أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 1st August,2000العدد:10169الطبعةالاولـيالثلاثاء 1 ,جمادى الاولى 1421

مقـالات

كتاب: الإعلام في المملكة العربية السعودية
بقلم: د, عبد العزيز الخويطر
عندما يتصدى كاتب مرموق، له تجربة جامعية، وله مشاركة فكرية وخاض معترك الكتابة في المجال الذي يتقنه، ووقف حياته على السير في دروبه، تتبارى عنده الهواية، مع حب العلم الذي جعله مهنته، وفي توفر هذين العنصرين يُضمن بعد توفيق الله النجاح بأعلى درجاته وأوضح صوره.
وعندما يصدر لمثل هذا الكاتب كتاب، ويجد الانسان فيه تكامل الفكرة، وعمق البحث واستقصاء الجوانب، يحنق على الوقت إذا لم يتيسر لك أن يعطيه حقه من مبادرة القراءة، والأناة في هذا، لتكمل الفائدة، ويشعر أنه أدى حقا تجاه المؤلف الذي تعب وكد وكدح وعانى وقدم له مجهوده على طبق من بلّور، ومع هذا تحول دون تمتعه بما فيه ظروف العمل، وشواغل المنصب، ولا يعزّي الانسان أمام هذا التقصير إلا أنه يعلم أن أموره الخاصة تتراكم دون أن يجد الوقت لإعطائها حقها، وفيها المُلِحّ ، وفيها ما قد يفوت.
***
هذا ما قابلته عندما أهداني الأخ الدكتور عبدالرحمن بن صالح الشبيلي كتابه القيم الوافي المتقن أسلوبا ومعلومات وإخراجا وطبعا وترتيبا، ولم يكن هذا الاتقان مفاجأة لي، فأنا أعرف الدكتور عبدالرحمن مرتبا في كل شيء، دقيقا في كل ما يتصدى له، لا يملُّ البحث، ولا يهيب الاستقصاء، يعطي الاستشارة ثقلا يجعله في موقف واثق مما يضع على الورق، لأنه لم يترك وسيلة للتأكد مما وصل إليه من معلومات دون أن يغوص في بحارها، ويختار أغلى لآلئها.
ما كتب عن الإعلام في المملكة قليل، وليس منه ما جاء شاملا متتبعا لتاريخ الإعلام خطوة خطوة منقبا عن الأسس التي مرت بها كل حقبة، والأمور التي اثرت فيها، وكيَّفتها بالصفة التي هي عليها، وقد فعل هذا الدكتور عبدالرحمن.
الدكتور عبدالرحمن بدأ حياته في وزارة الإعلام، وأكمل دراسته في الإعلام، وعشق الإعلام عشقا يزداد يوما بعد يوم، وساعة بعد ساعة، لا يزاحم الإعلام عند الدكتور عبدالرحمن شيء, تعلقه به جعله يكتب حلقات متتابعة عنه، وعن تاريخه في الصحف، ولعله كان يستدر بهذا الملاحظات تمهيدا للعزم بإخراجها ضمن كتاب، وقد كانت هذه المقالات تنال قبولا من القراء الذين يقدِّرون هذا الجانب، وما كشف عنه في هذه المقالات ما لم يكن يتوقع.
وجاء كتاب الدكتور عبدالرحمن: الإعلام في المملكة العربية السعودية: دراسة وثائقية وصفية تحليلية وبه توافر للإعلام في المملكة موسوعة إعلامية لم تدع جانبا معروفا او يمكن ان يُعرف بالبحث والتنقيب، إلا سجلته، وفي مكانه المختار، وبالأسلوب اللائق به، ضمن خطة مدروسة ونهج منتقى مرتب, جاءت هذه الموسوعة في ثلاثة عشر فصلا، كل فصل يحمل في ثناياه ما يوفي عنوانه حقه، بدأ المؤلف بعد تقديم معالي الأخ الدكتور غازي القصيبي بمقدمة تلاها الفصل الأول وفيه المدخل التمهيدي للإعلام السعودي، وجال في حقائق البيئة والظروف والسمات، فأجاد وأمتع وجاء الفصل الثاني مهتما بالجهات الرسمية المعنية بالإعلام وفيه من المعلومات الوافية المفيدة ما يشع نورا على هذا الجانب المهم من الإعلام, وجمع الدكتور عبد الرحمن في الفصل الثالث ما يخص الإعلام الداخلي والخارجي والإعلام في الحج، معطيا نماذج لبعض الجوانب، ومحللا لبعضها، وكان نصيب الفصل الرابع الصحافة السعودية، وفي هذا مجال واسع للرواح والمجيء والتنقل بين تاريخ بدئها ونوعيتها وتأثير الأحداث العالمية عليها، ومطابعها ومؤسساتها، ودعم الدولة لها، مرافقا ذلك تحليل ونقاش يثري الفكر ويدعم الثقافة، ووجد الدكتور عبد الرحمن بحق، ان الإذاعة السعودية تستحق أن تستحوذ على الفصل الخامس، فجاء في هذا الفصل بمعلومات سوف يدهش لها المختصون، لما فيها من معلومات تعد جديدة على من لم يكن قام بالتنقيب والاستقصاء.
والفصل السادس أوقف بكامله للتليفزيون السعودي، وهو المنافس الأول للإذاعة، والذي شد الجمهور، وأثر في الناس، معلومات، وحياة، وأسلوب معيشة، أعطاه الدكتور عبد الرحمن حقه تاريخا وتطوراً وكنهاً، ومعلومات داخلية عاشها وواكب سير التليفزيون فيها، وكان له مشاركات في كل جانب من جوانبها، لوطنيته وعلمه وحماسه، ووقف نفسه على هذا الحقل المؤثر، وكان له برامج سنت في فن المقابلات سننا حميدة أصبح لها مريدون اليوم.
والفصل السابع عالج فيه أمر وكالة الأنباء، ولم يلمس فيها الا البداية والنمو، قراءة وتحليلا، والقراءة والتحليل عنصران مهمان في دراسته التي نتحدث عنها، ولم يطل الحديث فيها، لأن وكالات الأنباء العالمية، لكثرتها وتأثيرها لم تجعلها الوسيلة الوحيدة في الميدان السعودي، ومع هذا بقي لها مقامها وسمعتها في محيط المملكة لما تتسم به من الصدق، والبعد عن الإثارة، والمثابرة على سياسة تحكيم العقل وكلمة العدل والشرف.
والفصل الثامن لمس بإعجاب التعاون الاعلامي الخارجي سواء مع الإعلام في دول الخليج أو في مؤسسات الإنتاج الإعلامي فيه، أو الاتفاقات الثنائية، ولمس كذلك أموراً أخرى مع البلدان العربية الأخرى مثل وكالات الأنباء وغيرها, يتبع كل عنصر من العناصر التي عددها تحليل دقيق ومناقشة فكرية ناضجة.
والفصل التاسع تناول الإعلام والقطاع الخاص، ودخل في هذا الفصل الإعلان، والطباعة والنشر والإنتاج الإعلامي وشركات الأبحاث والتسويق ومجموعات الشركات.
والفصل العاشر تحدث عن دراسات الإعلام وأبحاثه، وأخذ التحليل حقه عندما تحدث الدكتور عبد الرحمن عن أقسام الإعلام في الجامعات السعودية، والتدريب في مجال الإعلام، والدراسات المتنوعة، وبحوث المدرسين، وبحوث الطلاب، وهو فصل مهم خاصة وأن الأقسام في الجامعات، وهي تدرس الإعلام، وتتابع المستجد فيه، سوف يكون لها الأثر الأول على مستقبل الإعلام، ونوعه، عندما يصبح الإعلام في يد خريجي هذه الأقسام، بتخصصه الدقيق، وبالوسائل الحديثة، التي تتطور يوما عن يوم بطرق مدهشة.
وفي الفصل الثاني عشر تحدث الدكتور عبد الرحمن عن وسائل الإعلام الأجنبية في المملكة، وهو فصل مهم، رغم قلة الصفحات فيه، لما فيه من معلومات وتحليل، ولمجرد أنه وضع له فصل سوف يكون له حق المتابعة للتطور في المستقبل في الطبعات القادمة.
والفصل الثالث عشر عنوانه: نحو فكر إعلامي سعودي جديد، جمع فيه عصارة فكره المبنية على ما سبق من معلومات, أبان فيه حصيلة الماضي، وما يتوقع أن يكون عليه مستقبل الإعلام بعد التغلب على العوائق مثل شح الموارد، والحاجة الى تطوير هيكل الإعلام، وإيجاد الصلة القوية بينه وبين المرافق الفكرية في البلاد.
***
كل هذه الفصول في كفة راجحة، ولكن هناك كفة مهمة تقابلها، وهي الملاحق التي هيأت للقارىء، بجانب المعلومات الاضافية، سهولة العودة والمراجعة لما قد يحتاج القارىء الى مراجعته، وقد احتوت هذه الملاحق على أهم الأنظمة الإعلامية، وعلى السجل السنوي للأحداث السنوية والمناسبات الإعلامية من عام 300ه الى عام 1420، ولنا أن نتصور الجهد المبذول في هذا الملحق، نتصور صعوبة الحصول على معلومات عن سنوات ليس فيها تسجيل رسمي، ولا أحياء يدلون بمعلومات موثوقة, واحتوت مراجع الكتاب على ما هو مفيد في هذا الحقل باللغة العربية والانجليزية.
هذه لمحة سريعة عن هذه الموسوعة الإعلامية الفريدة عن الإعلام في المملكة، سوف لا تستغني عنها مكتبة عامة أو خاصة، ففيها المعلومات وفي معلوماتها ثقة، وفي أسلوبها جاذبية، وفي لغتها سلامة، وحسن سبك، وفي منهجها حسن تخطيط وتنظيم وترتيب, فائدتها بصورتها القائمة كبرى،وسوف يكون اكبر منها ما سوف يضيفه المؤلف في الطبعات القادمة، إن شاء الله، وقد عرف الآن المسالك لجمع المادة، وعرف قيمة الخبر الإعلامي المفيد، مهما كان قصيرا، أو الحدث الذي لا يلفت النظر، فقد اصبح عنده اليوم ملكة ناضجة في هذا المجال تجعله قنّاصا يحسن الصيد، ويحسن ما يصنع بالمصيد.
ولم يبق إلا أن أهنئه على خدمة هذا الحقل المهم، وأدعو له بالتوفيق، والصحة والعافية.
26/4/1421هـ

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved