أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 31th July,2000العدد:10168الطبعةالاولـيالأثنين 29 ,ربيع الثاني 1421

مقـالات

ردة فعل
سماعك بالمعيدي خير من أن تراه
شاكر سليمان شكوري*
المثل الموغل في القدم ينطبق اليوم على الأغنية العربية,,بعدما غزانا الغرب فيما غزا من صرعاته بنظام الفيديو كليب الذي انخرط كثير من المطربين في تسجيل (ألبوماتهم) على أساسه المشوه.
فإذا ساقك حظك العاثر أن (تشاهد) أغنية صوّرت بهذا النظام فسوف تفاجأ بأنه ما تكاد الموسيقى تدندن حتى تظهر مجموعة من الفتيات الحسناوات تملأ الشاشة لا لتشكل - كما اعتاد الجمهور- جوقة غنائية تردد بهرمونية بعض (اللازمات) مع المطرب،وخلفية فنية بالصوت والصورة،بل يشرعن في التمايل بدلال،والرقص بخلاعة، والتنطيط بدون مناسبة,,ولأنهن فضلا عن ذلك يلبسن ما يشف وما يصف فإن الأنظار بالطبع تنصرف عن المطرب أو بلغة الفن (يسرقن الكاميرا) ومعها عيون المشاهدين,,بينما يظهر المطرب وكأنه (كمالة عدد) ويتحول من (بطل) الى مجرد (كومبارس),, وتتلاحق الأبصار وراء الراقصات الفاتنات,,ويتحول المشروع الفني الى وجبة اغراء انثوي,.
لقد شهدت الأغنية انتكاسة حين تحولت الأسماع الى اللحن تطرب له دون تمييز لما يقوله المطرب الى حد ان شاعرا كبيرا علق على اولئك الشباب الذين يتعشقون بعض الأغاني الى درجة الهوس ليل نهار,,وتحداهم ان يغيِّبوا سطرين من أغنيتهم المعشوقة!!
وبينما نسعى لترقية الكلمة المغناة وترقية الذوق العام للعودة بالمشروع الغنائي الى طريقه الصحيح فوجئنا بمن يحاول أخذ السرب الى زيف جديد,, ولا أسمي الفيديو كليب إلا تزييفا لان الطرب الأصيل،او هو-على أكثر الفروض تسامحا- محاولة (فاشلة) من المطرب لتغطية قصور يستشعره في نفسه,,لكن الرياح تأتي دائما بما لم تشته السفن،فانصرفت الجماهير الواعية عن اولئك الذين سلكوا درب ذاكالكليب ,,.
وفي لقاء فضائي مع أحد مشاهير الأغنية العربية استمعنا الى مداخلة يقول صاحبها للمطرب انه كان أنيسه ليل نهار لا تفارق أشرطته سيارته، حتى دخل المطرب عالم الفيديو كليب فخرجت من حياة المُداخل شرائط المطرب.
الغريب في الأمر ان المطرب اعترف بأنها نزوة وقد تراجع عنها،واعلن انه عاد الى نمطه القديم،وانه يرتب لألبوم جديد تمثل مجموعة أغانيه حكاية ، وهو نوع من التجديد نحمده للمطرب،كما نحييه على شجاعة الاعتراف بالخطأ والعودة الى الصواب,,والشيء اللافت للنظر ان اولئك المطربين الذين هرعوا الى هذا النظام لم يدركوا معنى ان يزهد فيه الراسخون في الفن الغنائي,, فمحمد عبده وطلال مداح- على سبيل المثال- لم ينزلق أحدهما الى الرمال المتحركة،لأنهما أدركا-بالموهبة الفطرية وبالاستشعار عن بعد- ان هذا النظام هو كالألعاب النارية التي لا تكاد تبرق وتفرقع حتى تموت على الفور,,او هو كذكر النحل تفنيه لذة العشق,,إن مفهوم الطرب الراسخ في وجدان هذين العملاقين هو مثلث أضلاعه:المفردة المنتقاة،واللحن المبدع،والأداء الصادق،ولعل هذا المثلث ينطبق تمام الانطباق على ما ذكره سيدي الأمير الشاعر والفنان المبدع خالد الفيصل في لقائه المرئي علىالمستقبل مؤخرا حين اعلن ان محمد عبده هو الفنان الأكثر صدقا وإبداعا في التعامل مع كلماته, وهذا ما رفع محمد عبده وطلال وأمثالها ممن تمسكوا بالأصول في مجال الغناء الى مصاف العالمية,.
فريق العازفين عن الغواية متواضع العدد لكنه فخم في قيمته,, أما الفريق الآخر فهو الأكثر قعقعة على الساحة لكنه-غالبا- بلا طحن,, فهل يعود الغاوون الى رشدهم؟! أم تصبح الأغنية كالمعيدي الذي تسمع به خير من ان تراه؟!.
* وكيل إمارة منطقة عسير المساعد

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved