| الاخيــرة
لا أحسب أنني آتي بدعاً من القول أو زوراً حين أزعم أنه لا يكاد يخلو بيت في معظم كبريات مدننا وبعض صغارها وكثير من الطرق العالية الممتدة بينها من كارثة مرورية راح ضحيتها واحد أو أكثر من أفراد الأسرة، إما موتاً عاجلاً أو آجلاً أوعجزاً دائماً أو شبه دائم، أو جروحاً أو كسوراً تبرأ بالعلاج!
***
وأضيفُ إلى ذلك القول إن أهل بلادنا الغالية لا ينفردون بهذه الظاهرة المؤلمة دون غيرهم من الأنام، فلتجربة بلادنا نظيرات في معظم دول العالم بلا استثناء، تتحدّث عن رزايا مرورية تقتل وترمل وتيتم وتجرح البريء وغير البريء!
***
هذا يفضي بنا إلى قولٍ آخر، وهو أن حوادث المرور في هذا العصر المرزوء بالنوائب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، باتت تشكّل ما يشبه الكارثة، تفرز وقائعها أرقاماً فلكية من القتلى والجرحى والمعاقين! مما قد يعني أن مجتمعات هذا العصر الرديء تخوض غمار (حرب عالمية) من نوع آخر، سببها عبث العابثين، ممن لا يُحسنون التعامل مع السيارات وما في حكمها، خُلقاً وآلية وفناً!
***
وعلى صعيد آخر، ما أكثر أدبيّات الأمر والنهي الموجهة إلى سائقي السيارات من مواطنين ووافدين، ثم ما أكثر الحوادث التي تلتقط مشاهدها المريعة الأفئدة والأبصار، كل يوم وليلة خوفاً وردعاً، ثم يتلاشى أثرها في النفوس بعد حين في لجة التجاهل والتساهل والنسيان ليعود الروع مع كل حادث جديد قبل أن يلتهمه لهب النسيان!
***
حتى اسبوع المرور ,, الذي يتكرر سنة بعد أخرى، بات (عادة) يتعامل معها كثيرون بنمطية حسية ونفسية تغيب الوعي المراد من هذا الأسبوع، وتكون من بين نتائج هذا التغييب إما النسيان المسيَّر باللاوعي، أو اللامبالاة!
***
واليوم، أعود مجدداً للحديث عن المأساة المرورية في مدننا وقرانا بطرح عشر (لاءات) أقسّمها مناصفة بين المسؤولين عن المرور، والمتعاملين مع السيارة، املاً أن تفلح بعضها، فتقرع جرس إنذار,, أو توقد شمعة وعي، أو توقظ غفلة وجدان!
***
خمس (لاءات) للقائمين على المرور:
أولاً:
أ لا تستثنوا أحداً من المفرطين في الأمن المروري، رصداً وملاحقة وعقاباً!
ب ضعوا حداً لظاهرة (تعرف أحد في المرور) كي يهابكم الناس!
***
ثانياً:
أ لا ترتجلوا الحكم والتقدير في التعامل مع حادث ما، لئلا ينال أحداً حيف غير مقصود!
ب اجعلوا الجزاء على قدر الفعل,, بلا إفراط ولاتفريط!
***
ثالثاً:
أ لا تغيبوا عن الشوارع والطرقات العالية والعادية ساعات طويلة ليلاً أو نهاراً، ,, فوجودكم يردع العابث,, ويطمئن الخائف، وفي الوقت نفسه يسرِّع البت في الحادث,, كيلا يؤذى المتضررون منه مرتين!
ب إذا شاهدتم خللاً في شارع أو طريق عال يمكن أن يكون سبباً في حادث مروري، فأخطروا من بيده الأمر من بلدية أو مرور أو مواصلات، لإصلاحه، وكرروا التنبيه مراراً!
***
رابعاً:
أ لا تُغلظوا القول للمخالف، مواطناً كان أو وافداً، نبهوه بإحسان، شرحاً لخطئه، وتعريفاً له بحقوقه وواجباته.
ب ضعوا لوحات إرشادية بأكثر من لغة، فبلادنا تضم تعددية لغوية بين قائدي السيارات، كما تعلمون!
ج اهتموا بتحديد مسارات واضحة وثابتة للمشاة، وبخاصة الأطفال منهم والنساء، فاحترام حق عابر الشارع جزء من المعادلة الحضارية للمرور السوي!
د مارسوا ردعاً أفضل ضد الأحداث الذين يقودون سيارات بلا تأهيل ولا ترخيص! أشركوا ولي أمر القاصر العابث، حساباً وعقاباً!
***
خامساً:
لا تجعلوا توزيع (قسائم المخالفات المرورية) هدفاً يبتغى لذاته، فتغلبوا الشبهة على الحقيقة في موقف ما، ويكون السائق فيه ضحية حكم غير دقيق! قسيمة المخالفة المرورية وسيلة تقترن باقتراف خطأ فعلي، وبها يتحقق جزء من معادلة الاتباع لأوامر المرور ونواهيه!
**
خمس (لاءات) لقائد السيارة:
أولاً:
اتق الله، فلا تفرط فيما آتاك الله عبثاً، السيارة كغيرها، لها وجه نافع وآخر ضار، وأنت تملك القدرة على صنع الفرق بين الاثنين!
**
ثانياً:
أ لا تتعامل مع رجل المرور بصلف وغرور، وكأنه عدو لك مبين, حادثه برفق، وخاطبه بإحسان، فهو هناك من أجلك ولك!
ب لا تستفز رجل المرور بقول أو فعل، فقد يُسمعك ما تكره وهو له كاره! وتأكد أنك بالقول الحسن ترغمه على معاملتك بالمثل!
**
ثالثاً:
لا تنس ربط الحزام قبل الشروع في قيادة سيارتك، ونبه الآخرين معك إلى ذلك,,وإن كانوا من آلك، فكرر القول عليهم إلحاحاً!
**
رابعاً:
لا تهمل الفحص الدوري لعربتك، وقبل أن تبدأ رحلة ما، تفقد بإصرار إطاراتها والجوانب الآلية والميكانيكية الأخرى لها، كي تطمئن على سلامة ادائها عبر مشوارك, وتذكَّر أن كثيراً من الحوادث المرورية القاتلة تنجم عن انفجار الإطارات في الطرق الطويلة، خصوصاً إذا كان المناخ حاراً والسرعة عالية!
**
خامساً: (اللاء) الخامسة تحمل أكثر من نصيحة:
أ لا تسر في الطريق مرحاً,, كأنه لك وحدك دون سواك! احترم الآخرين أمامك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك!
ب لا تستخدم النور العالي عبثاً خصوصاً في الليل لتؤذي به قائد العربة أمامك كي تتجاوزه، هناك أكثر من وسيلة تصون كرامتكما معاً لبلوغ المراد!
ج لا تخترق إشارة المرور وهي حمراء، لأن ذلك خطأ فادح قد تدفع حياتك,, ثمناً له، وقد يصبح آخرون سواك ضحايا ذلك الخطأ!
د وأخيراً,, لا تسرع لأن الدمار أسرع!
وصحبتك السلامة أينما ذهبت أو حللت!
عبدالرحمن بن محمد السدحان
|
|
|
|
|