أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 31th July,2000العدد:10168الطبعةالاولـيالأثنين 29 ,ربيع الثاني 1421

الثقافية

في ندوة بالقاهرة
شاعر الكوخ محمود حسن إسماعيل,, ومحاكمة الرومانسية
شيخ النقاد د, عبدالقادر القط: الرومانسية رؤية جديدة للواقع وليست هياماً في وادي الخيال
** القاهرة مكتب الجزيرة عثمان أنور
في احتفالية موسعة عقدت مكتبة القاهرة الكبرى مؤخراً ندوة في ذكرى رحيل شاعر الكوخ محمود حسن اسماعيل الذي يعد احد رواد الحركة الرومانسية في الشعر العربي الحديث، تحدث فيها شيخ النقاد الدكتور عبدالقادر القط والناقد فاروق خورشيد والشاعر فاروق جويده والاذاعية سلوان محمود ابنة الشاعر الراحل، وحضرها حشد كبير من الشعراء والادباء والمثقفين.
اكد د, عبدالقادر القط في كلمته ان شاعر الكوخ محمود حسن اسماعيل من الرواد القلائل الذين انجبهم الشعر العربي على مر العصور وهو ينتسب الى الحركة الرومانسية التي اصبح لها مفهوم مختلف عن حقيقتها في منظور الحداثة الحالية، فأصبحت الرومانسية مفهوماً مغلوطاً يتصور فيه ان الشاعر يهيم في وادي الخيال غير مرتبط بالواقع والحياة، ولكن هذا مفهوم خاطئ فالرومانسية لدى محمود حسن اسماعيل كانت رؤية جديدة للواقع وان التناقض مع هذا الواقع دفعه للبحث عن المثل العليا، وهذا اقتضى البحث عن صورة جديدة غير الصورة الكلاسيكية السائدة في شعر شوقي وحافظ والبارودي، ومن يقرأ ديوان اغاني الكوخ يرى انه مشروع كبير يجعل الضحى يعشق الجمال ويعطف على البؤساء ويعبر عن متناقضات الحياة.
واضاف د, القط ان الشاعر محمود حسن اسماعيل انشغل كثيراً بالطبيعة وارتباطها بالقضايا الانسانية والشخصية وامتلك في ذلك ذخيرة لغوية كبيرة، والمعاني الشاعرية في ديوان اغاني الكوخ تحمل النزعة الرومانسية التي تتسم برؤية جديدة في الشعر العربي وبناء جديد للاسلوب ولغة بليغة لم يملك ناصيتها غير محمود حسن اسماعيل حيث تمثلت الرصانة الحديثة في اسلوبه من خلال البحور الطويلة المركبة التي سيطر فيها على لغته واحساسه فجاء شعره دقيقاً هامساً.
مقارنة
ويرى القط في شعر محمود حسن اسماعيل ملامح القدرة على التنوير بنزعة رامزة كان الشاعر قائدها ويعقد مقارنة بين شاعرين في نفس الجيل هما ابراهيم ناجي ومحمود حسن اسماعيل في موضوع واحد هو الانتظار فيقول ناجي في قصيدته انتظار


تعال فلم يعد في الحي سار
وهدمت المنازل بعد وهن
وران على نوافذها ظلام
وقد كانت تطل بألف عين

ويرى القط ان هذه التجربة محدودة بمفهوم الحب والعلاقة بين المحبين خالية من الآفاق الرحيبة واما قصيدة محمود حسن اسماعيل وهي بعنوان الانتظار التي يقول فيها:


انتظرني هنا مع الليل اني
انا في صدرك المحطم سر
هكذا قالت الشقية والليل
على صدرها انين وشعر

