| الاقتصادية
التنمية تعني الازدياد والتكاثر والتطور، وتنمية اقتصادية تعني العمل على زيادة الدخل القومي، وجميع أهداف التنمية لها بعد إنساني يرمي إلى خدمة التقدم الاجتماعي وتحسين مستوى شروط حياة المجتمع وتقدمه,, والدولة هنا مسؤولة عن تقدم المجتمع عن طريق زيادة دخل الفرد وتطبيبه وتعليمه وإيجاد خدمات تساعده على أن يعيش حياة طيبة تليق بإنسانيته وتحفظ له دوره وكرامته في المجتمع.
هذا وعلى الإنسان في المجتمعات الحديثة المتقدمة دور كبير، حيث يتم استخدام الطاقات الكامنة لديه لإحداث تغييرات جذرية في الأبنية الاقتصادية والاجتماعية وتقوم عناصر الإنتاج المختلفه بدورها الاجتماعي الإنساني للخروج من دائرة الفقر والتخلف للوصول إلى النمو المتكامل الذي يجعلها تحيا حياة سعيدة.
وعلى أية حال فإن المرحلة التي تنشدها الدول هي مرحلة النضج الاقتصادي واتباع الخطوات التي سارت عليها كثير من الدول، وعبرت من خلالها مراحل الركود التجاري والكساد الاقتصادي، وهي الآن تعتبر قدوة ونماذج لأمثلة التطور في العالم مثل الولايات المتحدة الأمريكية ودول غرب أوروبا واليابان.
إن الظروف الاقتصادية والثقافية والاجتماعية هي التي تشكل نسيج التقدم والتطور، وتلعب دورا رئيسياً في قوة حركة المجتمع,, إن التنمية في دول الخليج العربية (دول مجلس التعاون بالتحديد) تواجه معوقات عديدة ومختلفة,, وبتقديري إن المعوقات الثقافية هي أحدها، وخاصة تلك المتعلقة بالموروثات السلبية وبالتحديد التي كسبناها في فترة الطفرة النفطية,, مرحلة المجتمعات المرفهة.
إن التنمية الاقتصادية والانتقال إلى صفوف المجتمعات المتطورة تتطلب من أفراد المجتمع العمل والانضباط والتخطيط، وترك العادات السلبية المكتسبة والبعيدة عن تعاليم ديننا الحنيف الذي يحث على العمل، ويحارب التكاسل ويدفع إلى السعي لاكتساب الرزق والالتزام بالوفاء والصدق وحماية المال العام والتكافل والتعاضد بين أفراد المجتمع.
إن التنمية لا تتم عبر العمل في الدوائر الحكومية والتكدس في مكاتبها وأروقتها، الأمر الذي يؤدي إلى تعطيل الطاقات ويزيد النفقات خارج إطار الإنتاج الحقيقي ويعطل إمكانات العنصر البشري الذي نأمل أن يقود عجلة التنمية.
لقد كسبت شعوب الخليج العربية بعض أشكال الإعاقة خلال سنوات تدفق النفط ووفرة عائداته وهي بحد ذاتها أنماط لسلوكيات Attitudes لكثير من الأفراد وخاصة من الجيل الجديد أذكر بعضها:
الشعور بالعظمة والتعالي.
النظرة الدونية للأعمال اليدوية.
التسيب.
الاتكالية.
عدم حب العمل والنزعة للراحة.
النزعة الفردية.
التفاخر والمباهاة.
الانفعالية السريعة.
حب المباراة في المظاهر والإغراق في الشكليات.
التردد وعدم أخذ المبادرات.
الميل لعدم الالتزام في النظام.
حب الأعمال المكتبية.
هدر الوقت وعدم الاكتراث بقيمته.
الإفراط في الاستهلاك.
إذا كانت البصمات السلبية واضحة على تلك الفترة وانعكاساتها على أفراد المجتمع فإن تغيير المفاهيم الخاطئة والعادات الضارة باتت أمراً لابد من تغييره لخلق العنصر البشري المنتج والقضاء على الاختلالات الهيكلية في أسواق العمل، وإعادة المجتمع إلى قيمه وتقاليده العريقة التي تقدر قيمة العمل وتحترم الجهود المبذولة فيه.
إن العنصر البشري في دول الخليج مطالب اليوم بالقيام بدوره في اكتساب المهارات وتسخير العلوم والتكنولوجيا المعاصرة من أجل التنمية والعمل على عملية إحلال شامل لتوطين الوظائف وتغيير ما كان سائداً، حيث قامت تنمية اقتصادية اجتماعية بعيداً عن الاعتماد على جهود العناصر المحلية، مما حرم العناصر المحلية من كسب المهارات الفنية والتقنية التكنولوجيه، وأثر على تقدمهم وفقدانهم السيطرة على تكنولوجيا الإنتاج المحلية وحرمانهم من قاعدة إنتاجية قادرة على النمو بشكل مستقل.
إننا مطالبون اليوم بتغيير تلك المفاهيم التي أدت إلى إطلاق البنك الدولي تعريفاً لشكل العمل في دول الخليج العربية تحت مسمى (العمالة العاطلة,, أو العمالة الترفيهية).
إن خلق البيئة المناسبة والملائمة لتحقيق التنمية يتم عبر المشاركة الفعالة للعناصر البشرية المحلية وتحقيق ذاتها قمة التنمية.
* رئيس المركز العربي للاتصال والعلاقات الدولية .
|
|
|
|
|