| مقـالات
وكما توقعتم، فعنوان هذه المقالة ليس سوى اشتقاق محور من المقولة التاريخية:لا تأكل السمك وتشرب اللبن ، وهي مقولة لم تخدعنا طبيا لقرون وقرون فحسب، بل وأربكتنا نحويا! ولا تزال: أما خداعها الطبي فقد انجلى بإثبات العلم بأن أكل السمك وشرب اللبن لا يسبب فالجا ولا يفلجون! .
اما نحويا فلا يزال هناك بعض الحثاريب! المتوارثة منذ عصر سيبويه وابن ماسويه وباقي الشلة! وذلك بدليل تعدد أوجه! معاني الفعل تشرب حسب ما يعتريه من أعراض! النصب والرفع والجزم وكما يقول النحاة, ففي حال النصب، فالنهي هنا يكون عن أكل السمك في حال شرب اللبن كقولك: لا تأكل السمك شاربا للبن, أما إذا كان الرفع من نصيب هذا الفعل، فينحصر النهي على أكل السمك فقط وليس شرب اللبن فكأنك قلت هنا: لا تأكل السمك ولك شرب اللبن, أما في حال الجزم فيكون النهي عن الجمع بين السمك واللبن والذي، كما قلت آنفا، أثبت العلم الحديث بطلانه على الرغم من خداعه الغذائي! لنا منذ عصر سيبويه الفارسي!,, لقد كان من المفترض أن نحتفل غذائيا بأكل السمك حتى التخمة وشرب اللبن حتى الثمالة لولا أن حظنا التعيس الذي لا حظ له سوى التعاسة! قد بلانا! بدكتورة اسمها مريم نور آلت على نفسها إلى أن تبعث فينا ما اندمل واندفن تاريخيا من جراح وآهات حرمان من السمك ووحم! على اللبن, فها هي تعود إلينا بعد غياب عنا لما يربو على العشرين عاما في أمريكا لكي تخبرنا بأننا مجرد أجساد مؤكسدة مدمنة للتونة ومشتقاتها! , نعم! تأتينا الدكتورة مريم ممتشقة سلاح الرأسمالية المربح اقتصاديا: ألا وهو عامل الخوف! وما أدراك ما هو عامل الخوف Fear Factor : إنه عامل يعمل بقلة حياء! على استغلال قلة الوعي وضعف الانسان وخوفه من المجهول المخيف، فلا غرو إذن أن تساومنا مريم باسم الحنية! علينا وعيناها شاخصتان مبحلقتان باسم العلم طبعا في جيوبنا! فقط لأنها قد خبرت عوائد المقولة اليونانية القديمة القائلة:لولا الوهم لما عاش الأطباء! , إنه هذا الوهم وذاك الخوف اللذان أجبرانا على تقبلها بل وأخذها مأخذ الجد إلى الدرجة التي لم نحاول التأكد من سيرتها الذاتية العلمية هناك,, أو التساؤل، مثلا، لماذا غابت عنا سنين كنا فيها، في الحقيقة بحاجة ماسة إليها,, أو، على الأقل، سؤالها عن أسباب اختيارها الرجوع! إلينا الآن والآن بالذات وبعدما قُضي الامر وتغلغلت المبيدات بدمائنا؟!!
إن الدكتورة مريم أرادت أن تكون وفشلت! أن تكون رالف نادر ، ألا وهو ذلكم الأمريكي من أصل عربي الذي أخذ على عاتقه وما يزال مهمة تنوير المستهلك الأمريكي وبنجاح تام بخصوص أساليب الغش الرأسمالية في المأكل والمشرب والمركب والبيئة, إن الدكتورة وكما تقول لنا قد نجحت هناك ولكنها في الواقع لم تنجح هناك وحتما لن تنجح هنا, إنه من السهولة بمكان استشفاف فشلها هناك بمجرد تفكيك! صياغتها اللغوية نفسيا وذلك عندما قالت في مقابلة صحفية أنها قد عانت الأمرين من قبل الشركات الغربية وذلك بسبب ما بذلته من جهد جهيد يا عيني! على تنوير الأمريكيين تجاه غش وتدليس الشركات الغذائية المؤكسدة! للأرواح قبل الأجسام! هنا، بالمناسبة، لابد من الاشارة إلى أنه يوجد في المجتمع الأمريكي الآلاف غير! المؤلفة من خبراء الجسد والنفس! ومزيفي الوصل! بالموت والحياة غذائيا الساعين بكل ما أوتوا من جهد لبيع الكتب والمقالات والمنشورات فضلا عن البرامج التلفازية والاذاعية والانترنتية! , كل هذا، بالطبع، لأهداف باسم الصحة يوحدها عامل الطمع المادي! , إنها، في الحقيقة، سوق سوداء للابتزاز الصحي من خلال البلبلة والتهويل والتخويف، بل إنها مهنة تعج بالغريب والمتناقض وحسب مصلحة الأطراف الممُوِّلة والممُوَّلة! من علماء مزيفين تعوزهم الضمائر وشركات جشعة تخيفها الخسائر , فلا غرو، إذن، أن تقوم شركات عملاقة كشركات التبغ الأمريكية مثلا بتمويل مالا يعد ولا يحصى من البحوث العلمية! الساعية بدون خجل! إلى إثبات أنه ليس ثمة علاقة مؤكدة بين التدخين وسرطان الرئة!! وعلى نفس المنوال، فليس هناك للأسف ما يعيب في قيام المنظمات المعنية بالحفاظ على البيئة بتزييف الكثير من الدراسات البيئية المخيفة! والقاتلة! سعيا، بالطبع، إلى إثارة المواطن وكسب صوته السياسي إلى جانبها في حربها الضروس ضد الحكومات الغربية والشركات الصناعية كشركات المبيدات، وصناعة السيارات، والنفط وغيرها الكثير الكثير,, وفي النهاية، فالضحية لهذا التناطح! الرأسمالي والعبث باسم العلم هو المواطن البسيط! الذي يصحو في الصباح ليداهمه خبر أخطار القهوة على قلبه، ويستعد للنوم فيصله خبر سلامة قلبه من القهوة ، لينهض في فجر جديد ويجد الدور قد حل على ملح طعامه، فالماء,, وهكذا وهكذا,.
حسنا، يكفينا سردا وانشائية، فدعونا إذن نستعرض مع الدكتورة بعض التساؤلات العقلانية، على أن نكمل استعراض ما سوف يتبقى منها في المقالة القادمة:
في البدء، أود أن أسأل الدكتورة عن رأيها فيما تداولته وكالات الأنباء العالمية منذ اسبوع واحد فقط من اكتشافات علمية فيما يخص العلاقة بين الاسراف في تنظيف الخضروات والسرطان؟ كيف لها أن تعلل ما ورد في هذا الخبر الغربي من أن تنظيف الخضراوات الزائد عن حده يحولها إلى خضراوات مسرطنة؟ : حيث أن النظافة المرَضَية! للخضروات تقضي على ما زودت به بقدرة الله من مبيدات طبيعية هدفها الدفاع عن ما قد يهاجمها من بكتيريا قاتلة، مما بالتالي يحرم مستهلكها من قوة دفاعية ضد السرطان.
الغريب أن هذه النتائج العلمية تتفق تماما مع نتائج بحث قرأته إبان الدراسة في الخارج ولا يزال بحوزتي للعالم الأمريكي Bruce Ames تحت عنوان: ما هذا الضجيج تجاه المبيدات وقد نشرته مجلة Consumers Research عام 1990 الميلادية , فقد أشار مؤلف هذا البحث إلى أن الخضروات مزودة بآلاف الأنواع من المبيدات الطبيعية التي تعمل كسلاح مضاد ليس فقط ضد الأخطار الخارجية التي تتعرض لها، بل وضد ما قد يتعرض له الانسان المستهلك من أمراض سرطانية, إن هذه المبيدات الطبيعية تكافح آثار المبيدات الكيميائية وكما يقول مؤلف البحث، والذي يورد معلومة مفادها أن الفرد الأمريكي يستهلك باستهلاكه للخضروات ما يقارب من 1500 مليغرام يوميا من المبيدات الطبيعية وذلك مقارنة بما يستهلكه هذا الفرد بتناوله الخضروات كذلك من المبيدات الكيميائية غير الطبيعية والتي قدرت كمية ما يستهلكه الفرد الأمريكي منها من قبل منظمة الغذاء والعقاقير الأمريكية ذات الشهرة العالمية بما يقارب من 0,15 مليغرام يوميا: مما يعني أن الامريكي يستهلك من المبيدات الطبيعية الموجودة في الخضروات كمية قدرها عشرة آلاف ضعف ما يستهلكه من المبيدات الكيميائية، الأمر الذي يؤكد أن نظريات مريم المبيدية! ليست إلا مجرد خرطي بخرطي! .
,,, في مقالة الخميس القادم سوف نستعرض، إن شاء الله، المزيد من الدلائل العلمية لا لنؤكد بطلان نظرية الدكتورة بخصوص إبادة مبيداتنا لنا من خلال غذائنا! فحسب، بل ولنثبت سخافة من أعطى فضاءنا لهذه المرأة لتبث أوهامها علينا: أوهام ظاهرها الحرص والحنية! وباطنها الطمع بالفلوس من خلال زرع الخوف في النفوس! ,,.
* للتواصل: ص,ب 4206 رمز 11491 الرياض .
|
|
|
|
|