فيرى القط انه الانتظار الثائر العميق، وان الحب في هذه القصيدة مجرد منبر بصورة غير مباشرة، انطلق من تجربة خاصة الى تجربة عامة، ويؤكد القط في نهاية حديثه ان شاعر الكوخ استطاع ان يحفر اسمه على جدار الزمن.
من جانبه اكد الناقد فاروق خورشيد ان شاعر الكوخ لم يهتم طوال مسيرته الادبية بالحداثة او الزيف الذي يلف الحياة الثقافية، فقد كان ممثلاً لعصره ولكل الشباب والكهول تعرفت عليه وكان دائم الصمت دائم التأمل، وكنا شباباً نحلم بالثورة والتغيير فوجدنا لديه التجديد والفكر المستنير والرؤية الموضوعية المتقدمة، وشعره يدل تماماً على اعتزازه بكرامته ورؤيته لقضايا العصر واحلام الشباب.
وتحدث خورشيد عن دور محمود حسن اسماعيل في تخطيط البرامج الثقافية في فترة من فترات حياته حيث كان يشغل احد المناصب الاذاعية مؤكداً انه كان احد الاعمدة الاساسية التي قامت عليها النهضة الاذاعية فيما يخص البرامج الثقافية التي كانت تقوم على قراراته وخططه، كما كان لشاعر الكوخ الفضل في ظهور الاصوات الجديدة في ذلك الحين مثل صلاح عبدالصبور ونازك الملائكة وعبدالوهاب البياتي واحمد عبدالمعطي حجازي وفاروق شوشه وغيرهم، فمن خلال المناخ الادبي الذي اتاحه محمود حسن اسماعيل من خلال الاذاعة اتاح الفرصة لكل الاصوات والاتجاهات، وقد تحمل في سبيل ذلك شطط البعض ودافع عن حرية آرائهم ببسالة وشجاعة.
قامة شاعرية
وتطرق الشاعر فاروق جويده للحديث عن علاقته بشاعر الكوخ قائلاً انه خرج من عباءة محمود حسن اسماعيل ويعتبر نفسه امتداداً له بصورة اخرى وقال جويده: اعترف انه لم يوجد شاعر أثر في تكويني بقدر ما اثر الشاعر محمود حسن اسماعيل، فعندما رحل كنت اخطو خطواتي الاولى في عالم القصيدة وسعيت الى اسرته وتعرفت على افرادها وبعد سنوات فوجئت بصديق يقدم لي هدية وهي قصيدة مسجلة بصوت محمود حسن اسماعيل في اذاعة الكويت، وقد اعتبرت هذا وساماً على صدري.
واضاف جويده: انه اذا حسم الموقف الشعري بين اثنين فاني اعتبر ان اهم اثنين في تاريخ الشعر العربي الحديث هما امير الشعراء احمد شوقي، ومحمود حسن اسماعيل فهو اكبر قامة شاعرية بعد شوقي ودليلي على ذلك انه لم يكن نبتة مهجنة فاذا تأثر بعض الشعراء بالغرب فهو لم يتأثر بأحد وظل نخلة صعيدية نبتت على النيل واعطت ثماراً شهية تميزت على كل الثمار, وعن عدم امتداد شهرة وذيوع محمود حسن اسماعيل قال جويده: ان هناك علاقة بين الشعر والحظ الذي لعب دوراً مع بعض الشعراء ودوراً ضد البعض الآخر، وشاعر الكوخ رغم انه علامة بارزة في تاريخ الشعر العربي يعد واحداً ممن وقف الحظ ضدهم وليس معهم.
ويؤكد جويده بأن الكثيرين خرجوا من عباءة محمود حسن اسماعيل، وكان صاحب الفضل الاول في صنع صورة جديدة طازجة وغير مطروقة من قبل وتميز بالصدق الفني، وكان شامخاً زاهداً في زمن تحكمه العلاقات العامة فهو يذكرنا بالعقاد والسنباطي فهم تركيبة نغمية واحدة في الزهد وامتاع الناس بالرقي والجمال ودفع الثمن لانه كان قامة شامخة في زمن لم يعترف بالقامات الكبيرة فلم يدخل شاعر الكوخ في خنادق أيدلوجية او تعصبات فبقي محتفظاً بالجمال والمثل العليا حتى مات غريباً عن وطنه في الكويت, واختتمت الندوة الاذاعية سلوان محمود بإلقاء بعض من قصائد والدها الشاعر الراحل خصوصاً من ديوانيه اغاني الكوخ، وهكذا اغني.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved