المملكة كان رأيه أن المرأة السعودية الكاتبة، رغم مافي دربها من اشواك وأخاديد الا انها تحاول النهوض,, وقد برزت الى الساحة الثقافية باصرار وطمح وحققت نجاحاً كبيراً رغم المعوقات المحيطة بها، وفي التخلص من المعوقات انفتاح ثقافي للمجتمع كله, ان المرأة السعودية المبدعة تمتلك مقومات ثقافية عربية أصيلة، ولديها إمكانات عقلية فذة وطاقات ومواهب فكرية عديدة، ستجعلها في مكانة مرموقة لو تحقق لها البروز والتطور.
ان الاجواء في كل مناطق المملكة مهيأة لاحتواء ابداع مفكرينا من الجنسين, ان الفكر يجب ان يرحل ان يتنقل عبر الزمان والمكان حتى لا يخبو ويندثر ويأكل نفسه مع التكرار, لذا فإن ابداع مفكرينا ومبدعينا يجب ان يرحل خارج المملكة عربيا وعالميا ويجب ان نتحاور مع كل جديد يخاطب الفكر وان نتقبل منه ما ينسجم مع ثقافتناويجب ان ننبذ الخوف من الجديد ان نحاوره ونجادله بثقة وذلك من منطلق ثوابتنا الفكرية.
اما الأديب المبدع (الزهراني) فرأيه ان في المملكة حركة أدبية وفنية نشطة لكن فعالياتها محدودة بسبب عدم تداول النص الثقافي الجاد بشكل واسع لتفشي الأمية المقنعة كما قلنا سابقا، وبسبب هيمنة الثقافات التقليدية وعدم تطورها وعدائية ضد الجديد هذا رغم انتشار التعليم ونمو عمليات التواصل والتفاعل مع الثقافات الاخرى ورغم ازدياد اعداد الباحثين والمبدعين والمفكرين, ان مجتمعاتنا تمر بتحولات عميقة، وتطرح انجازات كثيرة تثري المعرفة المحلية والعالمية, ولدينا مجموعة من المبدعات والباحثات من نساء المملكة بدأ حضورهن في العقدين الأخيرين يضفي على المشهد الثقافي المحلي، أبعادا أكثر اتساعاًوتوازنا وجمالاً, لكني أزعم ان بيوت النحل المثبوثة في كل الطرقات وامام كتابة المرأة خاصة أكثر مما يتصوره الكثيرون, ان الحديث عن المرأة أشبه ما يكون بالحركة وسط حقل ألغام لأن الكثير من المعوقات مزروع امامها,, إن وضعية المرأة هي نواة اساسية في خطاب الايديولوجيا السائدة في اي مجتمع, في كل الاحوال فإنني أشك في صدقية خطاب الرجل عن المرأة, والى ان يأتي اليوم الذي تمتلك فيه المرأة حق الكلام عن نفسها ستظل تنتظر ذلك الهدف الحضاري البعيد, إن في مستوى تقنيات الكتابة واشكالها وجمالياتها لايوجد ادب نسائي وأدب رجالي, بل الفروق والتمايزات يمكن ان تظهر في مستوى طرح,,, ووجهات النظر حول بعض القضيا والظواهر، لأن اي كتابة تغرف من بئر معاناتها الخاصة.
وعندما تكتب المرأة فهي تصرخ وتتألم أولاً وقبل كل شيء تظهر معاناتها.
هكذا نجد ان عمليات الابداع والتواصل في جزيرتنا العربية وعبر خليجنا العربي يحتاج الى المزيد من عمليات التواصل والتكامل الثقافي والاقتصادي والسياسي, وأن يتوجه المثقفون الى نشر الوعي المعرفي بشكل أرحب وأن نزيل التهميش والزيف لنمتلك هويتنا الخاصة والمتميزة جداً,, لنكون نحن وليس غيرنا.
منى عبدالله الذكير
|
|
|
|
|