أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 31th July,2000العدد:10168الطبعةالاولـيالأثنين 29 ,ربيع الثاني 1421

الاقتصادية

رأي اقتصادي
حراج المستشفيات
د, محمد اليماني *
أصبحت المراكز والمستشفيات الطبية الخاصة تتنافس فيما بينها على الإعلان عن ما تقدمه من خدمات حتى غدت مثل محلات البقالة والمطاعم فالكل لديه قائمة باسماء السلع والأطباق والخدمات الطبية التي يقدمها والى جانب كل صنف هناك الأسعار وربما صاحب ذلك تحفيضات موسمية أو سحب على سيارة كما هو حاصل فعلاً في أحد المراكز الطبية الخاصة, وأصبح الكثير من المستهلكين يفاضلون بين مستشفى وآخر بناء على السعر أو على التخفيضات والعروض المقدمة، وذلك طبيعي جداً بالنسبة للمستهلك الذي لا يملك معايير أخرى للحكم على جودة الخدمة التي يرغب في شرائها.
وتستغل كثير من المراكز والمستشفيات الخاصة هذه النقطة وتصطنع لنفسها معايير تفرضها على المستهلكين فتقدم مثلاً إعلانات براقة من نوعية أقوى وأحدث شيء في العالم وآخر ما وصل إليه العلم الحديث في مجال كذا أو تعلن عن زيارة الاستاذ في الجامعات الأمريكية في تخصص كذا أو وصول الاستشاري المتخرج من الجامعات الأمريكية.
ولا ندري هل يدرس الأول في كل الجامعات الأمريكية أو تخرج الثاني من كل الجامعات الأمريكية!! ويتطور الأمر عندما يعلن أحد المستشفيات عن وصول رائد جراحة كذا وهو مجرد طبيب عادي في تخصصه وفي بلده وفي هذا مغالطة واضحة وتغرير بالمستهلكين, وهذه السلوكيات والتي ربما تكون مقبولة الى حد ما في بعض الأنشطة التجارية إلا أنها مرفوضة تماماً عندما يتعلق الأمر بحياة الناس وصحتهم والتي لا يمكن أن تكون مجالاً للمتاجرة، كما أن هذه الممارسات تتنافى مع أبسط مقتضيات الأمانة التي تحملها الأطباء, وليس من قبيل المبالغة القول أن هذه الدعايات بهذا الكم الهائل وبالأساليب المستخدمة تسيء الى القطاع الصحي الخاص في المملكة بشكل كبير, وذلك لأن هذه الإعلانات وطريقتها لا تتفق مع المعايير في الدول المتقدمة الموضوعة للإعلان عن خدمات المؤسسات الطبية والتي لا تسمح للجانب التجاري بان يطغى على أخلاقيات المهنة بل إن هناك دولاً تمنع أنظمتها الإعلان بتاتا المتعلق بالخدمات الطبية التي تقدمها المؤسسات الطبية وذلك حفاظاً على حرمة ومكانة مهنة الطب وعلى مصداقية منشآتها الصحية والارتقاء بها عن أن تكون محل مزايدات.
وهنا يأتي دور الجهات الحكومية المختصة والتي يتعين عليها مراقبة هذا الجانب ووضع ضوابط للإعلانات المتعلقة بالخدمات الطبية المقدمة عن طريق القطاع الخاص يراعى فيها خصوصية هذا النشاط وحماية المستهلك من الابتزاز والاستغلال، وأيضاً حماية المراكز الطبية الجادة التي تحرص على تقديم خدمة طبية مناسبة تحترم من خلالها مهنة الطب والأمانة المنوطة بها والتي تنأى بنفسها عن اتباع هذه الأساليب, ولعل من أهم الأمور الواجب مراعاتها في هذا الجانب التأكد من الالتزام بالصحة والدقة والبعد عن المبالغات وعدم الإعلان عن الأسعار أو وضع قائمة الخدمات التي يقدمها المستشفى أو المركز الطبي, وتشترك الصحف ووسائل الإعلان الأخرى في تحمل المسؤولية فلا تسمح بنشر الإعلانات التي لا تستند على الواقع أو تتضمن استغلالاً للمستهلك أو تتوسع في نشر هذه الإعلانات بشكل مبالغ فيه يجعلها تبدو في نظر القارئ وكأنها حراج للمستشفيات والمراكز الطبية الخاصة, ومن المؤسف ان الحال وصل الى هذه المرحلة في بعض الصحف المحلية فقد نشرت صحيفة محلية في عدد واحد تسعة إعلانات لمؤسسات طبية متنافسة محورها الدعاية لإحدى الخدمات التي تقدمها هذه المؤسسات.
* قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية جامعة الإمام محمد بن سعود

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved