| المجتمـع
يعتبر سرطان الرئة من أكثر أنواع السرطان شيوعا خاصة عند الرجال، حيث يأتي في صدارة القائمة للسرطانات لديهم، بسبب شيوع التدخين عند الرجال أكثر من النساء، ولكن مع تزايد اعداد النساء المدخنات فقد اصبح هذا السرطان شائعا لديهن ايضا، هذا اوضحه الدكتور حسام الدين البين وقال ان سرطان الرئة يشكل ثلث الوفيات الناجمة عن مجمل الامراض السرطانية عند الرجال وسدسها عند النساء، ولنترككم تقرؤون تفاصيل اللقاء مع د, البين حول سرطان الرئة:
* هل صحيح ان تدخين السجائر من اكثر الاسباب المؤدية لسرطان الرئة؟
نعم ، يعتبر تدخين السجائر اكبر واهم العوامل المسببة لحدوث سرطان الرئة، حيث ان (95%) من المصابين بسرطان الرئة هم من المدخنين، خاصة اولئك الذين يدخنون كميات كبيرة من السجائر يوميا (20 40 سيجارة باليوم) ولمدة طويلة، وللأسف فإن ما يقارب من 90% من المرضى الذين شخّص لديهم سرطان الرئة غالبا ما سيتوفون خلال سنة واحدة من اكتشافه, وهناك عوامل مهنية نادرة قد تؤدي لزيادة حدوث سرطان الرئة نتيجة تعرض العمال الذين يمارسون تلك المهن لغبار بعض المواد الصناعية التي يصنعونها مثل إصابتهم بداء الاسبستوز (الأميانت), وتعرضهم لغبار الالمونيوم والزرنيخ، الكروم، الكلورميتيل,, الخ، حيث ان العمال في هذه المهن أكثر عرضة للإصابة بسرطان الرئة من الناس العاديين.
كذلك فإن بعض الامراض تزيد احتمال الاصابة بسرطان الرئة، مثل التهاب الحويصلات الرئوية التليفي، وتصلب الجلد او التصلب الجهازي.
* هل هذا الأمر ينطبق ايضا على تدخين الشيشة؟
نعم، حيث ان الشيشة تحوي مادة النيكوتين والقطران الموجودتين في السجائر وهما المسؤولتان عن الاضرار الناجمة عن التدخين، ولذلك فالحديث عن تدخين السجائر ينطبق تماما على تدخين الشيشة.
* ما هي الاعراض التي يشكو منها المريض عادة؟
لا يوجد اعراض نوعية خاصة لسرطان الرئة، ولكن اعراضه تشبه اعراض اي مرض رئوي آخر، ومن هذه الاعراض السعال المزمن الذي يسوء تدريجيا ويترافق مع وجود بلغم قد يكون قليلا او كثيرا.
وباعتبار ان المدخنين لفترة طويلة عادة ما يكون لديهم سعال مزمن مع بلغم (نتيجة إصابتهم بالتهاب القصبات المزمن)، فإن أي تغيير في صفات هذا السعال الموجود لديهم والبلغم المرافق تستدعي مراجعة الطبيب للتأكد من سلامة الوضع,, ومن الاعراض الاخرى الشائعة لسرطان الرئة ظهور دم مع البلغم، الالم الصدري، نقص الوزن، والتعب العام وضيق التنفس.
وهناك اعراض تنجم عن كبر الورم وضغطه للاعضاء المجاورة مثل حدوث بحة في الصوت او شلل حنجري نتيجة ضغط العصب الحنجري الراجع، كذلك حدوث شلل الحجاب الحاجز نتيجة اصابة عصبه.
كذلك هناك اعراض ناجمة عن انتقال السرطان للاعضاء المختلفة من الجسم، وذلك في المراحل المتقدمة (كانتقاله للدماغ، الكبد، العظام، والغدد اللمفاوية) حيث تظهر اعراض ناجمة عن إصابة هذه الاعضاء.
كذلك هناك اعراض خاصة ببعض انواع سرطان الرئة فورم بانكوست الذي يصيب قمة الرئة قد يؤدي لاعراض عصبية وعينية نتيجة ضغطه للضفيرة العصبية العضدية المجاورة له.
كما ان بعض الانواع من سرطان الرئة يفرز هرمونات مشابهة لهرمونات الجسم.
* ترى كيف يشخّص المرض؟
هناك وسائل عديدة متدرجة يلجأ إليها للمساعدة على تشخيص المرض، منها البسيط مثل صورة الصدر الشعاعية وفحص مجهري للبلغم لكشف الخلايا السرطانية فيه، وإذا لم تعط تلك الفحوصات تأكيدا للمرض وما زال الشك قائما فإنه يلجأ لفحوصات اعقد مثل اجراء منظار للقصبات واخذ عينات من المناطق المشتبه بها لفحصها تحت المجهر، كذلك إجراء التصوير المحوري المقطعي C.TSCAN والرنين المغناطيسي.
* ما هو العلاج ؟
تعتبر الجراحة الامل الوحيد للشفاء الكامل إذا اكتشف السرطان بشكل مبكر جدا، وكان من الانواع القابلة للاستئصال، ومع ذلك فإن النتائج النهائية الاجمالية مخيبة للآمال، فلحظة اكتشاف سرطان الرئة فقط 20% من المرضى يكونون مؤهلين للعمل الجراحي، ومن بين هؤلاء الذين خضعوا للاستئصال الجراحي فإن نسبة بقائهم احياء لمدة خمس سنوات لا تتعدى 25% (أي ربعهم فقط).
بالنسبة للعلاج الشعاعي فيتم اجراؤه للمرضى غير المؤهلين للعمل الجراحي، وهو علاج ملطف وليس شافيا، والعلاج الكيماوي يجرى لنوع واحد فقط من سرطان الرئة، والنتائج مخيبة جدا.
* وما هو الحل إذا؟
الحل الجذري هو بالوقاية من سرطان الرئة وذلك بالامتناع عن التدخين نهائيا وهذا ينقلنا لشاطئ الامان بإذن الله.
وبالنسبة للحالات القليلة والنادرة للعمال الذين يعملون في المعامل ويتعرضون للمواد الكيماوية التي ذكرناها، فالحل، أخذ الاحتياطات اللازمة اثناء عملهم لتجنب استنشاق غبار هذه المواد واجراء فحوص دورية شعاعية ومخبرية لهم.
وإذا نظرنا لموضوع إيقاف التدخين من كافة الاتجاهات نراه هو الحل الامثل.
فمن وجهة نظر دينية فإن معظم آراء فقهاء المسلمين تتجه نحو تحريم التدخين بالاعتماد على الحديث الشريف لا ضرر ولا ضرار حيث ثبت بما لا يدع مجالا للشك ضرر الدخان على المدخن وكذلك ضرره على الاشخاص المحيطين به (مثل عائلته واصدقائه في العمل) حيث احتمال تعرضهم لسرطان الرئة أكثر قليلا من الناس غير المدخنين، ولكن يبقى أقل بكثير من المدخنين انفسهم.
كذلك فإن الله عز وجل يقول في كتابه المجيد ولا تلقوا بأنفسكم الى التهلكة ولا شك ان الدخان هو احد دروب الهلاك.
ومن وجهة نظر اخلاقية: فليس من حق الانسان الحاق الضرر بنفسه، لأن ذلك سينعكس بشكل سلبي وسيىء على الاشخاص الذين يعيلهم، ان اصبح غير قادر على العمل وجلب الرزق, وكذلك ليس من حقه الحاق الضرر بالآخرين الذين هم بالاساس اقرب المقربين اليه (عائلته واصدقاؤه) وذلك بتعريضهم لدخان السجائر الذي ينفثه في جو الغرف التي تضمه وإياهم.
ومن وجهة نظر مادية: فإن المال الذي يصرف على شراء الدخان وفي المستقبل على علاج الامراض التي يسببها الدخان (سرطان الرئة، التهاب القصبات المزمن، امراض الشرايين الإكليلية والجلطات الدماغية,, الخ) يشكل جزءا لا يستهان به من مدخول المدخن الشهري (راتبه)، ولا شك انه من الاولى ان تصرف هذه الاموال على تحسين الوضع المعيشي للشخص نفسه ولمن يعيلهم خاصة في البلاد الفقيرة التي يكون الدخل الشهري للفرد غير كاف لتلبية المتطلبات الاساسية لحياة اسرته، فكيف إذا تم اهدار جزء منه على التدخين ومشاكله؟.
* يرى البعض ان أكثر العاملين في الوسط الطبي هم من المدخنين؟
قد يحتج بعض المدخنين بالقول ان بعض العاملين في الوسط الطبي الذين هم اكثر تبصرا وادراكا لمضار التدخين هم في الحقيقة من المدخنين، ولكننا نرد على حجة هؤلاء بأنه لا احد من الاشخاص الواعين يحاول الانتحار (على سبيل المثال) لأنه شاهد بعض الاشخاص يحاولون الانتحار، وكذلك فإن هؤلاء المدخنين العاملين في الوسط الطبي لن يستطيعوا ان ينقذوك إذا حدث واصبت لا سمح الله بالسرطان الرئوي او غيره من مشاكل الدخان.
بعض المدخنين الآخرين يحتجون بأن العديد من اقربائهم قد دخنوا لفترات طويلة دون حدوث مشاكل خطيرة لهم وماتوا بأسباب اخرى لا علاقة لها بالدخان، ونقول لهؤلاء هل هذا يعطيك ضمانا بأنك لن تكون ربما بالصدفة الضحية الوحيدة بينهم, وكلمة اخيرة نقولها للمدخنين إن كنتم تحبون انفسكم والمقربين منكم فاتركوا هذا الدخان حتى لا تلحقوا الاذى بمن تحبون لكي ترضون الخالق عز وجل.
|
|
|
|
|